في الاحتفال بالذكرى الـ (123) لمعركة كرري دعوات لإنهاء حالة الاستقطاب واتهامات بالتطهير العرقي ومطالبات باعتذار بريطانيا

تقرير: القسم السياسي 7سبتمبر 2022م
أحيت القوات المسلحة ظهر أمس، الذكرى (123) لمعركة كرري بمنطقة وادي سيدنا العسكرية، وهو احتفال درجت على إقامته سنوياً، لجهة عَظَمَة المعركة التي وقعت في صبيحة 2 سبتمبر 1898م، بين قوات المهدية والقوات البريطانية المساندة من القوات المصرية حوالي جبل كرري الواقع شمال أم درمان.
وخاطب الاحتفال رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، محذِّراً من “تغذية الصراعات القبلية والتشكيك في القيادة والتحريض على تفكيك القوات المسلحة” مؤكِّداً بأن من
قتل “أجدادنا بالأمس هم من يتنادون اليوم لقتل ثورتنا باستخدام نفس الأساليب القديمة من خلال تغذية الصراعات القبلية والتشكيك في القيادة والتحريض على تفكيك القوات المسلحة.
تاريخ لا ينسى
يذكر أن معركة كرري التي جرت بين القوات السودانية والقوات البريطانية، استبسل فيها جيش المهدية استبسالاً ظل يدرس في المعاهد والكليات العسكرية حيث كان قوام القوات المهدية (60) ألف جندي مقابل (6) آلاف جندي، من الجيش الإنجليزي المصري مسلحين بالمدافع الرشاشة الأوتوماتيكية الحديثة تدعمهم البواخر الحربية، وكانت المعركة بدأت في الساعة السادسة صباحاً، بعدما شن الأنصار هجوماً شاملاً على القوات المحتلة بيد أنهم لم يتمكَّنوا من الوصول لمعسكر الغزاة وذلك لكثافة النيران، وفي تمام الساعة الثامنة صباحاً، أي بعد ساعتين من بداية المعركة أمر كتشنر قائد الجيش الغازي، بوقف إطلاق النار بعد سقوط أكثر من (18) ألف قتيل، من الأنصار، إضافة إلى أكثر من (30) ألف جريح.
وانتهت المعركة بانسحاب الأنصار إلى غرب السودان ودخول كتشنر أم درمان عاصمة الدولة المهدية، حيث تمت سيطرة القوات البريطانية على مدينة أم درمان وانسحبت قوات الأنصار غرباً إلى أم دبيكرات بولاية النيل الأبيض الحالية.
المطالبة باعتذار رسمي
وبدأ البرهان حديثه بالترحُّم على أرواح شهداء السودان عامة وشهداء معركة كرري خاصة، وذكر أن القيادة قصدت أن تقف اليوم في هذا المكان للإشارة إلى أن ذاكرة الشعوب هي التي تبني المستقبل، وأن السودان يمر اليوم بنفس الظروف التي مرت بها الأمة من قبل، منبِّهاً إلى أننا كشعب سنفقد مكاسبنا من ثورة ديسمبر المجيدة، إذا لم نع الدرس “لأن نفس الإدعاءات التي كانت تساق ضد الثورة المهدية مازالت اليوم توجه ضد الدولة السودانية”.
وقال البرهان مخاطباً الحضور: ينبغي علينا أن نستلهم عبر ودروس الماضي، لننتبه إلى وقف مؤامرات الحاضر وكل ما من شأنه أن يشتت شملنا وينال من وحدتنا”.
إبادة وتطهير عرقي
وذكر بأن ما قام به جيش المستعمر كان جريمة ضد الإنسانية يستحق مرتكبيها الحساب “لأنهم مارسوا القتل والفظائع لمدة أربعة أيام بعد المعركة”، مستنكراً السكوت عن المطالبة بالقصاص بحق شهداء كرري.
وقال في هذا الخصوص: ينبغي مطالبة دولة المستعمر بتقديم اعتذار رسمي لأسر الشهداء ولأبناء الشعب السوداني الذين أبادوهم بطريقة مقصودة تحت سمع وبصر كل العالم وقتها، وينبغي أن نصدع بهذا الحق لأن ما جرى كان بمثابة إبادة وتطهير عرقي لأبناء شعبنا لكسر شوكتهم، وفي نفس الوقت، على السودانيين أن يفخروا بما قدَّمه أسلافهم من بطولات اعترف بها الغزاة أنفسهم، وأكد سيادته أن بذرة النضال مازالت موجودة تتوارثها الأجيال، فحري بنا أن نأتي إلى هذا المكان كل عام لنتذكر أن أم درمان كانت رمزية للدولة السودانية التي دافع عنها كل أبناء البلاد، وأضاف: إن من قتل أجدادنا بالأمس، هم من يتنادون اليوم لقتل ثورتنا وذلك باستخدام نفس الأساليب القديمة في الدعاية السوداء وتغذية الصراعات القبلية والتشكيك في القيادة والتحريض على تفكيك القوات المسلحة، مشدِّداً على ضرورة الانتباه لذلك، مشيراً إلى أن من يريدون تفكيك المؤسسة العسكرية السودانية من خلال تلفيق التهم والشائعات المغرضة لن يفلحوا في ذلك.
إشعال الفتنة
وفي ذات السياق، حذَّر القائد العام للقوات المسلحة من يحاولون إشعال الفتنة بين الجيش والدعم السريع، وأن القوات لن توجه سلاحها ضد بعضها البعض وأن لا شأن لهم بهذه القوات وغير مسموح لأحد بالتدخل في الشأن العسكري، وعليهم أن ينخرطوا في التوافق وتشكيل هياكل الحكم بعيداً عن محاولة إشعال الفتنة بين مكوِّنات المنظومة الأمنية، ومجدِّداً العزم على المحافظة على المؤسسة العسكرية لحين الوصول إلى حكومة منتخبة تتولى شأن البلاد، مضيفاً بأننا نعاهد الجميع بأن راية القوات المسلحة ستظل عالية لآخر جندي أو يسقطوا دونها كما سقط أسلافهم من قبل في كرري، وستظل القوات المسلحة قابضة على جمرة وحدة البلاد التي أصبح يتربص بها المتربصون، ودعا في ختام حديثه من يهللون للقوى الاستعمارية في هذه الأيام إلى أن يرفعوا أصواتهم للمطالبة بمحاكمة من اعتدى على أسلافنا بدلاً عن التصفيق لهم، مشيراً إلى أننا ينبغي ألا نشرك في شأننا الوطني من لا يريدون خيراً لهذا البلد.
هزيمة للهزيمة
ومن جانب آخر، قدم البروفيسور حاتم الصديق محمد أحمد، للحضور محاضرة قصيرة بعنوان (كرري الدروس والعبر) وعقَّب عليها د.أحمد سمي جدو، المتخصص في دراسة الثورة المهدية، كما تحدث في المناسبة اللواء (م) عبد الرحمن الصادق المهدي، الذي أشار إلى أهمية معركة كرري والتي حرصت وسائل الإعلام وقتها على تغطيتها، مشيراً إلى أن إحياء ذكرى كرري هي هزيمة العسكرية في المعركة، ودعا الجميع إلى ضرورة الوقوف صفاً واحداً خلف القوات المسلحة وإنهاء حالة الاستقطاب السائدة وتناسي المرارات، لأن البلاد تحيط بها التحديات من كل جانب، والعمل على فتح صفحة جديدة تستشرف المستقبل المنشود في الحرية والعدالة وسيادة حكم القانون. الى ذلك، تحدث الدكتور الصادق الهادي المهدي، مشيراً إلى أن معركة كرري كانت عملية دموية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، مشدِّداً على أن القوات المسلحة السودانية التي خاضت المعركة قد جسَّدت قيم الأمة ، وأن ما ارتكبه الجيش الإنجليزي حينها من فظائع وإجهاز على الجرحى والأسرى يستوجب أن تقدم بريطانيا اعتذاراً للسودانيين، داعياً إلى أن يكون يوم ٢ سبتمبر، يوماً وطنياً في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى