حجازي سليمان يكتب: شتاء آسن..

نص..

لا غُربة في أمور الحياة التي تبدو عادية للغاية، ولكن أحياناً بعضها يبدو أكثر غرابة عندما ننظر إليه بعين الطبيعة ومقدورات الأشياء، وفي خضم تناقضات الأشياء من حولي، كنت أجثم فوق كل الخطى وكثيراً ما اتعثر، ثم انهض كي أواصل المسير..

ذات مرة دعتني حوجتي الماسة أن أغير طريقة تفكيري كي أعيش بأقل مستوى، وفعلاً بعد مشاورات كل الأعضاء صرت ضفدعاً كموظفٍ أجوب المياه الآسنة، كل همي تحريك الماء الراكد في برك المياه، وأصدر نقيقاً يناسب همس الليل.

كلما يبرد الجو وتنشط حنجرتي ويملأ الهواء رئتي، أشعل صوتي ليملأ كل الفراغ، في لحظات السكون يرتد إلى الصوت كصدى متهدّج مما يجعلني أبالغ في مد المدى بمزيد من الضجيج.

ولكن عندما أن أتذكّر المرضى والعشاق تعود لي بعض من إنسانيتي، واخفف من الضغط على مقود سرعة الإزعاج، فتهدأ الساحة ويعم السكون من جديد، لا أكاد أن أبالغ إن قلت، في ذات التوقيت تماماً قبيل السحر من كل ليل، عندما كنت عاشقاً كنت أسجل صوت النجيمات وهي تهامس بعضها بحنين دافق، فاغفو على هذه الحالة إلى الصباح، ذات نهار بهيج، وجدتني تحت زير بارد المياه.

بعدها بقليل أسمع صوت أمي تحكي لجارتنا عني، وهي تبكي بحرقة، لقد وجدته عند طرف (الحفير)، وكيف تعرفتي عليه؟

من لون الحزن المُطل في عينيه، لم يتبدّل بعد أصبح على هذه الهيئة، وحتى تقاسيم الأوتار في صوته كانت موسيقى ترقص على إثرها قلوب الحسان ليلاً.

كنت أسمع حديثها العذب وتدب الحياة أوصالي، فقرّرت أن اتخلى عن الوظيفة حالياً، فدفنت نفسي تحت الزير معلناً عن بيات شتوي جديد!!

01/ 09/ 2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى