قرارات (25) أكتوبر.. هل حققت أهدافها؟

قرارات (25) أكتوبر.. هل حققت أهدافها؟

الخرطوم- صبري جبور

بعد مرور عام على قرارات رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، التي اتخذها في 25 أكتوبر، بإعلان حال الطوارئ في البلاد وإنهاء الشراكة مع المدنيين بتعطيل العمل بالوثيقة الدستورية التي وقعها الطرفان في 17 أغسطس  2019م، جرت مياه كثيرة تحت جسر هذه  التداعيات التي أفرزتها نتائج القرارات التي وجدت ردود فعل واسعة وانقسمت المكوِّنات السياسية في السودان بين داعمة ورافضة، الحرية والتغيير التوافق الوطني، كان من أبرز الداعمين لقرارات الجيش واعتصام القصر الذي أنهى الشراكة بين العسكر والتغيير. ترى جماعة التوافق الوطني أن الخطوة تصحيحة خاصة بعد ممارسة عمليات الإقصاء من جانب الحرية والتغيير الشريك الحاكم لأطراف وقوى الثورة المختلفة، كلها أسباب ترى جماعة التوافق التي تضم الحركات الموقعة على السلام،  إن القرارات تحفظ البلاد وجرها إلى مآلات قد تعقِّد المشهد السياسي السوداني وتزيد من حالة الاحتقان.

لكن منذ إعلان هذه القرارات، تشهد البلاد -لاسيما الخرطوم – موجة من الاحتجاجات، الرافضة والمطالبة  بالحكم المدني الديموقراطي، قد يتساءل الكثيرون عن جدوى هذه القرارات، وهل حققت أهدافها وغاياتها التي رسمها المكوِّن العسكري  وقتها؟  وأيضاً الحرية والتغيير التوافق الوطني التي كانت تبحث عن الخيار السهل هل حققت ما كانت تصبوا إليه؟

 دعم العسكر

في خضم الأحداث آنذاك  أيَّد تحالف الحرية والتغيير الميثاق الوطني المكوِّن العسكري في الخطوات التي شرع بتنفيذها  .

الميثاق الوطني تكوَّن هذا التحالف من جهات مختلفة، تصف فترة حكم الحرية والتغيير  بالفشل، خاصة فيما يتعلق بالمعيشة والوضع الاقتصادي، فضلًا عن الاتفسامات السياسية حتى على مستوى قيادات التحالف الحاكم.

لكن بعض مرور أشهر شعر الداعمون لقرارات 25 أكتوبر، إن هناك تراجع واضح في عدم تنفيذ تلك القرارات من قبل المكوِّن العسكري، الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد من جديد وصولاً للمرحلة الحالية التي لازالت تتصارع فيها الأطراف من أجل السلطة وادعاء أحقية الثورة.

الوضع الراهن

وفي سبتمبر الماضي،  قدَّم  إحاطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، فولكر بيرتس، أمام مجلس الأمن، بشأن الأوضاع في السودان، حيث  ذكر بعد مرور عام -تقريبًا- من سيطرة الجيش على السلطة في 25 أكتوبر، لا يزال السودان يفتقر إلى حكومة شرعية تضطلع بوظائفها بشكل كامل.

وقال: إن قرار الجيش بالانسحاب من السياسة والمبادرات التي قدَّمتها القوى المدنية مؤخرًا توفر فرصة سانحة للجيش والقوى السياسية للتوصل إلى اتفاق بشأن المضي قدمًا، غير أن عامل الوقت مهم للغاية: “فكلما طال أمد الشلل السياسي، كلما كان من الأصعب العودة إلى المرحلة الانتقالية التي تم تكليف اليونيتامس بالمساعدة فيها”. وأضاف: “إنني أحث جميع الجهات الفاعلة على اغتنام الفرصة والتوصل إلى اتفاق بشأن حلّ يتمتع بالشرعية. نحن في الأمم المتحدة وشركاؤنا في الآلية الثلاثية، ما زلنا مصرين على جهودنا في ذلك الاتجاه، وأعول على هذا المجلس وعلى المجتمع الدولي الأوسع لدعم جهودنا وتقديم دعم منسق للسودان في هذا الوقت الحرج”.

 سيطرة على المشهد

ويقول السكرتير السابق للجبهة الثورية محمد إسماعيل زيرو،  دعمنا قرارات 25 أكتوبر الماضي، لأننا كنا نرى هناك ضرورة لهذه القرارات،لأن المشهد  وقتها كان متحكم فيه قلة من أحزاب، فضلاً عن  الوضع كان يمضي نحو الدكتاتورية . وأضاف: لذلك رفضنا هذا المنحى.

وأوضح زيرو، في تصريح لـ(الصيحة)،  إن تأييدنا  لقرارات البرهان، من أجل تكوين حكومة مدنية عريضة، وقال: لكن للأسف حصل تراجع في القرارات ولم تتكوَّن حكومة متوافق عليها تمضي بالبلاد إلى الأمام.

وشدّد إسماعيل، على ضرورة  التوافق على تسوية سياسية تفضي إلى تكوين حكومة قومية من كل الأطراف، بجانب أنها تحفظ حقوق أطراف عملية السلام، مشيراً إلى أن أي يتراجع عن ذلك قد تجر البلاد إلى حرب مرة أخرى، وأضاف: “نحن ما محتاجين لحرب”. ونوَّه زيرو إلى أن مانفذ من اتفاقية السلام لايتعدى (10) .%

 قرارات جريئة

في السياق يرى الباحث في الشأن السياسي الطيب عبد الرحمن الفاضل،  إن قرارات 25 أكتوبر، كانت جريئة  استخدم فيها البرهان التكتيك العسكري،  وقال: لكن هذا النوع من التكتيك لا يصلح مع المواطن ما لم يره في معاشه على أرض الواقع، وأضاف في نفس الوقت البرهان ماسك العصا من النصف،  خاصة وأنه ظهر موقفه المحايد خلال الفترة الأخيرة للحرية والتغيير المجلس المركزي، فضلًا عن ترحيبه بدستور المحامين.

وأشار الطيب في تصريح لـ(الصيحة)، إن البرهان لم ينفذ قرارات 25 أكتوبر، الأمر الذي أدى الى مآلت إليه البلاد الآن،  مشدِّداً على ضرورة الإسراع في تكوين حكومة اليوم قبل الغد تمهِّد للوصول إلى مرحلة الانتخابات التي يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.  كما طالب البرهان بضرورة إصدار قرار واضح بشأن حصة أطراف السلام في الحكومة، قبل أن يصف ذلك بالتحدي والمعوق للفترة الانتقالية.

ونوَّه الطيب، هناك مهام وأداور من صميم البرلمان أو المجلس التشريعي، قام بها البرهان، على سبيل المثال التطبيع مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن خطوة خرق للاءات الخرطوم الثلاث.

 جرد حساب

المحلِّل السياسي،  محمد علي عثمان، قال إن قرارات البرهان في 25 أكتوبر، من العام الماضي، لها إيجابيات وسلبيات،  خاصة وأنها أوقفت تمكين جديد كان ينشط داخل مؤسسات الدولة وخطاب جهوي حاد (على شاكلة خصموا من رصيدنا السياسي وتاني بوت مابقعد معانا في القصر)، بجانب ممارسة إقصاء متعمد لقوى حيِّة شاركت في الثورة.

وأكد محمد علي، في تصريح لـ(الصيحة)، أن كل ذلك أدى إلى غبن سياسي بموجبه انقسمت الحرية والتغيير إلى جناحين ومجموعة من الكتل الثورية ساهمت وبشكل كبير في قرارات البرهان.

وأضاف مع كل ذلك هناك سلبيات كثيرة لتلكم القرارات كونها عطَّلت نمو اقتصادي مضطرد وانفتاح خارجي في حده الأدنى مع مرور الزمن سيكون له انعكاس داخلي في حركه التنمية، بالإضافة إلى أن القرارات عملت على تعطيل سنة من العمر الذي ينبقي أن تؤسس فيه متطلبات الانتقال المدني الديموقراطي.

وطالب عثمان بضرورة تصحيح الأوضاع الآن بالإسراع في تشكيل حكومة كفاءات مستقلة همها المواطن ومعاش الناس، بجانب تحقيق الاستقرار السياسي لتهيئة البيئة المناسبة للمرحلة مابعد الفترة الانتقالية وتخلص لإجراء انتخابات عامة في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى