مبادرة شيخ (كدباس).. (لم شمل) قوى الثورة

مبادرة شيخ (كدباس).. (لم شمل) قوى الثورة

 الخرطوم- صبري جبور

المشهد السياسي ومنذ 25 أكتوبر الماضي، تغيَّرت مسارات اتجاهته بصورة تدعو إلى القلق  من مصير صورة قاتمة رسمتها الأحداث التي  أعقبت تلك القرارات. حيث  ظل  الشارع في حراك شعبي يطالب بالحكم المدني.

الوضع أصبح أكثر تعقيداً، إذ يسعى كل طرف لتسويق موقفه، الأمر الذي جعل أطراف عديدة  تطرح مبادرات لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتهدئة الأوضاع وإنهاء حالة الاحتقان السياسي المتزايد، إلا أن جميعها لم تسفر عن أي حلول، وعلى سبيل المثال، مبادرة  الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية إيغاد، مبادرة الجبهة الثورية، ومبادرة مديري الجامعات السودانية، ومبادرة دولة جنوب السودان، ومبادرة فولكر بيرتس، بجانب مبادرة الشيخ الطيب الجد للوفاق الوطني نداء أهل السودان، وآخرها مبادرة الشيخ الجعلي. الكل يأمل في أن تسهم تلك المبادرات خاصة الوطنية في إيجاد حلول لجذور المشكلة في السودان، والوصول إلى اتفاق يعبر بالمرحلة الانتقالية حتى مرحلة الانتخابات التي يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه، وحرصاً منها على إيجاد توافق ظلت الحكومة تؤيد وترحِّب بكل مبادرة تعمل على وحدة الصف ولم جمع الشمل من أجل أن تنعم البلاد بالاستقرار وأن يعم السلام كل ربوع السودان.

تفاصيل اجتماع (كدباس)

استجابت قوى الحرية والتغيير، لدعوة الشيخ محمد بن الشيخ حاج حمد الجعلي، بكدباس، وذلك بغرض توحيد القوى الثورية التي ضمت لجان مقاومة وتجمع المهنيين السودانيين بجانب الحزب الجمهوري لتوحيد قوى الثورة التي ساهمت في ثورة ديسمبر وناهضت قرارات 25 أكتوبر.

وأشارت في بيان إلى أنه قد التأم شمل القوى الثورة المذكورة في كدباس يوم الخميس الماضي، حيث تداولت في مسألة توحيد قوى الثورة من أجل إسقاط انقلاب 25 أكتوبر، وتأسيس السلطة المدنية الديموقراطية.

ولفتت إلى أن الكلمات والمناقشات قد اتسمت بالشفافية، حيث أكدت على ضرورة وحدة قوى الثورة من أجل إسقاط الانقلاب ونتائجه، إضافة إلى ضرورة توسيع القاعدة الجماهيرية، وذكرت أن اللقاء تمسَّك بضرورة توحيد قوى الثورة لجهة أنها عملية مستمرة تختلف آلياتها في كل مرحلة وصولاً للأهداف المرجوة.

وأوضحت أن اللقاء سادته أجواء من الإيجابية وسط إشادة بالدور الكبير للشيخ  الجعلي وحفاوة الاستقبال من الجميع بكدباس.

قضايا محدَّدة

في لقاء (كدباس)، قال القيادي بالحرية والتغيير  محمد الفكي سليمان، إن قيادات قوى الحرية والتغيير الذين شاركوا في الحكومة السابقة لم يكونوا لصوصاً ولا خَونة أو عُملاءً، كما لم يكونوا جبناء أبداً، بل تقدَّموا الصفوف للتصدي لأي خطر يتهدَّد الانتقال الديموقراطي.

ودعا الفكي خلال حديثه في اللقاء، إلى ضرورة الحديث عن الأخطاء والإخفاقات في التجارب.

مشيراً إلى أنّ الحرية والتغيير لم تكابر يوماً في الاعتراف بأخطائها، وقال: لكن أجزم وأشهد وأقسم أننا لم نكن لصوصاً، ولم نكن خَوَنة، ولا عملاءً أو جبناء، أبداً لم نتراجع خطوة في أي لحظة شعرنا بخطر يتهدَّد السودان، نبَّهنا الناس وتقدَّمنا الصفوف، ذهبنا للسجون وخرجنا منها، ثم عدنا لها والآن عدنا مرة أخرى للمنصات ومستعدون أن نذهب لآخر المشوار حتى نسترد الحرية والسلام والعدالة للشعب السوداني.

وشدَّد الفكي على ضرورة اتفاق قِوى الثورة على قضايا محدَّدة وترك التفاصيل لمرحلة لاحقة، وقال: يجب أن يحوي الاتفاق نقاطاً واضحة تشمل الأهداف الأساسية، على أن نترك التفاصيل للمرحلة المُقبلة، مثل الرؤى الاقتصادية وهياكل الحكم وغيرها، هذه برامج حكم وليست برامج عمل مرحلي.

أصحاب المصلحة

رحَّب الأمين العام للتجمع الثوري، أنور الصديق، بكل المبادرات المطروحة بالساحة التي تبحث لحل الأزمة وانسداد الأفق السياسي، وقال: إن المبادرات تعتبر خطوة أولى للخروج من الأزمة الموجودة.

واعتبر أنور في تصريح لـ(الصيحة): إن رؤية ومبادرة الشيخ الجعلي والشيخ الطيب الجد بالصادقة، وأضاف: لكن وفق رؤيتهم، وتابعك لكن نحن تجمٌّع أصحاب المصلحة الحقيقية وأدرى بحل مشكلة السودان.

وأكد أنور بأن لديهم الرؤية السودانية وأنهم (يعكفون) في تكوين حكومتهم ومجلسها التشريعي، ومرشح رئاسة مجلس الوزراء، وقال: إن التجمٌّع همه الأول استقرار السودان وإنهاء حالة الاحتقان السياسي وأزمة البلاد.

تجمُّع المهنيين يتبرَّأ

ولكن سرعان ما تبرأ تجمُّع المهنيين، من المشاركة في اجتماع (كدباس) لتوحيد قوى الثورة، وأوضح في بيان (طالعنا في بيان صادر عن سكرتارية مبادرة الشيخ كدباس إدراج اسم تجمُّع المهنيين السودانيين من ضمن من قاموا بتلبية دعوة المبادرة، عليه نوضِّح بأننا لم نكن جزءاً من المبادرة أو الجهات التي شاركت فيها. كما نوضِّح لجماهير شعبنا الصامد بأن مواقف تجمُّع المهنيين تصدر عبر البيانات من خلال الصفحة الرسمية للتجمع سواءً في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك أو تويتر).

وأضاف التجمُّع: نشجِّع وندعم لجان المقاومة ودورها العظيم في بناء مواثيقها الثورية وسعيها الحثيث لتوحيدها في ميثاق موحَّد يمثل كل الشعب السوداني ليكون هو منفستو المرحلة وبداية الانطلاق لانتزاع السلطة المدنية الكاملة للقوى الثورية الحديثة وصنع تاريخٍ جديد.

الميثاق الثوري

وكذلك نفت لجان المقاومة بالدويم صلتها  بمن مثلوا باسمها في مبادرة شيخ كدباس، وقالت اللجان في بيان تلقته (الصيحة)  إنها لم تكن جزءاً من مبادرة شيخ كدباس، مشيرة إلى أن الذين ذهبوا ومثلوا باسم لجان المقاومة الدويم لا يمثلون إلا أنفسهم وتنظيماتهم السياسية المنضوية تحت الحرية والتغيير، وأضاف البيان أن لجان المقاومة الدويم ظلت تدعو لوحدة قوى الثورة والاصطفاف لإسقاط الانقلاب العسكري وفق أسس وقواعد تحقق أهداف الثورة تحت رأية لجان المقاومة ومواثيقها المعلنة والتي كللت بالنجاح في عملية دمجها باسم الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب، ولكن في نفس الوقت ثمَّن البيان  مبادرة الشيخ الجعلي، لتوحيد قوى الثورة، منوِّهاً  إلى أن  مرجعية المبادرة لا ترتكز على الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب.

دمج المبادرات

ويرى الخبير والمحلِّل السياسي البروفيسور صلاح الدين الدومة، أن جميع المبادرات المطروحة في الساحة متفقة حول نقاط كثيرة، وقال: عدا مبادرة الشيخ الطيب الجد وهي أسماها مبادرة (المؤتمر الوطني)، ودعا الدومة في تصريح لـ(الصيحة)، أمس، إلى دمج كل المبادرات في مبادرة واحدة، بغية تحقيق الهدف المنشود التي من أجله تداعى أصحاب المبادرات لطرحها.

نتفق في الوطن

سبق وأن زار النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، منطقة كدباس، تلك الزيارة التي دعا من  خلالها إلى وحدة الصف ولم الشمل لبناء البلاد، وقال: إننا في حاجة لوحدة الصف والكلمة ونبذ الخلافات الحزبية والقبلية والجهوية التي أخرتنا كثيراً.

وأضاف دقلو: إن السودان لن يتقدَّم بالاختلاف، والتعصُّب للرأي، والحزب، والقبيلة.وأبان أن مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية حلها في التوافق والاتفاق، وأوضح أن كل عوامل النهضة والنجاح متوفرة لدينا، فقط نحتاج أن نضع أيادينا في أيدي بعض، وقال: “نختلف في الرأي ونتفق في الوطن”.ودعا لوحدة الصف، وقال: “نتوجه بالدعوة لكل أبناء الوطن.. السودان يسعنا جميعاً”.

وشكر دقلو، الشيخ الجعلي، على مساهماته الكبيرة وسعيه لإيجاد حل لمشاكل البلاد من خلال المبادرات التي يقوم بها من حين لآخر متى ما تشعبت المشاكل بين السياسيين في البلاد.

مبادرة الجد

سعياً لإيجاد حل للأزمة، طرح خلال الفترة الماضية الشيخ الطيب الشيخ الجد الشيخ ود بدر، مبادرة أطلق  عليها (نداء أهل السودان للوفاق الوطني)، من أجل أن تجمع الأطراف السودانية للاتفاق والتوافق حول القضايا الوطنية والخروج بالبلاد إلى بر الأمان.

ومن خلال  طرحها وتشاورها عقدت  المبادرة مؤتمر المائدة المستديرة بقاعة الصداقة، وأشار نداء أهل السودان للوفاق الوطني في البيان الصحفي إلى أن مخرجات الحوار خاطبت هموم الناس في الاقتصاد والمعاش والأمن والسلام و خدمات التعليم والصحة والخدمات الأخرى، وقضايا الشباب والنساء والمجتمع والثقافة والهوية والرياضة والخدمة العامة وغيرها من اهتمامات الشعب في ريفه وحضره.

وجدَّد البيان التأكيد بأن هدف نداء أهل السودان للوفاق الوطني هو جمع كلمة أهل السودان قاطبة والسعي لأوسع وفاق وطني ممكن وأن منهجه هو التجرُّد في التواصل مع جميع مكوِّنات الساحة الوطنية دون استثناء، لذلك سيسعى النداء ويبذل قصارى جهده في عرض مخرجات مؤتمر المائدة المستديرة على القوى التي لم تتمكَّن من المشاركة في المؤتمر بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من توافق السودانيين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى