عبد الله مسار يكتب : أزمة الحكم في السودان (8)

3 أكتوبر 2022م

الآن

(التدخُّل الأجنبي السّافر)

قلنا إنّ أزمة الحكم في السودان مستفحلة وممتدة، وتتطوّر بحكم التطور الطبيعي الذي حدث طيلة الفترة السابقة قبل الحكم الوطني أو بعده، وظهرت هذه الأزمة بطريقة واضحة وحادة، لأن هنالك وعياً وسط المواطنين السودانيين بشعورهم بالتخلف الذي صاحب كل هذه الفترة الطويلة، وصار البحث عن حل لمعضلة أزمة الحكم في السودان شكله ونوعه ومؤسساته وطريقة الوصول إلى ذلك. وكذلك استقرار الحكم وديمومته ثم استفادة الوطن والمواطن من إمكانياته وموارده.

الأمر الآخر، كيفية إيقاف التدخل الأجنبي السافر في كافة قضايا البلاد بما في ذلك امتلاك وتوطين القرار الوطني من السيطرة  الأجنبية والتدخل المباشر في شؤون السودان الداخلية، بل قيام بعض أحزاب وتجمعات سياسية ومؤسسات مجتمعية وأفراد بتنفيذ أوامر تلك الجهات الخارجية، فانقسم أهل السودان حول التدخل الأجنبي رفضاً وقبولاً، وصار أبناء السودان مجموعات، بعضهم يرفض التدخل الأجنبي، وآخرون راضون بذلك ويعملون مع تلك الدوائر وحتى هذه المجموعات أفراداً أو مؤسسات تنقسم داخل هذه الدوائر، فهؤلاء مع الدولة الفلانية ضد الدولة العلانية، وهذا التنظيم السياسي يتبع للسفارة الفلانية والدولة الفلانية، ويتلقون الدعم من الدولة. وهكذا تتصارع هذه الدول على السودان، وتستغل بعض أبناء السودان وتنظيمات سياسية ليس لصالح السودان، ولكن لمصلحة هذه الدول، وذلك في شكل عمالة أو بحُسن نية  أو بتغفيل أو (خنفشة ساكت أو نفخة فارغة).

ولذلك أمر التدخُّل الأجنبي في السودان صار مؤثراً جداً ومدمراً للوطن ومؤثراً جداً للوصول إلى اتفاق بين أبناء الوطن، بل حتى أجندات هذه الدول صارت تتضارب داخل السودان.

دول عربية ضد أخرى عربية،

ودول غربية ضد أخرى غربية، ودول في الشرق ضد أخرى غربية، ومنظمات إقليمية ضد منظمات دولية وهكذا. فصار السودان مسرحاً ومرتعاً لمصالح وصراعات هذه الدول، وهذا الأمر ليس فقط ينطبق على المدنيين السودانيين، بل ذلك ينطبق على العسكريين وفي كثير من الأحايين أفراداً وأحزاباً ومؤسسات، وهكذا صار السودان موضع صراعات إقليمية ودولية، وعطل القرار الوطني وصار كل شئ مطبوخاً خارجياً. آخر الأمر دستور لجنة تسيير المحامين، وأكد ذلك الأستاذ المحامي يحيى حسين حزب البعث، وانه حتى ترجمته من الإنجليزية إلى العربية شابها أخطاء، ناهيك عن الاعداد، وقال لم تغير شولة فيه نقل كما جاء من المؤسسة التي أعدته، وذكر حتى اتفاقيات السلام كانت كذلك، بل الأستاذ يحيى ذكر المنظمة بعينها.

إذن أمر التدخل الأجنبي في السودان وخاصة في الفترة الانتقالية صار مهدداً في نجاح الفترة الانتقالية، وفيه إصرار على فرض وضع في السودان كله خارجي ولا علاقة لأهل السودان به، ولا يجعل أبناء السودان الوصول إلى تراضٍ ووفاق وطني.

الأزمة في السودان عقدت  الأوضاع فيه، كما عقدت كثيراً من الأقطار وعقدت العالم كله.

إذن أمر التدخُّل الأجنبي سلبنا الإرادة الوطنية وجعلنا كل لا يستطيع أن يتصرف إلا وفق تعليمات تلك الجهات، وهكذا لن يستطيع أبناء الوطن حتى الجلوس مع بعضهم البعض للوصول إلى قرار لتضارب مصالح هذه الدول.

اعتقد أن مشكلتنا الآن كيف نحرر بلدنا من التدخُّل الأجنبي، ولذلك صار أغلب ساستنا أفراداً وأحزاباً ومؤسسات أدوات للخارج.

الموضوع الآن كيف نستطيع أن نخرج من المطب الخارجي هذا، هذه هي المعضلة وأس المشكلة،

كيف الخروج من ذلك

في الأيام الأخيرة. قبل الاستقلال مر السودان بنفس الاستقطاب، ولكن لأن الساسة وقتها عقلاء ووطنيون، استطاعوا أن يتجاوزوا ذلك وخرجوا من القبضة الخارجية وترك  المعسكرين وذهبوا إلى معسكر السودان للسودانيين  وتحقق الاستقلال.

هل نستطيع أن نصل لذلك الآن، آمل ذلك، وليس ذلك على الله ببعيد، خاصّةً وأنّ الكبار يتصارعون بينهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى