في انتظار العهد الجديد

*قبل أكثر من مائة وعشرين يوماً، كان شباب السودان يُضربون ويموتون في شوارع الخرطوم، كبتاً للمظاهرات، وكان حينها الكثير من قيادات الحركات المسلحة يجوبون شوارع الدول الأوربية وينعمون بالامن والرفاهية.

*أربعة اشهر مضت، والعديد من الأسر السودانية تتوشح الحزن على فقد أبنائها الذين قدموا حياتهم في سبيل ثورة ديسمبر، والآن بعض القيادات تطالب بالمناصب، وهم لم تتغبر أرجلهم في شوارع الخرطوم ولم يتذّوقوا طعم “البمبان”.

*بعد ان فرح الشعب السوداني بالاتفاق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، توقف هذا الفرح بعدم التوقيع على الإعلان الدستوري، وازداد الأمر تعقيداً بعد خروج بعض الأطراف من قوى إعلان الحرية والتغيير، واتجهت بعض الأنظار صوب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لتفاوض بعض من حملوا السلاح في وجه الإنقاذ.

*وعند صباح كل يوم، يترقب البسطاء من أهل السودان أن ينعموا بالاستقرار الاقتصادي وتهبط أسعار السلع في الأسواق ويتمتعوا بأموالهم في البنوك “المحجوزة” منذ عهد الإنقاذ، لكن كل هذا لم يتحقق حتى الآن.

*أسوأ ما في عهد الإنقاذ كثرة الحركات المسلحة وتعدّدها والتي كان يُنادي جلها بالعدل والمساواة بين جميع أهل السودان، ولكن للأسف نفس هذه الحركات التي حملت السلاح تحت شعار”التهميش” تريد الآن أن تهمش البعض بمطالبهم بمناصب في الحكومة الانتقالية.

*الحكومة الانتقالية التي ظل الشعب السوداني يحلم بها منذ الحادي عشر من يناير من أجل إحداث الاستقرار الاقتصادي والتمتع بخيرات بلادنا، يريد البعض أن يجلس على رأسها، ومنهم من يقود حركة وغيره يرأس حزباً، هل هذا منطق؟.

*حسناً.. الفترة الانتقالية يا سادة هي الفترة التي يجب أن يجلس على رأسها الكفاءات من أبناء السودان، وليس من حملوا السلاح أو ترأس حزباً سياسياً، وهي الفترة التي تجهز فيها الحكومة الانتقالية للانتخابات الحرة والنزيهة التي ينادي بها الجميع ليصبح حكم السودان “مدنياً بإرادة الشعب واختياره.

*ما يدور في أديس من مفاوضات ربما تُقرّب الطريق لفترة الأشهر الستة التي وُضِعت للسلام، ولكنها بأي حال من الأحوال لن تكون مفاوضات لجلوس زيد على كرسي رئاسة الوزراء أو عبيد على الخارجية.

*الشعب السوداني سئم من التطويل، وهو يزداد ضغطاً يوماً بعد آخر في معاشه، والبعض لا زال يُفاوض من أجل اقتسام كيكة السلطة دون أن يبدي تعاطفاً مع البسطاء “المطحونين” بأسعار الأسواق.

*يتفاوضون في القاعة الفارهة في أديس، ومحمد أحمد لا يستطيع شراء كيلو طماطم من أسواق الخرطوم والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

*يجب أن يفكر الجميع “مجلس عسكري وقوى سياسية وحركات مسلحة” في الشرائح الضعيفة التي تكتوي بنيران أسعار الأسواق في كل يوم، وغلاء المعيشة وشُح السيولة، يجب أن يفكروا في هذا الشعب الصامد والصابر على المعاناة سنوات طوالاً، وهو الآن ينتظر أن ينعم بالخير الوفير الذي تتمتع به بلاده.

*نسأل الله أن ينتهي هذا المسلسل المُمِل في حكم السودان لنشهد عهداً جديداً ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرخاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى