المخدِّرات في السودان.. داء العصر

 

 

– أمني: (٦٠%)  من السيولة الأمنية سببها المخدِّرات

– طلاب: الشهادة العربية وتر يعزف عليه المروِّجين

– مواطنون: تفشت جرائم القتل والاغتصاب بسبب هذا النوع

– قانوني: توجد قوانين وعقوبات صارمة

تحقيق- انتصار فضل الله   20 أكتوبر2022م

ضبطيات مستمرة لشحنات مخدرات وبكميات كبيرة وأنواع جديدة ظلت تعتلي صدر الصحف في السودان مؤخراً، هذا الانتشار الواسع وصفه متحدثون          لـ(الصيحة) بالكارثي، قالوا الهدف منه تدمير الشباب واتساع رقعة جرائم القتل والسرقة لتوفير ثمن المخدر.

وأشاروا إلى نسبة (60%) من السيولة الأمنية التي تدور سيناريوهات في شوارع وطرقات البلاد ترجع لتأثير المخدرات .

ولفتت المصادر إلى استهداف تجار المخدرات لطلاب الشهادة العربية الذين يقيمون في شقق في أحياء عريقة بالخرطوم  بعيداً عن أسرهم، وأكدوا أن المواد المخدرة أصبحت متوفرة ومتداولة على مرأ ومسمع السلطات.

تؤكد التقارير الشرطية أن المخدرات أنواع كثيرة ومتعدِّدة وتحمل أسامي علمية مختلفة منها المزروعة وأخرى مصنعة كيماوياً. (الصيحة) قرَّرت فتح ملف المخدرات والتقت المختصين الذين أدلوا بدلوهم في هذه المساحة.

مناشدة وخوف

يخشى مواطنون أن يتحوَّل السودان إلى حقول لزراعة المخدرات وسوق رائج لاستقبال كل الأنواع المدمرة لأبنائهم.

قال مواطنون لـ(الصيحة) إنهم باتوا يخشون على الأبناء الذكور في أعمار المدارس والجامعات أكثر من البنات باعتبارهم الأكثر استهدافاً من قبل المروَّجين، وناشدوا بضرورة إيجاد حلول عاجلة للأزمة التي أثرت سلباً على اقتصاديات بعض الأسر وتفشت من خلالها جرائم قتل الأهل والآباء والأصدقاء والاغتصابات خاصة الذين يتعاطون مخدر “نوتيلا” .

جريمة متنقلة

يقول الخبير الأمني اللواء معاش الريح حسن لـ(الصيحة):  أصبحت المخدرات بكل أنواعها جريمة متنقلة مهدِّدة للبشرية،  وانتشرت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة في السودان عموماً والخرطوم وسط الطلاب بشكل خاص طلاب الشهادة العربية المقيمين في شقق الرياض والطائف والمنشية، مما أدى إلى تفاقم  مشكلة أضرارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وأصبحت مهدِّداً للأمن الوطني على مستوى الفرد والمجتمع والدولة.

وأضاف تعدى تأثيرها حدود الفرد إلى الأسرة، بل المجتمعات كلها وباتت داءً رهيباً يفتك بكل مايحيط بها،وهي من الظواهر السالبة والمقلقة في كل مدن السودان وأطرافها، ويؤكد حجم انتشارها  من خطف أجهزة الموبايلات والمبالغ من  من المواطنين، بل تحت التهديد في الطرقات والأحياء من قبل شباب تتراوح أعمارهم من (٢٠) إلى (٤٠) عاماً، جراء تأثير تناولهم المخدرات بجانب البحث عن مورد من خلاله توفير قيمتها، في الوقت نفسه عجزت الأسر معالجة أبنائها.

تسويق أمن

يضيف الخبير الأمني، تحوَّل السودان إلى ممر آمن لتسويق المخدرات على دول الجوار، حيث شهد عهد النظام السابق دخول حاويات عن طريق ميناء بورتسودان بشكل رسمي وعن طريق مطار الخرطوم مما يؤكد وجود  قوى نافذة كانت تحمي هذه التجارة، بل شريكة فيها، مبدياً استغرابه أن قضايا استيراد المخدرات قيِّدت ضد مجهول، وتابع:

من خلال هذا السوق تم ترويج المخدرات وسط الطلاب في المدارس والجامعات السودانية وداخليات الطلبة خاصة وسط أبناء المغتربين الذين يدرسون في الجامعات من ميسوري الحالة المادية في محاولة اختيار الصيد المضمون.

واصل الريح، أصبح إدمان المخدرات من أكبر المشاكل التي تواجه الأسر، حيث يزداد إعداد المدمنين مع زيادة أنواع المخدرات وتأثيرها السلبي على الشباب وأسلوب الوقاية منها.

تغيير جذري

وأضاف الريح: يلاحظ في الآونة الأخيرة أن ظاهرة الإدمان لم تكن مقصورة على الأغنياء فقط، كما كان يحدث في الماضي، بل الأمر أصبح يشمل فئات من الطبقة الفقيرة، كما كان تناول المخدرات يقتصر في الماضي بصورة كبيرة على فئة الذكور، أما الآن فأصبحت فئة الإناث تتعاطى المخدرات المختلفة، فضلاً عن أن زراعة المخدرات وتصنيعها وتسويقها أصبحت مورداً رئيساً يدر دخلاً للجماعات والحركات المسلحة في معظم بلدان العالم ويشكل دعماً رئيساً للإعاشة وشراء المعدات من أسلحة وذخيرة.

وأكد أن انتشارها يشكِّل تحدياً حقيقياً وتهديداً مباشراً للمجتمعات وللأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ومستقبل الشباب من الجنسين، ويرى أن القضية تحتاج ورش عمل ومؤتمرات وأبحاث من أهل الاختصاص قبل انفلاتها من اليد لأن مايشاهد من سيولة أمنية ترجع نسبة (60%) منها لتأثير المخدرات.

بلد عبور

يقول القانوني د. عبد العظيم بكري أحمد محمد، لـ(الصيحة) يعتبر السودان بلد عبور للمخدرات وللسلاح وتجارة البشر لتوسع حدوده، وتشتهر دول شرق آسيا بزراعة أنواع مختلفة من المخدرات وتسويقها وكثير من التنظيمات الإسلامية في إيران وباكستان وأفغانستان مثل طالبان تعتمد على المخدرات كمورد مالي وتصدرها لأوروبا وفي الوقت نفسه لتدمير الكفار حسب وجهة نظرهم،

وأضاف: في لبنان يسمح حزب الله لمنتسبيه بزراعتها بغرض تصديرها باعتبارها من المداخيل في صناعة الأدوية، هذا الباب أصبح يشكِّل فتوى دينية من خلالها انتشرت في لبنان، بالتالي دخلت الكثير من المخدرات  للسودان عن طريق لبنان.

زراعة محلية

حول القوانين المقيِّدة لتناول وتعاطي المخدرات، أشار إلى أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية في السودان نص في المادتين (١٥ و٢٠) على الحكم بالسجن المؤبد أو الإعدام في حالتي الترويج والبيع، أما في حالة الاستعمال الشخصي كثيراً ما يتم التسوية بدفع غرامة أو السجن لفترة محدودة.

يقول بكري: يتوهَّم معظم الذين يتعاطون المخدرات أن الطريق إلى السجن مستبعد بحكم أنه يمارس الإدمان ومعظم الشباب يعتقدون أن المخدرات تجعلهم يشعرون

بالسعادة والقوة ولا يعرفون أنهم يذهبون إلى الهاوية ومعظمهم يفتكر أنه لن يتم القبض عليه وحتى إذا قبض عليه سوف يجدون معه قطعة حشيش وأن القانون يعتبره متعاطياً وأنه ليس تاجر مخدرات وأنه بذلك سوف يفلت من العقاب.

عقوبات متنوعة

يوضِّح القانوني أن مواد القانون تنص على أن تصل عقوبة الاتجار في المواد المخدرة إلى الإعدام والسجن المؤبد لكل من يثبت الترويج والاتجار فيها داخل حدود السودان، كما ينص على عقوبة متعاطي المخدرات بالحبس والغرامة وتطبَّق تلك العقوبات على أي شخص تم القبض عليه في أي مكان يتعاطى فيه  ويكون ذلك بعلم المتعاطي، وأضاف في حالة أن المواد ضعيفة التخدير تقرر المعامل الجنائيه ذلك وليس نكران الشخص الذي ضبطت معه وهنا تزداد العقوبة بمقدار المخدر سواءً أكان كوكايين أو هيروين أو أقراص الترامادول.

أضاف بكري، يختلف تعاطي المخدرات عن الخمور أو الاستروكس أو الشاشمندي الإثيوبي وكل ذلك يقع تحت طائلة قانون المخدرات ونظام مكافحة الاتجار بالمواد المخدرة في السودان وهو معمول به،  مشدِّداً على الأسر مراقبة أبنائهم جيداً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى