شروط صندوق النقد “السياسية”.. اللعب بالبيضة والحجر

شروط صندوق النقد “السياسية”.. اللعب بالبيضة والحجر

الخرطوم- نجدة بشارة

مازال صندوق النقد الدولي يتقن فن  اللعب بالبيضة والحجر، في تعاطيه مع قضايا المِنَح والقروض، ويضع الشروط التعجيزية والمتاريس أمام تقديم التسهيلات والمِنَح الدولية التي سبق وتوقفت بعد قرارات الخامس والعشرين أكتوبر من العام الماضي 2021م.

ومؤخراً أضاف شروط «سياسية» جديدة إلى الشروط الاقتصادية التي أثقلت كاهل الاقتصاد السوداني فترة حكومة د.”حمدوك” الفترة الانتقالية .

وتضمَّنت الشروط الجديدة ضرورة توافق التكتلات والأحزاب السياسية داخل البلاد، وإجراء تسوية وقيام حكم مدني حتى يسمح الصندوق برفع تجميد الدعم والمنح الدولية .

فيما يتساءل متابعون على منصات السوشال ميديا: هل تعتبر الشروط الدولية السياسية لصندوق النقد الدولي تدخلاً في الشأن السياسي الداخلي، وانتهاكاً للسيادة الوطنية، أم ضرورة طبيعية وفق العرف الدولي؟

تدخل في الشأن الداخلي

في الأثناء ينظر مراقبون إلى شروط صندوق النقد بأنها محاولات للتدخل في الشأن الداخلي للدول، بينما يرى آخرون أن الشروط طبيعية لجهة ضمان توفير الاستقرار وقيام حكم قادر على إدارة شؤون البلاد وتكوين اقتصاد قوي لمواجهة الأزمات، ودفع أقساط القروض المستحقة في مواعيدها.

وقال وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم: إن صندوق النقد الدولي اشترط تكوين حكومة مدنية لرفع تجميد الدعم والمنح الدولية. وقالإبراهيم إنه ” أبلغ المجتمع الدولي في واشنطن بأن بلاده ستصل إلى تسوية سياسية لتكوين حكومة مدنية قبل نهاية العام الجاري.

وشارك السودان في الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين التي انعقدت في واشنطن خلال الفترة من 10-16 أكتوبر  الجاري.وأكد إبراهيم أن بلاده تعتمد على الموارد الذاتية بعد تجميد المِنَح والدعومات الدولية، مشيرًا إلى أنه حال وصول دعومات خارجية سيتم تحويلها للقطاعات الإنتاجية، وأكد أن التسوية تمضي بصورة جيِّدة لكنها لم تكتمل بعد.

شروط مرفوضة.. ولكن!

قال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير عادل خلف الله لـ(الصيحة): إن الشروط التي يطلقها الصندوق من حيث المبدأ سوى كانت سياسية أو اقتصادية مرفوضة، وأي اقتصادي وطني لا يتقبَّلها .

وشرح بأن صندوق النقد الدولي في اجتماعه الأخير مع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، وفقاً للملف الاقتصادي السوداني، هنالك مفارقة باعتبار أن ماتم سابقاً من خطوات ومناقشات فترة حكومة د. حمدوك، حتى الاتفاق الذي تم على برنامج الصندوق تحت إشراف الموظفين حوت شروط اقتصادية شملت المطالبة بتخفيض الانفاق، وتطبيق سياسات التحرير، ولم تلزم تحرير الأجور والمرتبات.

نهج جديد

وأضاف خلف الله بأن تحوُّل المطالبة إلى شروط سياسية هذا نهج جديد على برامج صندوق النقد الدولي، وبيَّن أن النظام السياسي في السودان تصنعه الإرادة السياسية بمعزل عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية من قبل أي قوى إقليمية أخرى .

وقال: إن التجارب السودانية أثبتت أن أي حلول سياسية لقضايا التطوٌّر الوطني أن لم تأت من قبل الإرادة السياسية الوطنية تبوء بالفشل. ثانياً فإن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني على قوى معارضة للانقلاب لن تصنع إصلاحاً سياسياً واقتصادياً بقدر ما تكون صفقة لمصالحة سياسية تضمن سيطرتهم على الأوضاع السياسية في السودان.

وقال حزب البعث رفض التحرُّكات التي تجري تجاه التسوية والمصالحة التي تجري بين المكوِّن العسكري وقوى الحرية والتغيير، ووصفها بالمحاولة لإنقاذ الانقلاب وشرعنته، ومحاولات لإنقاذه من السقوط الوشيك.

وأردف: وفقاً لتقديرنا إنها إجراءات استباقية للبديل الديموقراطي يوفر حلول وطنية بإرادة وطنية.

أداة سياسية

من جانبه رأى المحلِّل السياسي د. عصام بطران، معلقاً لـ(الصيحة) أن البنك  الدولي أو صندوق النقد أداة سياسية للقوى الغربية، لتتفيذ توجهاتها العالمية السياسية، لاسيما تجاه دول العالم الثالث .

وأوضح: صحيح أن الصندوق مهامه  اقتصادية ومالية عبر  تقدم المساعدات المالية بعدالة وشفافية، ولكن على أرض الواقع تتم هذه الدعومات تحت أجندات سياسية .

وقال بطران: إن الصندوق يصنف هذه الشروط السياسية تحت بند الأمان  والاستقرار المالي لاسترداد الديون، فيما يفترض أن يكون الأمان بتوفير ضمان الأصول، والتي تتوفر في السودان وهو الدولة الغنية بالموارد التي تغطي الاسترداد.

وأضاف بأنه طيلة الحقب والحكومات السابقة، الصندوق أعطى نماذجاً سيئة للتعامل مع السودان، وزاد: لاسيما وأن الصندوق استنفد كل الشروط الاقتصادية فترة الحكومة الانتقالية عبر تنفيذ البرامج القاسية من رفع الدعم، وتحرير الجنيه وغيره من الجراحات الاقتصادية التي عانى من تبعاتها ومازال يعاني المواطن السوداني .

وأشار إلى أن الشروط السياسية الجديدة ينظر إليها باستغراب ويصب في خانة التصنيف السياسي التعجيزي، ولأن السودان عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحكم العضوية في الصناديق المالية والنظام المالي المتخصص .

وأكد بطران أن السودان في الوقت الحالي لا حول له ولا قوة، أن يرفض أو يقبل أي شرط من الشروط، وزاد: الوضع الاقتصادي حرج ويحتاج إلى أي دعم خارجي من الصناديق والمنظمات لتجاوز الأزمة، لكن أن تكون الشروط مقابل مشروطيات سياسية ينبغي التعامل مع هذه الشروط بحذر وحكمة وتوازن لتجاوز  عقبة الصندوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى