مدير إدارة مكافحة المخدرات لبنى يحيى لـ(الصيحة): المخدرات وصلت مرحلة الانفجار

 

– لا تخلو أسرة من وجود مدمن
– بعض طلاب الأساس يتعاطونها وتفشت بكثافة وسط البنات
– فحص المخدرات أصبح إلزامياً للطلاب الجدد
– نسعى لإنشاء مستشفيات خاصة لعلاج الإدمان
– التزام السودان بالاتفاقيات الدولية التزام جزئي

تعتبر إدارة مكافحة التبغ والمخدرات بوزارة الصحة ولاية الخرطوم من الإدارات التي أنشئت في العام ٢٠١٧م، استناداً على قانون مكافحة التبغ للعام ٢٠١٢م، وبذلت مجهودات كبيرة في العام ٢٠١٨م، اعترفت به منظمة الصحة العالمية. وأسند إليها ملف مكافحة المخدرات في نهاية العام 2018م، واعتبر المختصون أن القرار جاء متأخراً.
لأهمية الملف ودور الوزارة فيه جلست (الصيحة) إلى مدير إدارة مكافحة المخدرات لبنى يحيى وخرجت بهذه الحصيلة.
حوار- أم بلة النور
ما هي تلك المجهودات التي اعترفت بها منظمة الصحة العالمية؟
هي عبارة عن ضبط المواصفات الخاصة بالتبغ ونسبة النكوتين والقطران ثاني أكسيد الكربون، تلك المواصفات لم تكن معروفة في السابق وكان التبغ السوداني يشبه بالحشيش. كما تم الالتزام بالصور التحذيرية على عبوات التبغ وهي من ضمن السياسات الـ(6) لمكافحة التبغ الخاصة بمنظمة الصحة العالمية، السودان موقع على الاتفاقية الإطارية للعام 2005م.
-هل السودان يلتزم بالاتفاقيات الدولية كافة؟
الالتزم لا يكون بصورة كلية، ولكن يتدرَّج حسب البنود، لأنها كثيرة والالتزم بأهم بند وهو منع الدعاية للتبغ وتقليل عرضه عن طريق رفع الضرائب، ومن البنود -أيضاً- حماية القُصَّر.
-كيف يتم حماية القُصَّر من تعاطي التبغ والمخدرات؟
من خلال منع بيع التبغ أمام المدارس والأماكن التي يوجد فيها من هم أقل من 18 عاماً، من خلال الرقابة التي تفرضها الإدارة.
-هل إدارة مكافحة التبغ والمخدرات قادرة على فرض تلك الرقابة بنسبة (100٪)؟
إذا قلنا إنها قادرة نكون في دائرة المبالغة، لأن هناك ظروف كثيرة تحول دون عمليات المراقبة وهي معروفة لدى المواطن وهي تتمثل في الإمكانات والآليات إلى جانب الوضع الأمني للبلد.
-نعود إلى ملف المخدرات متى أُلحق بالإدارة؟
ألحق لها في نهاية العام 2018م، وما قبل ذلك مكافحة المخدرات كانت المسؤولية المباشرة لوزارة الصحة ولم تكن لديها الميزانية الخاصة بذلك.
-ألا تري أن قرار إلحاق ملف المخدرات لوزاوة الصحة تأخر؟
تأخر كثيراً جداً، وفي الأصل وفي كل العالم المخدرات هي مسؤولية وزارة الصحة، واللجان الخاصة بها تترأسها وزارات الصحة، إلا في السودان، ونتساءل لماذا لا يترأس وزير الصحة تلك اللجان.
-ما مدى الانعكاسات السالبة على تأخر القرار؟
كانت هناك انعكاسات سالبة كبيرة جدًا وواضحة في الخدمات العلاجية الخاصة بعمليات الإقلاع عن الإدمان، فضلاً عن الميزانيات في السابق كانت مخصصة لجهات أخرى، مثل اللحنة العليا لمكافحة المخدرات، وأمانة الحكومة التي كانت تتولى ذلك الملف.
-الآن على ماذا تشتمل الميزانيات وهل هي كافية؟
ليست كافية، بل ضعيفة وحتى الآن لم تعد ميزانية خاصة لملف المخدرات، رغم ذلك نضع في الحسبان التوعية، والعلاج وتدريب الكوادر وغيرها من مهام الإدارة رغم عدم وجود ميزانيات مخصصة للمخدرات.
هل لازلات الميزانيات معدومة؟
الآن نحن مقبلين على العام ٢٠٢٣م، كإدارة وضعنا خطة متكاملة في إطار تخصيص ميزانية لهذا الملف، ونحن في وزارة الصحة دورنا يتركز على التوعية وتشاركنا فيها جهات كثيرة من أهمها المنظمات ونرسل لهم صوت شكر، كما أن دورنا -أيضاً- محصور في العلاج، وهي من أهم الأدوار بعد الوصول لمرحلة الإدمان يحتاج المدمن للعلاج وليس التوعية وكَما ذكرت لك.
إن الملف جاء متأخراً والبلاد كانت تمر بظروف صعبة ولم تستعد عافيتها حتى الآن.
-إلى أي مرحلة وصلت المخدرات الآن؟
للأسف الشديد وصلت مرحلة الانفجار ولا تخلو أسرة من وجود مدمن وهذا الانفجار الكبير حرَّك الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة الصحة ولابد من وجود حل لهذه المشكلة.
ما حجمها؟
حجم المشكلة كبير جداً تخطى الجامعات ووصل مدارس الثانوي ومرحلة الأساس ولا يخلو الصف الثامن -سابقاً- والثاني متوسط -حالياً- من بعض المتعاطين، وتفشت بصورة واضحة وسط البنات بصورة كبيرة جداً ومزعجة، ومن هنا انتهز الفرصة وأناشد الأسر بضرورة فرض رقابة دقيقة على الأبناء.
انتشارها وسط البنات أين تمكن الثغرة؟
لابد من الحديث عن هذه الثغرة بكل وضوح دون تحفظ حتى نجد الحل، لذلك فإن الظروف الاقتصادية التي أدت لخروج جميع أفراد الأسرة للعمل وبدورها أضعفت من دور الرقابة نتيجة للغياب الأسري التام، فالمجتمع السوداني لم يعد متماسكاً كما في السابق، فضلاً عن عدم فاعلية القوانين والرقابة من قبل الدولة أدت لانتشار المخدرات.
ذكرتم أن من مهام الإدارة خفض الطلب وتقليل العرض كيف يتم ذلك ما هي الآليات؟
خفض الطلب يتم عن طريق زيادة التوعية ورفعها وتكثيفها، بصورة روتينية من خلال برنامج ثابت في سبعة مراكز بولاية الخرطوم بواقع مركز لكل محلية، أما تقليل العرض فهو من اختصاص الأجهزة الشرطية والأمنية وندعوهم لمزيد من التحرك ومزيد من تفعيل القانون.
-ما هي الشراكات الأخرى لتفعيل دور الوزارة؟
مع منظمات المجتمع المدني المحلية والمنظمات العالمية ولها دور كبير وهي تعمل بصورة أفضل من وزارة الصحة، لأنها تمتلك الميزانيات تسمح لها بالتحرُّك لتنفيذ البرامج، وندعو المجتمع كافة من لديه القدرة للعمل في هذا المجال الدخول ومد يد العون، حتى الآن أصبح المجال استثماري فيكون المستثمر أفاد البلد وأفاد نفسه.
-ألا توجد شراكات مع وزارات التعليم؟
بالطبع هناك شراكة مع وزارة التربية والتعليم العام ووزارة التعليم العالي، إلى جانب الشؤون الدينية ووزارة التنمية الاجتماعية.
حديثنا عن آخر مسح ميداني قامت به الوزارة لمعرفة حجم مشكلة المخدرات والفئات..الخ؟
كما ذكرت -آنفاً- أن الملف جاء للوزارة متأخراً، لذلك نحن -الآن- في إطار الإعداد، وسوف يتم تنفيذ المسح الشامل في الربع الأول من العام القادم، وأي تدخلات لابد أن تكون مبنية على قراءات ودراسات.
-نأتي لأهم نقطة وهي الخدمات العلاجية بشقيها المؤسسات والأدوية؟
هناك مستشفيات خاصة بالصحة النفسية بصفة عامة وليست مخصصة لعلاج الإدمان مثل: التجاني الماحي وطه بعشر، لذلك -الآن- نحن في إطار تخصيص أقسام لعلاج الإدمان وهي لا تحتاج لوقت طويل، لأن المستشفيات موجودة وكذلك الكوادر تحتاج فقط لقليل من الجهود، وهناك خطة ولكنها تحتاج لدعم كبير جداً والدعم الحكومي لا يستطع تغطية هذه الخطة، لذلك ناشد منظمات المجتمع المدني كافة وكل الجهات التي ترغب في المساهمة في هذا الجانب عبر مشروع صندوق دعم مكافحة المخدرات وهو منوط به إنشاء مراكز للعلاج، وحالياً نحتاج لثلاثة مراكز كبيرة للعلاج في كل من: بحري والخرطوم وأم درمان.
من خلال القراءات العامة ماهي أبرز الفئات التي تنتشر فيها المخدرات؟
لم تعد المخدرات تتسم بفئة محددة كما في السابق مثلاً وسط الفقراء أو غير المتعلمين أو وسط المجمتع المنحل أخلاقياً نتيجة التفكك الأسري -الآن- أصبحت على أعلى المستويات، إذ أضحت وسط الأغنياء والفئات المتميزة أكاديمياً، وسط أسر محافظة على درجة عالية من المحافظة، ولكن يقع الأبناء ضحايا لشبكات المخدرات.
نعود مجدَّدًا لقضية العلاج معروف أن أسعاره مرتفعة هل تدعم الوزارة علاج الإدمان؟
علاج الإدمان يحتاج لتنويم وعلاج وتكاليفه مرتفعة جداً، ولا تستطيع شرائح المجتمع كافة تحمُّل تلك التكاليف، لذلك لابد من توفير خدمة علاجية مجانية.
هل هذا يعني أن الوزارة تدعم العلاج وما هي نسبة هذا الدعم؟
نحن لم نقل إن الوزارة تدعم العلاج، لكن لديها مستشفيات صحة نفسية تعد وتؤهل تلك المستشفيات لتستقبل حالات الإدمان، وبدأنا في مشروع كبير جداً وهو إدخال علاج الإدمان ضمن خدمات الرعاية الصحية الأولية، وتوفير كادر في كل مركز صحي للاكتشاف المبكِّر لحالات الإدمان. وكذلك سوف يتم إنشاء مركز داخل كل الجامعات الحكومية وإدخال الكشف الإجباري لتعاطي المخدرات ضمن استمارة الكشف الطبي للطلاب الجدد، يستمر الفحص كل ستة أشهر لجميع الطلاب وهذا يساعد في عمليات الاكتشاف المبكِّر لأنه -أيضاً- يساعد في عمليات العلاج وكذلك يساهم في إبعاد مدمن عن بقية الطلاب، فضلاً عن تنفيذ برامج التوعية وتنفيذ القوانين من قبل مبعوث من وزارة الصحة، وتم تنفيذ ذلك المشروع في كل من جامعة الخرطوم والنيلين وأفريقيا العالمية، وكذلك السودان العالمية، وسوف يتم تنفيذ البرنامج بنسبة (70٪) خلال العام القادم .
-أين المدارس من تلك الخطة؟
نعم، المدارس مستهدفة من خلال حملات توعوية كبيرة، وكانت هناك منظومة المعلم المدرسي هو معلم يتلقى دورات تدريبية في عدة مجالات من ضمنها مراقبة سلوكيات التلاميذ واكتشاف الحالات والتعامل معها وهي غائبة -حالياً- وسوف نستعيد تلك المنظومة.
أخيراً ماذا عن تدريب الكوادر في ظل تلك الميزانيات الضعيفة لدورهم في التوعية والعلاج؟
نعم، هناك مجهودات في دعم الباحثين النفسيين خلال الربع الأخير من هذا العام وهم يعملون في عمليات الاكتشاف المبكِّر، والإرشاد النفسي والسلوكي التأهيل، لأن علاج الإدمان يحتاج للعلاج الدوائي والسلوكي.
كلمة أخيرة؟
أكرر وأعيد لابد من حضور الأسرة، لابد من زيادة الرقابة على الأبناء، لابد من معرفة من حولهم للحفاظ عليهم وإبعادهم من أصدقاء السوء، لأن من المؤسف أن تجد تلميذاً في الصف السابع يتعاطى تبغاً أو سجائر، ومن المؤكد تتطوَّر الحالة وتصل للمخدرات، أين الأسر من كل ذلك؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى