شاكر رابح يكتب: من فش غبينتو خرب مدينتو

مفارقات

شاكر رابح

من فش غبينتو خرب مدينتو

مما لا شك فيه أنّ الأيام المقبلة سوف يشهد فيها المسرح السياسي السوداني شتاءً ساخناً خلاف المعتاد، وقد يحدث هذا الشتاء انقلاباً على الرتابة السياسية السائدة منذ ثورة ديسمبر المجيدة في العام ٢٠١٩ ومن خلال الحراك السياسي للقوى السياسية بما في ذلك حراك الإسلاميين فيما يسمى مليونيات الكرامة وعودة السيد محمد عثمان الميرغني زعيم طائفة الختمية واختيار السيد جعفر الميرغني رئيساً لقوى الحرية والتغيير والتحركات الماكوكية للآلية الثلاثية، عطفاً على هذا الحراك، بات الجميع أسرى مجبرين ومكرهين على السير في اتجاه التوافق على التسوية على قرار الحد الأدنى الضروري للقضايا المشتركة والمتوافق حولها للقوى السياسية.

تصريحات الفريق اول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة لدى مخاطبته ختام ملتقى الإدارات الأهلية لولايتي غرب وجنوب كردفان الذي تحدث فيه عن ضرورة فرض هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار، موجهاً بضرورة وضع حد للقتال والنزاعات بكل ولايات السودان، وأكد أن المشاكل القبلية زادت بنسبة عالية بعد التغيير. وأضاف القائد أنه سوف يدعم التسوية السياسية الجارية حالياً من أجل إنقاذ السودان وقالها بالحرف الواحد “إنني أدعم التسوية السياسية في البلاد لأنها الحل لأزمتنا”، مؤكداً استحالة إعادة السودان الى ما قبل العام ٢٠١٨ في إشارة لقطع الطريق أمام حزب المؤتمر الوطني حتى لا يكون جزءاً من تفاهمات أو تسوية قادمة.

في حقيقة الأمر، إن الواقع السياسي “الشتوي” ساخنٌ ومتلهبٌ وينذر بشر مستطير، حيث زادت حدة الخلافات وطغى خطاب الكراهية على حساب خطاب التسامح والتوافق، ويجب أن تؤخذ رسائل حميدتي على أساس التهوين وليس التهويل، وهي بلا شك استشعارٌ لخطورة الكارثة وآثارها ودعوة لخلق واقع سياسي جديد يدفع باتجاه حل الأزمة السودانية عبر الحوار والتفاهم ومواجهة التحديات بالحسم اللازم ونبذ خطاب الكراهية. وفي تقديري، إننا نعيش في ظل ظروف وتعقيدات تهدد أمن واستقرار ومستقبل السودان، وليس ببعيد تلك الدول التي مرت بتجارب التغيير مازالت تترنّح وتتخبّط عقب ثورات الربيع العربي ولا نستبعد تحولها لدويلات صغيرة ومتفرقة، والسودان ليس استثناءً ولا يعيش في جزيرة معزولة في حال استمرار الصراع بين الفرقاء السودانيين.

لذلك من الأفضل أن تدرك القوى السياسية مجتمعة وتستشعر خطورة الصراع والخلاف والتشفي والغرر كمهددات للتحول الديمقراطي المدني، وأن تأخذ في الاعتبار تحذير حميدتي من خلال المثل الذي أورده “من فش غبينتو خرب مدينتو”، بالمقابل على المكون العسكري ضرورة التفكير بجدية وتقديم التنازلات المطلوبة للمساعدة في الخروج من عنق الزجاجة الضيِّق، والمطلوب الآن من الجميع وأعني بذلك القوى السياسية الوطنية ضرورة ابتكار حلول توافقية بعيداً عن لغة التهديد والوعيد والتفكير خارج الصندوق من أجل مصلحة البلاد العليا وتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى