ومشينا مشي مششن مششا

لا أدري ما الذي حدث فعلاً لنحوّل أنظارنا والتطلعات نحو (أديس أبابا) بعد أن كنّا نرتقب (كورنثيا) القريبة جغرافياً والدانية القطوف أملاً وتفاؤلاً..أي نصيحة لـ(قحت) تلك التي أدارت وفقها بوصلتها لتقوم بتأجيل المفاوضات مع المجلس العسكري للتوجّه لمقابلة الحركات المسلحة, الحجة التى احتجوا بها للرأي العام حول التأجيل أنهم ينوون إجراء مشاورات داخلية للتوافق على رؤية موحدة حول الاتفاق, بينما كان الناس على جمر انتظار اتفاق شارع النيل، أطلّ علينا وجه عمر الدقير ليقول ـ بلا سابق إنذارـ “أنا مُتوجّه إلى المطار للذهاب إلى أديس أبابا لمقابلة ممثلي الجبهة الثورية السودانية”.

ما الذي ستمنحه الجبهة الثورية للمشهد في موازين الربح والخسارة, فلنقل معهم إن تلك المفاوضات مهمة وضرورية ولصالح وقف الاقتتال وإعادة السلام .. ولكن لماذا تتوقف المفاوضات هنا ..تحفظات الثورية لن تكون آخر التحفظات، فهل سنتماهى مع كل اعتراض ليتطاول أمد الانتظار…

الانسحاب إلى الأمام عادة مهزومة وطريق مجربة الحيلولة دون دفع المستحقات اللازمة.. لا يمكنك أن تنتصر دون الدخول إلى الـ (90) دقيقة.. اللعب خارج الأشواط لن يمنحك الانتصار وإنما هو عرق الـ (90) دقيقة…. والحرية والتغيير تخاف جدًا من الـ(90) دقيقة.. تريد أن تكسب قبل بداية الـ(Game) ترغب وهي تُجري عملية الإحماء أن ترى في لوحة (الاسكور) النتيجة 6/صفر لصالحها..

لن تنتصر في معركة لم تخضها ولم تبذل فيها عرقاً وجهداً، ولن تربح إن لم تغامر، يقدر الجميع أن المهام الانتقالية شائكة ومُعقّدة وسيعذرونكم في تعثراتكم وبعض الخسارات، لكنهما لا يسامحونكم في هذا التردد المتطاول والتسويف والمطاولة.. ولتتعلموا من الترابي وهو يدفع أنصاره إلى الغيب المجهول جسارةً وثقةً بالنفس:

(ادخلوا  عليهم الباب فإنكم غالبون)

خليكم من دا كلوا لماذا نقف جميعاً على رصيف الانتظار.. البلد كلها مُعطّلة بلا داعٍ، ولنبدأ على سبيل المثال بالأزمة المرورية الخانقة والغريبة التي تعيشها الخرطوم ..أين ذهب رجال المرور.. هل تمت إحالتهم جميعًا للصالح العام ام هل توقّفنا عن دفع رواتبهم في انتظار انتهاء المفاوضات وتشكيل الحكومة الجديدة،  ما الذي يمنع تواجدهم والقيام بدورهم في تنظيم المرور وحسم الفوضى و(الكسر) اللحظوي لإشارات وعلامات المرور … لا أعتقد أنها محتاجة لحكومة جديدة.. ندفع لهم ليتواجدوا وليساهموا في تطبيق القانون…القانون سارٍ ولم يتم تعليق العمل به، فلماذا نُحيل حياتنا إلى هذه الناحية من الرهق والعنت والمعاناة (وأصلاً هي ما ناقصة..)

لماذا نتخلى عن مشوار مهم لأن (السماء شايلة) .. فلتبرق وترعد ولتمطر بينما ننجز مهامنا، الأعذار صناعة الفاشل المتشائم الذي يرى صعوبة في كل فرصة ممكنة، بينما الناجح المتفائل  يرى فرصة في كل صعوبة.