تفاصيل مثيرة في أولى جلسات محاكمة مسؤول كنترول بمركز امتحانات

الخرطوم- محمد موسى    13 أكتوبر2022م

شرعت المحكمة أمس، في محاكمة مدير الكنترول بإحدى مراكز امتحانات الشهادة السودانية، وذلك لانتحاله صفة أحد طلابه وحل مادة امتحان الجغرافيا له .

وكشفت التحريات للمحكمة، عن توقيف مدير الكنترول والطالب الممتحن كمتهمين على ذمة القضية لاتهامها بالتزوير وانتحال صفة الغير من القانون الجنائي السوداني لسنة 91م .

فرز وتطابق واكتشاف

ومثل أمام محكمة مكافحة الإرهاب (2) بجنايات الخرطوم شمال المتحري مساعد بالشرطة الأمنية سليمان موسى، وأفاد المحكمة بأنه وبتاريخ 14/6/2022م أبلغ الشاكي المفوَّض من وزارة التربية والتعليم بأنه عثر على كراستين إجابتين لـ(ورقة امتحان) مادة الجغرافيا للعام الدراسي الماضي 2022م، من مركز امتحانات مدرسة عبدالله بن رباح الثانوية بنين بالخرطوم جنوب مقابر فاروق باسم طالب واحد ورقم جلوسه وذلك بغرفة الكنترول أثناء فرز أوراق الامتحانات ومراجعتها عقب استلامها بواسطة موظفي الوزارة، وقام بتدوين إجراءات بلاغ تحت طائلة نص المادتين (123) التزوير و(113) انتحال صفة الغير وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، وشرع في استجواب المُبلِّغ وشهود الاتهام وعقب تأكيد المعلومات تم القبض على المتهم الأول مدير الكنترول بمركز مدرسة عبدالله بن رباح.

حل وسحب ونسيان

وأفاد المتهم الأول بأنه امتحن مادتي التربية الإسلامية والجغرافيا للمتهم الثاني وهو طالب جلس بمركزه لامتحانات الشهادة السودانية العام الماضي، وذلك بالتزامن مع جلوس الطالب للامتحان بقاعة الامتحانات على أن يقوم بسحب ورقة إجابات المتهم عند نهاية كل امتحان ويقوم بوضع الورقة التي قام بحلها مكانها، موضحاً في أقواله بأنه قام بسحب ورقة امتحان التربية الإسلامية الخاصة بالطالب ووضعها بخزانته الخاصة بمكتبه ووضع الورقة التي قام بحلها بعد تدوينه عليها اسم ورقم جلوس المتهم الثاني الطالب، مؤكداً في أقواله بأنه وعند امتحانه لذات الطالب لمادة الجغرافيا ووضع كراسة الإجابة التي قام بحلها وتدوين اسم ورقم جلوس الطالب المتهم الثاني عليها بظرف الامتحانات ولم يقم بسحب ورقة الطالب وذلك لنسيانه، وكشف المتهم في أقواله بأنه بعدها وردت إليه مكالمة هاتفية من مركز الامتحانات أبلغوه خلالها بوجود كراستين لامتحان الجغرافيا باسم المتهم الثاني، وأكد المتهم الأول بأنه ظل يعمل معلماً بالمرحلة الثانوية طوال (26) عاماً، تدرَّج خلالها حتى وصل للدرجة الثانية، مشدِّداً على أنه قام بحل ورقتي الامتحان للطالب لظروف بالغة التعقيد كان يمر بها في ذلك الوقت تتمثل في مرض أحد أبنائه، نافياً ارتكابه لأي فعل مخالف من قبل باستثناء تلك الحادثة التي يحاكم بموجبها طوال عمله بالتعليم.

أموال وعملية جراحية

وقال المتهم الأول في التحريات بأن أحد زملائه الذين يعملون بإحدى المدارس الخاصة أحضر له المتهم الثاني الطالب وسجله معه بالمدرسة، منبِّهاً إلى أن زميله وقتها طالبه بضرورة نجاح المتهم الثاني في امتحانات الشهادة السودانية، وأوضح المتهم الأول كبير المراقبين بأن المعلم زميله ربطه بوالد الطالب المغترب خارج البلاد، وكشف المتهم الأول بالتحريات عن تلقيه مبلغ (150) ألف جنيه، سوداني، قام بتحويله له والد المتهم الثاني من مقر إقامته بالمملكة العربية السعودية، لافتاً إلى أنه ووقتها كان في حاجة ماسة للمبلغ وذلك لخضوع أحد أبنائه لعملية جراحية .

الى ذلك، قال المتحري للمحكمة بأنه وبتاريخ 17/6/2022م تم القبض على المتهم الثاني الطالب وتلى المتحري أقوال المتهم عليه وأقر بكل ما ورد فيها، وأفاد خلالها بأنه يبلغ من العمر عشرين عاماً، وأنه سبق وأن جلس لامتحانات الشهادة السودانية في العامين 2020 و2021م – إلا أنه لم يتمكن من النجاح فيها، منوِّهاً إلى أنه وفي العام الماضي قرَّر الجلوس للامتحان مرة أخرى على أن يمتحن هذه المرة (منازل) بحد قوله، لافتاً إلى أن أحد الأساتذة عرَّفه بالمتهم الأول، منبِّهاً إلى أن المتهم الأول اتفق مع والده على مساعدته بالنجاح في الامتحانات وإحراز نسبة تتراوح ما بين (75 – 80%)، لافتاً إلى أنه التقى بالمتهم الأول الذي أكد له بأن والده المقيم بالمملكة العربية السعودية أرسل له مبالغ مالية عبر أحد الأشخاص بالسوق العربي وأنه بصدد استلامها مقابل مساعدته للنجاح في الامتحانات، موضحاً في أقواله بالتحريات بأنه جلس لامتحانات الشهادة السودانية برقم الجلوس (3578) وامتحن مادتي التربية الإسلامية والجغرافيا، مشيراً إلى أن المتهم الأول اتفق مع والده على سحب كراسة امتحان الجغرافيا الخاصة به – إلا أنه لم يقم بسحبها، موضحاً بأن والده اتفق مع المتهم الأول على تسليمه مبلغ مالي آخر عقب نهاية الامتحانات وإعلان النتيجة – إلا أنه لم يتمكن من إكمال الامتحانات.

اعتراف قضائي ومستندات

وكشف المتحري للمحكمة عن تدوين المتهمين الأول والثاني اعترافات قضائية بأقوالهما أمام قاضي الجنايات المختص.

وقدَّم المتحري للمحكمة مستندات اتهام عبارة عن (4) كراسات أي ورقات  لامتحاني الشهادة السودانية لمادتي التربية الإسلامية والجغرافيا تطابق فيها اسم المتهم الثاني الطالب الممتحن ورقم جلوسه، حيث قبلتها المحكمة وأشرت عليها مستندات اتهام عقب عرضها على المتهمين ولم يبديا عليها أي اعتراض.

فيما قدَّم المتحري -أيضاً- مستند اتهام ثاني للمحكمة عبارة عن إفادة من المعامل الجنائية التي قامت بمضاهاة الحلول الموضوعة على ورقة امتحان الجغرافيا مع استمارة الغياب التي يعدها المتهم الأول بصفته مدير الكنترول بمركز الامتحانات وجاءت الإفادة بتطابق الخطوط التي على الاستمارة مع خط الحل المدوَّن على ورقة الامتحان قبلتها المحكمة -أيضاً- كمستند اتهام.

اختيار المتهم الأول

في ذات السياق نفى المتحري في أقواله للمحكمة ظهور – من خلال التحريات – أي اتفاق مالي بين المتهم الأول والمتهم الثاني ووالده، منبِّهاً إلى أن الاتفاق تم بين المتهم الأول ووالد الطالب المتهم الثاني بأن يمتحن المتهم الأول باسم الطالب  بصفته مدير كنترول مركز الامتحانات ويحقق له نجاح تتراوح نسبته ما بين (75 إلى  80%)

استجواب شاهد اتهام

وأزاح المتحري الستار في خواتيم الجلسة عند استجوابه بواسطة المحكمة بأنه قام باستجواب شاهد الاتهام وهو الشخص الذي قام بتسليم المتهم الأول مدير الكنترول بمركز الامتحانات مبلغ (1000) ريال سعودي، وأفاده بأنه قام بتسليم المبلغ للمتهم عقب تحويله له عبر تطبيق (بنكك) من والد المتهم الثاني المقيم بالخارج، وأكد المتحري بأن شاهد الاتهام أكد له بأن والد المتهم الثاني يتعامل معه باستمرار في تحويل مبالغ مالية ويطلب منه تسليمها لأشخاص آخرين، مشيراً إلى أنه لم يخبره بسبب تحويله مبلغ (1000) ريال للمتهم الأول في القضية. فيما حدَّدت المحكمة جلسة لموالاة السير في إجراءت الدعوى الجنائية.