جنوب كردفان.. المتأثرون بأحداث لقاوة.. استضافة إلى حين

تقرير- عبد الوهاب أزرق
تفجَّرت الأوضاع الأمنية بمنطقة لقاوة بغرب كردفان بين المكوِّنات المجتمعية المتعايشة والمنصهرة منذ سنوات، واستطاعت في حرب ٢٠١١م “الكتمة” أن تتماسك وتتوحَّد ضد تجدُّد اشتعال الحرب، فكانت أنموذجاً في التعايش السلمي، إلا أن نشوب قتال قبلي في الأسبوع الماضي، كان مفاجئاً للجميع، وخلَّف أضراراً كبيرة في الأرواح والممتلكات، بموجب الحرائق، مما أدى لنزوح كامل وإخلاء المدينة التي أصبحت ثكنة عسكرية بلا مواطنين. واتجه معظم المتأثرين بأحداث لقاوة إلى ولاية جنوب كردفان في محليات كادقلي والدلنج والريف الشرقي، وتمت استضافتهم في الميناء البري بكادوقلي، ومركز الشباب بالدلنج ، عطفاً على الاستقبال في القرى والمناطق والجبال الغربية للدلنج في مناطق سيطرة الحركة الشعبية شمال .
معاناة واستقبال
أمير إمارة الداجو، بغرب كردفان الأمير أحمد كوكو، قال: إن التحرُّك من لقاوة تم بمجموعات وأفراد، والأعداد القادمة كثيرة جداً، وآخرين عالقين بالطريق، مشيداً بالاستقبال الذي تم لهم من مناطق الجبال الغربية في تلشي، وتيما، السرفاية بمناطق الحركة الشعبية شمال وصولاً للدلنج، وامتدح الدور المجتمعي في توفير المأوى والظل، معبِّراً عن اندهاشه للنظام بمعسكر مركز الشباب، ووصفه بأنه يدار بمهنية عالية من الشباب وكافة الجهات و المؤسسات ذات الصلة، وتابع أنه زار المتأثرين بكادوقلي ووجد الدلنج أكثر نشاطاً وتنفيذاً، متمنياً المساعدة في الرجوع، وشكر كل من ساهم في الاستقبال والإيواء وتوفير الغذاء والخدمات.
عبور بمناطق الحركة الشعبية
مفوَّض العون الإنساني بلقاوة الأستاذ جمعة عبد الله، الذي وصل إلى مدينة الدلنج أبان عن وجود أعداد من العالقين بالطريق، منبِّهاً أنها خرجت بملابسها التي تلبسها فقط، وأضاف: أغلب الناس التي دخلت الدلنج كان عبر النص بطريق الجبال، والحركة الشعبية استقبلت المواطنين بحفاوة وكرم وسهَّلت لهم الخروح والوصول إلى الدلنج، شاكراً أهل الدلنج والجبال على الاستقبال، واصفاً العمل الإنساني بالقيِّم جداً والمتناسق والمتناغم بالدلنج، وتابع: الدلنج مؤسسة للعمل الطوعي، شاكراً الإدارة الأهلية، والأجهزة الأمنية، منظمات المجتمع المدني، والمبادرات الشبابية .
احتياجات عاجلة
وكشف مفوَّض العون الإنساني بمحلية الدلنج الأستاذ الفاتح فضل المولى، عن الأعداد التي توجد بالدلنج، وقال إنها “٤٣٥” أسرة، ما يعادل “٢١٢٥” فرداً، حتى يوم الاثنين الماضي، منهم “٢٥٥” طفلاً، وأضاف: تقدم لهم الخدمات عبر لجنة عليا إشرافية من كل المبادرات بالدلنج، ولجنة للخدمات، ولجنة صحية، وأخرى للاستقبال، ولجنة للمال والمشتروات. وأوضح فضل المولى، أن معسكر مركز الشباب بالدلنج يحتاج إلى مواد الإيواء المشمعات، الفرشات، البطاطين، النواميس، وسيلة نقل للنفايات والاحتياجات الصحية، لافتاً إلى أن عدد “١٣٧” أسرة، غادرت إلى مدن مختلفة، وتبرز الحاجة إلى توفير مبالغ نقدية لمجابهة نفقات الترحيل، ووصف فضل المولى، مجتمع الدلنج بالمترابط والمتكاتف والمتعاون والمتفق في خدمة المجتمع .
المبادرات الشبابية
منذ تدفق المتأثرين بأحداث لقاوة تكاتفت منظمات المجتمع المدني لخدمة المتأثرين وعلى رأسهم اتحاد روابط الداجو، مبادرات شارع المجنونة، شارع الحوادث، النفير، كراس وقلم، الأصدقاء، شبكة المبادرات النوعية، شبكة السلام، الهلال الأحمر ورابطة شباب المستقبل بحي المك، بجانب الجهات الرسمية العون الإنساني، القوات المسلحة، الشرطة، جامعة الدلنج، صندوق الطلاب، الخدمات الصحية، جهاز المخابرات العامة، الاستخبارات العسكرية، التأمين الصحي، الدفاع المدني، السجون، الإدارة الأهلية الأجانق، النيمانج، جلد، كاركو، حي المعاصر والأئمة والدعاة الذين جمعوا مبلغ “١٢٠” ألف، والغرفة التجارية التي توفر احتياحات اليوم مباشرة، وغيرهم الذين وصلوا في الأيام الماضية .
مدارس مؤقتة
من ضمن المتأثرين بالدلنج يوجد “٢٨” معلماً، برزت الفكرة لبداية الدراسة في الدوام الثاني بمدارس الدلنج، وفق برنامج التعليم تحت الطوارئ، كما تم التجهيز للطلاب والطالبات الناجحين للتقديم إلى الجامعات والمعاهد العليا، وكشف أمير الداجو، يوجد بكادقلي عدد “١٥٠” معلماً، في المعسكر، آملاً الاستفادة منهم في التدريس والتعليم .
رسالة إنسانية
ومن جانبه شكر أمير إمارة الأجانق الأمير حسن عبد الحميد النور، كل أهل الدلنج، خاصة شباب المبادرات الذين وصفهم بالأعمدة التي ترتكز عليها الدولة، كما شكر نساء الدلنج ومجتمع الدلنج الذي لا يكل ولا يتزحزح ثابت كجبال الدلنج، وتابع: نستقبل أهل لقاوة ونحملهم في أراضينا وبيوتنا، محيياً كل المؤسسات التي تبرَّعت وساهمت، وأرسل رسالة إلى كل من له ذرة إنسانية أن هبوا إلى إغاثة المتأثرين بأحداث لقاوة.
أحداث مؤسفة
ممثل حكومة جنوب كردفان نائب أمين عام الحكومة الأستاذ إبراهيم حامدين، لدى تفقده المتأثرين بالدلنج، وصف الأحداث بالمؤسفة، والمخزية، منبِّهاً أن كردفان كانت ولاية واحدة، ونجتهد في استقبال وإيواء المتأثرين الذين تتزايد أعدادهم كل يوم، لافتاً إلى أن الأعداد فاقت “٥” آلاف، ممتدحاً الجهد الرسمي والشعبي والشبابي، ونبَّه أن المنظمات جاهزة للخدمة لكنها رهن الحصر الدقيق، مبدياً الاستعداد لترحيل الراغبين في السفر، وأردف: ما متضايقين من أهل لقاوة رغم الأعداد المتزايدة التي قد تفوق إمكانيات الدلنج، واعداً بوصول المساعدات الإنسانية إلى الدلنج عبر الوفد الذي أرسلته الولاية إلى الخرطوم لمقابلة الجهات الحكومية بالمركز .
أعداد متزايدة
مفوَّض العون الإنساني بجنوب كردفان الأستاذة راوية كمال، استعرضت أمام وزير ديوان الحكم الاتحادي المهندس محمد كرتكيلا صالح، التدخلات والخدمات التي تمت في استضافة المتأثرين، ونبَّهت أن الأعداد في تزايد يومياً ويتضاعف بالساعات، ولفتت أن معدَّل الحضور يومياً بين ٣٠٠- ٤٠٠ أسرة، والنزوح مستمر، مقدِّمة رؤية بأن تقدم المساعدات مباشرة إلى الدلنج وكادوقلي، لا أن تذهب إلى لقاوة ثم ترحَّل إلى كادقلي والدلنج، وتابعت: وصلت الأعداد إلى بالولاية إلى (٧٦٩٣) فرداً، في الدلنج وكادوقلي .
ومن جانبه استعرض نائب حاكم جنوب كردفان لدى لقاء وزير الحكم الاتحادي الموقف الإنساني للمتأثرين الذين استقبلتهم جنوب كردفان، منبِّهاً أن الذين حضروا أولاً هم الأكثر تضرُّراً، وبلا أمتعة وأدنى مقومات الحياة، مبيِّناً أن الولاية قامت بالواجب في توفير الإيواء، الغذاء، عبر المنظمات والمؤسسات والأفراد والمواطنين في حدود الإمكانيات، مطالباً بتوفير المساعدات من الحكومة الاتحادية، عبر تسيير قافلة مساعدات إنسانية .
قافلة ولكن!
في الأثناء تأسف وكيل وزارة الحكم الاتحادي على الأحداث، ووصفها بالدامية، كاشفاً أن أعداد المتأثرين يبلغ “٣٠” ألف أسرة، وبشَّر بتسيير اللجنة العليا للطوارئ الإنسانية قافلة إلى لقاوة مباشرة مجهزة بأكثر من “٤٠٠” طن، إلى منطقة الأحداث مباشرة، آملاً أن تحدد المواقع التي توزع لها عبر حكومة غرب كردفان، ووصف الأعداد بجنوب كردفان بالكبيرة وتمثل ربع العدد المستهدف، وتحسَّر على عدم وجود مواد الإيواء بالمخازن.
توجيه إغاثة
وزير ديوان الحكم الاتحادي تأسف على الأحداث، والأوضاع الإنسانية التي لحقت بالمتأثرين، داعياً أن يرفع الله البلاء، ويحقق الأمن والاستقرار، مبيِّناً أنه مطلع على الأوضاع، حيث وجه بتخصيص جزء من الاحتياجات والإغاثة المتجهة إلى لقاوة إلى الدلنج وكادوقلي لجهة أنها استقبلت وتستضيف كثير من المتأثرين، وثمَّن وأشاد كرتكيلا، بمجهودات الجميع في استضافت المتأثرين في الأيام السابقة.
واقع مرير يعيشه المتأثرين بأحداث لقاوة الفارين من مدينتهم إلى جنوب كردفان ومدن السودان، والدعوات تتلاحق أن يعم السلام والأمن والاستقرار ويرجع المواطن إلى دياره، كما نرسل رسالة إلى الحكومة الاتحادية أن تسرع في إغاثة المتأثرين في كل المناطق التي لم تصل إليها حتى الآن الإغاثة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى