أشرف فوجي يكتب : أصل العلاقات وكنه الأشياء

4 نوفمبر 2022م

 

كثيراً ما يعتقد المرء أن واقع التعرف على حقائق وكنه الأشياء والعلاقات الإنسانية المتباينة يتم من على البعد او منذ الوهلة او الايام  الأولى من المعرفة لسهولة الأمر توهماً معتمداً في ذلك على الذكاء المزعوم والقراءة الجيدة والفراسة التي يدعيها جل الناس خطأً في تقييمهم لماهية ودرجة متانة علاقاتهم الاجتماعية بالآخر كالصداقة والزمالة والتآخي، غير أنّ مالآت وحقيقة هذه العلاقات في الغالب بعيدة كل البُعد عن ما سبق من تقييم سريع مندفع عبر طرق أولية لا يستطيع المرء من خلالها الوصول لقناعات راسخة تجاه علاقته بشخص ما يعتمد عليه في مقبل الأيام والمواقف والأوقات المستعصية التي تحتاج لتضحية وجلد ومحبة  وإخاء حقيقي يستطيع مواجهة رياح وتقلبات وتغيّرات الحياة وقسوتها، ويقيني أن التقييم الحقيقي لمثل هذه العلاقات يحتاج لنضج وتجارب واحتكاك وزمن طويل من التواصل بالطرف الآخر يتخلّله سفر وفشل ونجاح وخلاف فكري وحوجة مادية ملحة وغيرها من المواقف المُتعدِّدة التي تتعرّف من خلالها على نوعية معدن وأصل الصديق أو غيره مما تربطك به علاقة غالباً ما تكون عابرة فاشلة لا تستطيع الصمود في وجه زماننا هذا الذي أوشك على التغيير الكلي وتبدل المعاير وتغيّر النفس البشرية الى الأسوأ، وذلك لبعدها عن نهج الخالق القويم وموت الأخيار وقلة الصالحين وغياب القدوة وانتشار الفساد والزيف والجشع وحب النفس وإعجاب المرء بنفسه ورأيه والأنانية والقسوة والشماتة في الموتى وغيرها من صفات آخر الزمان التي لا تسع المساحة المتاحة لحصرها وذكرها.

عزيزي القارئ، إن من الخطأ بمكان الاندفاع والتسرع في تحديد ماهية العلاقة التي تجمعك مع شخص أو مجموعة قبل مرور الزمن الكافي للتقييم الحتمي الذي يستوجب ويحتاج للتروي والتأني والصبر الذي يقيك شر الإحساس بالإحباط المُستدام الذي يدفع صاحبه للوقوع في جرف القنوط من وجود الخير في الأمة جمعاء بما فيهم الأخيار فتكون أكثر الهالكين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذي يصف أمته بعدم الخيرية.

فسدِّدوا إخوتي وقاربوا بين التسرع في حُسن وسُوء الظن المسبق، فإنّهما سببان من أسباب الظلم ووأد العلاقات في مهدها والشعور باليأس المجافي للحقيقة والشعور الإنساني الطبيعي تجاه الفرد والمجتمع الذي يصل فيما بعد لمرحلة استواء الأشياء والتيه المحقق للضنك والشقاء وسوء المنقلب.

قرائي الكرام ان الإنسانية الآن تمر بمنعطف خطير ومرحلة مفصلية تسبق الفناء المتمسك فيها بالدين والقيم كالقابض على الجمر نظراً  لفساد وانتكاس الإنسان المعاصر الذي اختزل أسباب أحقية العلاقات في المظهر والوجاهة والمصالح والغنى والشهرة بعيداً عن الخُلق القويم والأخلاق الفاضلة بغض النظر عن نوعية سلوك وممارسات واستقامة الشخص المعني من عدمه.

خارج النص:

تواصل غريب مريب يقوم به السفير الأمريكي جون جودفري هذه الأيام مع البيوتات الدينية والإدارات الأهلية والطرق الصوفية، فضلاً عن الأحزاب السياسية في الشرق والغرب، وهذا لعمري استباحة وتدخُّلٌ سافرٌ يُؤكِّد بجلاء ضعف الحكومة وتفكك الدولة السودانية بصورة غير مسبوقة، تُحفِز أعداء الجوار لمزيد من التعدي على الأراضي وسيادة البلاد وخدش كرامة الشعب السوداني الذي أعيته الابتلاءات بسياسيي الغفلة، وأنصاف الكوادر، وعُملاء الخارج، ولكن إلى حين بإذنه تعالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى