صلاح  الدين عووضة يكتب : أقلب!

20 أكتوبر 2022م

أقلب المقلوب..

فكثير من أمورنا باتت مقلوبة..

وكثيرٌ من رموزنا السياسية كذلك… وبعضهم قلب مئة وثمانين درجة..

وتحدثت – قبلاً – عن حكمة صديقنا موسى..

وحكمته هذه كانت بسيطة للغاية… وفي الوقت ذاته بليغة للغاية..

وتتمثل في كلمة أقلب..

فهو كان يرى أنّ الباطل دوماً ما يكون في صف جماعةٍ سياسيةٍ بعينها..

أو هم الذين يكونون في صفه..

فإن اتجهت الجماعة هذه – من ثم – وجهةً ما خالفهم موسى من فوره..

واتجه – سريعاً – عكس اتجاههم..

وإن صادف أن سبق أحدنا الجماعة هذه في تلكم الوجهة حذره موسى..

وصاح فيه ناصحاً: أقلب… أقلب يا زول..

والمتحدث باسم قحت – جعفر حسن – يبدو لي اسمه ذاته مقلوباً..

مع كامل احترامي له… ولأبيه..

وربما يبدو لي كذلك لأن العيب في شخصي..

أو في افتراضي أن الاسم هذا سار عكس وجهة سلاسة النطق..

فنطق حسن جعفر أسهل من نطق جعفر حسن..

وليست هذه بقضيتنا – فيما يلي جعفر حسن هذا – وإنما القضية في القلب..

القلب بمعنى قلب… يقلب… قلباً..

فهو دوماً ما يلوح أمامه بأصبعٍ نصف مقلوب… أو نصف معقوف..

يلوح به في سياق تحذيرٍ… وتهديد..

ودوماً ما أطبق فيه أنا نظرية صديقنا موسى تلك؛ أو حكمته..

فأتوقع أن يصيبه ما يتوقع إصابة عدوه به..

وأشهر توقع – أو تنبؤ – من جانبي كان عندما هدد العسكر بود مدني..

هددهم بأن الوضع سوف يقلب ضدهم..

فكتبت – حينها – قائلاً: والله ما أراه إلا سيقلب عليه هو… وعلى جماعته..

وحدث ما توقعته بعد أيامٍ فقط..

وليس ما توقعته وحسب… وإنما ما تمنيته كذلك..

فقد انقلبت جماعة جعفر حسن على الثورة… والناس… ومبادئ الديمقراطية..

وانقلبوا على بقية حلفائهم..

وصاروا مقلوبين – أو منقلبين – على ذواتهم..

وهذا شيءٌ طبيعي نظراً لقلة أعداد منسوبي كل حزبٍ من أحزابهم..

من الأحزاب التي سطت على المشهد الثوري..

فالناصري لا أعلم له تابعاً خلاف ساطع… وفيصل… وثالث نسيت اسمه..

والبعث ليس أفضل حالاً إلا بقليل..

والمؤتمر السوداني حزب حناجر… وشعاره: خذوهم بالزعيق ليغلبوكم..

والتجمع الاتحادي لا أعلم أصله من فصله..

كل الذي أعلمه أن اسمه مستمد من اسم الحزب الاتحادي..

ولا أدري إن كان الأصل… أم المنشق… أم المنشق عن المنشق..

ولكني أعلم أن منهم جعفر حسن هذا..

ثم ثانٍ اسمه عز العرب… وثالثة اسمها رزان..

ولكنّهما لا يجدان فرصة لإظهار نفسيهما مع جعفر حسن… وأصبعه المقلوب..

ونضيف إلى هؤلاء مريم طيارة..

ولا نقول حزب الأمة… سيما وقد أصدرت قواعده أمس بياناً ضد القلبنة..

أي سياسة أقلب مع الهواء إن كان يهب في اتّجاهك..

وتحديداً تجاه مصالحك..

ومريم هذه – بالذات – لا مانع لديها أن تقلب كل شيء… ومع كل شيء..

متى كان القلب هذا سيعيدها إلى أسفار الطائرة..

وإلى زيارة جزر القمر… وحديقة أسوان… والجزيرة المجهولة تلك..

راهنت – إذن – على حكمة موسى إزاء هؤلاء..

وكسبت الرهان… فقد ثبت أنّهم مقلوبون هم أنفسهم… رأساً على عقب..

بل ومشنقلون… وأرادوا شنقلتنا معهم..

والآن قلبوا؛ قلبوا على شعاراتهم كافة التي أطلقوها بعد أن تم قلبهم..

وأضحوا يتودّدون… ويهادنون… ويتمحلسون..

وانقلب أصبع جعفر حسن نحو قلبه؛ لوماً… وعتاباً… ونقداً للذات..

ومفردة انقلابي انقلبت في لسان مريم..

انقلبت… وتشقلبت… وتنفقلت؛ فأمست مكوناً عسكرياً..

ونسوا أن صفحتهم ما زالت ماثلة أمام ذاكرتنا… نقرأ قلبناتهم عليها..

صفحة أدائهم لامتحان فترتهم السلطوية..

ونصيحتي بأن لا نكتب أسفلها كلمة أعد… فلو ردوا لعادوا لما نُهوا عنه..

وإنما كلمة أخرى واحدة… لا نزيد عليها:

أقلب!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى