محمد علي التوم من الله يكتب: رئيس الوزراء المكتف!!

كلامتير

محمد علي التوم من الله

رئيس الوزراء المكتف!!

في إحدى البلدان الخلافية التي ابتليت بكثير من الأزمات والصراعات والاختراقات والتدخلات الأجنبية، والتي انقسمت كياناتها الطامعة في كراسي الحكم الى أحزاب ذات أيديولوجيات متباينة، متنافرة، معادية لبعضها البعض، ومليشيات وحركات مسلحة لا تؤمن بغير القوة والسلاح حلاً لبلوغ أهدافها المعنية، ومكونات عسكرية وأخرى مدنية ومهنية تحمل رؤى ومبادرات تحلم بأنّ فيها الحل والخلاص، (قبل أن يقع الفأس على الرأس)، تلك المكونات المذكورة وغير المذكورة قررت أن تهدئ اللعب كما هو معروف بلغة الكورة، بعد أن تعبت من  كثرة الخلافات والتشاكسات والتصريحات، وبعد أن فطنت أخيراً لحالة البلد الذي (فات وفات وفي ديلو مليون أزمات).

أخيراً و(بعد خراج روح) رأت الاتفاق على حكومة كفاءات.

لكن العقبة الكؤود التي جعلت مشكلاتها (شك الدود)، أنّ فئة قليلة (كجارية) لا يعجبها العجب، ولا الصيام في رمضان ولا رجب، طعنت في تزكية أي شخصية مقترحة، لأنها تعلم أنّ الاستقرار لا يقدم لها مصلحة، وهي بذلك ما يهمّها ويرفع قدرها أن تعيش البلاد في حالة من الفوضى الخلاقة، فهي في هذا المناخ  قوية عملاقة، وعدوّها الأول أن تصل الأغلبية الصامتة في ذلك البلد المنكوب إلى صناديق الانتخابات، والصناديق وحدها هي التي تحق الحق وتفضح العيوب.

وفي ذلك البلد الذي ذكرنا آنفاً، اتفق الفرقاء وكل وزير في تلك البلاد أو والٍ، تسبقه كلمة (مكلف).

ولغتنا العربية الساخرة من لا يحترم الدقة في معانيها، تستبدل حرف أي كلمة بحرف يوازيها، فمثلاً قد تستبدل حرف اللام في مكلف بحرف التاء لتعطي  المعنى الصحيح الذي يزاوله المكلف بدون عناء.

ورئيس الوزراء ذاك إن هو قبل بالتكليف، واستعد للتكتيف، ستكون حباله (مفتولة) لتحقيق مآرب كل الفصائل المألوفة التي وافقت عليه، ويستعد للحملات المُضادة من تلك التي اختلفت عليه.

وجرت العادة في تلك البلاد أن يقيد الزمن المقترح بحبل من تيل قابل للقطع والتعديل، للمدة الوهمية فيما يسمى بالفترة الانتقالية، أما إذا أراد رئيس الوزراء أن يكون نزيهاً وحصيفاً، ولا يتدخّل في شؤون القضاء ولا يسيِّس الخدمة المدنية لأيٍّ من الذين وافقوا عليه من الفرقاء، فإنه بطبيعة الحال لن يستطيع مهما بلغ من الدهاء، وأيضاً إذا فرفر المكلف حتى لا يكون مكتفاً في أن يكون حازماً في من يختاره في فرقته الماسية من الوزراء لبرنامج الإصلاح في قوة ومضاء، فإنّ عليه أن يستقيل أو يستقيل.

وفي تلكم البلاد أيضاً إذا أراد رئيس الوزراء المكلف حتى لا يكون (مكتفاً) أن يعمل حسابا للتدخلات الأجنبية، فعليه أن يكون في صلابة  عمر بن خطاب، ودهاء عمرو بن العاص، وحكمة علي بن أبي طالب.

مهمة رئيس الوزراء الجديد في تلك البلاد مهمة جد عسيرة، تلك البلاد الغنية الفقيرة، غنية بثرواتها وطيبة أهلها وكوادرها المؤهلة المهمشة، وللأسف مجمدة كأنّها مسحورة وهي الأخرى (مكتفة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى