خِلافَات وعَقَبَات التفاوُض.. سيناريو يَتجدّد

الخرطوم: أم سلمة العشا

خِلافَات وعَقَبات تَحُول دُون توقيع المجلس العسكري الانتقالي وقِوى إعلان الحرية والتغيير، في الوُصُول إلى اتّفاقٍ مُرضٍ يَقُود لتشكيل الحكومة المَدنية كمطلبٍ وخيارٍ شعبي، ظلّ يُردِّده الشارع السوداني، ومثلت أمر الحصانة لأعضاء المجلس السيادي عقبة كؤوداً لأطراف التفاوُض، الأمر الذي رفضته قِوى إعلان الحرية والتغيير رفضاً قاطعاً، بجانب خلافات أخرى تتعلّق بصلاحيات المجلس السيادي ومجلس الوزراء، وتكوين المجلس التشريعي، وبالرغم من الاتفاق السياسي الذي تمّ توقيعه بين الجانبين، والذي يمثل تمهيداً للتوقيع النهائي تَظل النقاط الخلافية باقيةً كما هي لم تتضمّن الاتفاق السِّياسي، والسُّؤال الذي يفرض نَفسه، هَل سَيتم تجاوُز تِلك الخِلافَات؟

عَقَبَة الحَصَانَة

الاتّفاق بين المجلس العسكري وقِوى إعلان الحرية والتغيير، أصبح يمثل مدخلاً لاستكمال الجانب الدستوري، الذي يضم النقاط الخلافية كافة، والتي على رأسها الحصانة، والذي يؤسس لهيكلة المرحلة القادمة، وبالرغم ممّا تمّ من توقيعٍ للاتفاق السياسي، إلا أنّ التحفظ على النقاط الخلافية يكون جزءاً من التّغيير أثناء المُمارسة، كما أنّ التّحفُّظات تُؤخذ كنوعٍ من تأجيل المُعالجات، لذلك يَرَى المُحَلِّل السِّياسي عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) أنّ التّحَدُّث عن الحصانة الإجرائية طوال الفترة السابقة للرئيس السابق عمر البشير إبان توليه السلطة رغم مُطالبة المحكمة الدولية الجنائية بتسليمه، لكنّها كَانَت تَحترم وجوده بالسُّلطة، غير أنّ الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة قال عن مسألة الحصانة، إنها إحدى عقبات التفاوُض، بجانب اختيار رئيس القضاء ورئيس النيابة العامة، وهي مسائل يتم الاتّفاق عليها وفقاً لتوقيع الوثيقة الدستورية، وأشار أبو شامة إلى تخوُّف المجلس العسكري من عدم وجود حصانة، حَال تَمّ توجيه اتّهام له بشأن الأحداث التي حَدَثَت والتي من بينها فَضّ الاعتصَام، وقال إنّ الحصانة فيها أنواع حصانة إجرائية وهي لا تمثل مُشكلة كبيرة، في حَال شَغل المنصب وتَوجيه تُهمة للمسؤول يتم رفعها عنه تماماً، أما الحصانة القوية إذا كان المسؤول في السلطة وتم توجيه اتّهام له تكون سارية المفعول ولم يُخضع للمُحَاسَبَة إلا في حال الانتهاء من العَمَل، في المُقابل كَانَت هُناك مُطَالَبَاتٌ من قِبل قِوى الحُرية والتّغيير تتعلّق بموضع النيابة العامّة وتبعيتها إلى وزارة العدل ورئيس الوزراء وأن يتم تعيين أفرادها من قِبل وزير العدل.

عقبات تعترض!

ما زالت العقبات تعترض مسار العملية التّفَاوُضية بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير، ومثلت صلاحيات المجلس السيادي إحدى العقبات التي ما زالت تقف سداً منيعاً بين الجانبين، وفي هذا الصدد قال خاطر، إنّ صلاحيات المجلس السيادي هي وقائع دستورية تحكم المرحلة الانتقالية وتُحَدِّد صلاحية الحكومة والمجلس السيادي وستتم مُعالجتها، في ناحية نظام الحكم، غير أنّ أبو شامة أكّد أنّ من صلاحيات المجلس السيادي، تَعيين القُضاة ورئيس النيابة العَامّة وهذا ما ترفضه قِوى الحُرية والتّغيير، كما أنه يقع ضمن مسؤولية الوثيقة الدستورية، وأشار أبو شامة إلى أن الأطراف ينتظرون مُفاوضات صعبة النوع، مُمثلةً في الوثيقة الدستورية، وأوضح أنّ المجلس له بعض التّحفُّظات، وأنه مُتخوِّفٌ من عدم وجود ضمانات حامية له تتعلّق بمسألة الحصانة التي تقيه شّـــرَ الاتّهامات جَرّاء الأحداث وفضّ الاعتصام.

تَفاؤلٌ وحَذرٌ

تفاؤلٌ عَمّ المشهد السوداني صبيحة أمس، يوم التوقيع على الاتفاق السياسي، باعتباره تمهيداً للتوقيع النهائي يشمل الاتفاق الدستوري الذي يمثل أكبر العقبات، إزاء ذلك كانت التّحذيرات والمَخاوف تسود بعض المُراقبين للشأن السوداني من عقباتٍ تَعترض التّفاوُض حول الوثيقة الدستورية، حيث تُشكِّل عقبة المجلس التشريعي التي تم إرجاء تشكيله بعد مُرور ثلاثة أشهر من التّوقيع على الاتفاق المُبرم بين الجانبين، حَيث يرَى خاطر أنّ تَشكيل مَجلس تَشريعي في المراحل الانتقاليّة التي مَرّت على السُّودان، والمُحَدّدة بسنةٍ واحدةٍ، كما أنّ الترتيبات لم تَكن بها كثير من التّعقيدات، بجانب الضغوط الدولية التي تُمارس في تلك الفترة، بجانب الوعي الإقليمي المحلي بالحُقُوق والتي بلغت مُستوىً عالياً من أن ينهض في شَكل التّداول اليومي، غير أنّ أبو شامة رأي أنّ تشكيل المجلس التشريعي مُهمٌ جداً في المَرحلة الانتقاليّة، ففي حَال حَدَثَ خِلافٌ في المَجلس السِّيادي ولم يتم الاتّفاق عَلَى شئٍ، يجب اللجوء إلى المَحكمة الدَّستورية، وأكّد أنّ المجلس التشريعي تُوكل له مُهمّة تشريع وسَن قوانين جديدة لمُحاكمة المُفسدين من النظام السابق، بجانب مُراجعة الجهاز التنفيذي، وأن البرلمان جُزءٌ من مهامه المُراقبة وإصدار تشريعات وقوانين مُتعلِّقة بمُحاكمة كل من ارتكب جُرماً، إضافةً إلى حل الدولة العميقة.

تضحية كبيرة

اتفاق سياسي سيعقبه اتفاقٌ دستوريٌّ مُكملٌ له، على ضوئه يتم تشكيل حكومة مدنية مُرتقبة، واعتبر أبو شامة أنّ التّفاوُض بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير، ممثل في وثيقتين، الأولى وثيقة سياسية، والثانية دستورية، وما تمّ التوقيع عليه أمس يتعلّق بالاتّفاق السياسي، وقال أبو شامة إنّ الوثيقة الدستورية تتمثّل فيها جميع نقاط الخلاف.

وفي المُقابل، قال عبد الله آدم خاطر إنّ ما تَمّ من اتفاقٍ له دورٌ كَبيرٌ بما تمّ من حِرَاكٍ سببه الشّارع الذي ضَحّى تضحيةً كبيرةً بأرواح عشرات الشباب للمُحافظة على الثورة والوُصُول إلى المؤسسات الدستورية، وأشار إلى أنّ الثورة شعبية، وكانت من القوة التي اقتلعت نظاماً استمر 30 عاماً، واعتبر خاطر أنّ الأطراف التي تتفاوض مُكملة لبعض، وأشار إلى وجود المشاكل التي ساهمت في التشكيك وزرع الشُّكُوك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى