محمد طلب: مصر المؤمنة بأهل الله والعلم وجسور العبور (3)

محمد طلب: مصر المؤمنة بأهل الله والعلم وجسور العبور (3)

ضاع (صبري) أين يا وصلي

(ضاع صبري أين يا وصلي جسمي بنار الغرام مصلي)…

هذا مقطع أغنية سودانية قديمة سوف نعرف علاقتها بما أنا عليه من مرضٍ وألمٍ بعيداً عن قواعد العشق وحسانه.

تعودت خلال تواجدي بمركز Physio Peak أن أخلق علاقات طيبة مع الطاقم الطبي واتأقلم مع روح المرح والدعابة التي وجدتها هناك والتي يصعب مجاراة أهل مصر في مضمارها وتعمّدت إلقاء بعض الطرف واستخدام  مفردات غارقة في المحلية (حتى هذه وجدت دكتور لاشين غارقاً في “الرندوك”)… وفضلت استخدام بعض مقاطع وكلمات بعص الأغاني السودانية التي تحمل أسماء أو مواقف معينة ومن ذلك مثلاً (عطرك الفواح في القلوب مسكن يا زهرة السوسن)، وسوسن هذه اختصاصي العلاج الوظيفي بالمركز وبمجرّد إحساسي بالتعب أردد ذلك المقطع رغم عدم مقدرتي التامة على الكلام فيأتي ردها (بتؤول إيه؟؟) فأردد المقطع مرة أخرى واضعاً يدي على قلبي حتى حفظت دكتور سوسن المقطع وأحبته مردّدةً (يا لهووي.. بيعاكسني) ونضحك جميعاً بمحبة……

أما (“نسمة” الأسحار ليلي طال هُبي) فهذه حكاية أخرى سنجعلها عنواناً منفصلاً في مقال آخر…. إلا أن ما دفعني للكتابة تحت هذا العنوان (ضاع صبري) هو موقفي مع الدكتور (صبرى) ذلك الشاب الأمير المفتول (القوي الأمين) الملخلص في أداء عمله….. عموماً وحسب تقييمي الشخصي فإن وحدة (العلاج الطبيعي) بالمركز هي الأولى دون منازع… طاقم متجانس ومتفهِّم طبيعة عمله بطريقة ممتازة وعلاقاتهم  رائعة مع المرضى، يكفي أن بعض المرضى شارك في (فرح سلامة) وهذه قصة أخرى.

نعود للشاب المخلص دكتور صبري…. كانت مواعيد جلستي معه الثامنة مساءً فوجدته منهمكاً ويعمل مع مريض آخر وهو سوداني الجنسية أيضاً اسمه (سامي) أصيب في حادث شهير في طريق بورتسودان الخرطوم نعود له لاحقاً… واضطررت للانتطار نصف ساعة أخرى وأصابني الملل فصرت أردّد (ضاع صبري)… وكنت الحظ أن دكتور (صبري) متأنٍ وصابر ومخلص جداً مع الحالة التي أمامه…. وعندما انتهى من الحالة اتجه نحوي مباشرةً فقلت له: (ضاع صبري) فتبسّم واعتذر وشرح لي ملابسات التأخير وأنه ليس المتسبّب به… تقبلت حديثه الذي يدل على أدب واحترام كبيرين… وبعد نصف ساعة من العمل المتواصل معي لاحظت أن الرجل لم يغازل (الموبايل) اطلاقاً (وهذا نادر جداً في هذا الزمان ولم يحدث معي) وكان كل وقته مع عمله فنقلت له هذه الملاحظة وأثنيت على طريقته فشكرني وقال هذا واجبي وواصل في عمله، وبما أنني آخر حالة في جدوله فقضى معي أكثر من الوقت المقرّر وبدأت بيننا علاقة صداقة وقلت له ليت جدولي كله يكون معك فقال هذا الأمر ليس بيدي… فأثنيت على كل المجموعة التي كنت تحت إشرافها وهم حقاً ممتازون وكل منهم له ميزاته التحية والتقدير لهم جميعاً… دكتور أمجد ودكتور لاشين والدكتور صاحب القامة الطويلة والإبتسامة الجميلة حسام الباز… وكل الطاقم في وحدة الطبيعي يستحق الإشادة وحتى المساعدين أكثر من رائعين.. وتحية خاصة لسعادة العميد ياسر فهو دائماً حاضر في كل المواقع وهكذا هو مركز (Physio Peak) أسرة واحدة يصعب عليك أن تميز بين أفراد الطاقم المتجانس من المدير إلى الغفير…

وأردد (لم يضع صبري) بل أجد نفسي في غاية المتعة وبما أن حركات (الوسط) وتمارينه ذات أهمية كبرى في العلاج أهديكم هذا المقطع من ذات الأغنية (هزي جيدك والخديد مجلي… أجد الهلاك في الاعين النُجلِ…. إليك نسائم الشوق دوام رُسلي…. وفي هواك كم ضائعاً مثلي…. ما سليتك وانت كيف تسلي… أنا صرت ميت والدموع غسلي… وضاع صبري أين يا وصلي)..

سلام

محمد طلب يكتب: مصر المؤمنة بأهل الله والعلم وجسور العبور (2)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى