تفاهمات المدنيين والعسكريين..الحديث المعلن

 

 

الخرطوم: صلاح مختار    23 اغسطس 2022م

بات من الطبيعي والمعلن وليس سراً الحديث عن تفاهمات ولقاءات تجمع بين العسكريين والمدنيين من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية, حيث  كشف رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي حسن، عن لقاءات ثلاثية جرت بين مُمثلين عن الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، ومجموعة التوافق الوطني، وممثلين عن المكوِّن العسكري، للتوصُّل لاتفاق ينهي الأزمة التي تعيشها البلاد منذ إجراءات 25 أكتوبر. وأوضح المهدي بحسب (الترا سودان)، أنّ التوافق الوطني مثله في هذه اللقاءات مني أركو مناوي، ومثل المكوِّن العسكري الفريق عبد الرحيم دقلو، وممثلين عن المجلس المركزي للحرية والتغيير.

تفاهمات متقدِّمة

وأزاح المهدي الستار عن فحوى اللقاءات التي قال إنها تمخّضت عن تفاهمات وصفها بـ”المتقدِّمة”، وأنّ الجميع ملتزمون بهذه التفاهمات، وأوضح المهدي بأن هناك إشكالات واجهت المجتمعين بشأن اتفاق جوبا لسلام السودان، لكنه أكد وصولهم لحل للمشكلة في مخرجات ورشة “الإطار الدستوري للفترة الانتقالية” الذي نظّمته نقابة المحامين، وهو أنه يمكن أن تفتح اتفاقية جوبا لاستكمال نواقصها ومعالجة بعض العيوب بموافقة أطرافها – على حد قوله. وأوضح المهدي أن اللقاءات بين المكوِّنات الثلاثة شبه راتبة، مُضيفاً أنها قطعت شوطاً بعيداً وأن هذا الشوط ليس من بنوده عودة المحاصصة الحزبية في الفترة الانتقالية، مؤكداً أنهم توافقوا في اللقاءات أن تنأى المؤسسة العسكرية بنفسها عن السياسة وتتفرّغ لمهامها، وتبقى في المؤسسات التي تُعنى بالشأن الأمني والعسكري، وأن تتفرّغ القِوى السياسية لعقد مؤتمراتها وبناء نفسها استعداداً للانتخابات، على أن تُدار الفترة الانتقالية بكفاءات وطنية متوافق عليها من جميع الأطراف، وأن يتم ذلك بحوار يشترك فيه الجميع إلا من أبعده الدستور.

خطى حثيثة

ورأى المهدي أنّ كل الأطراف تعمل حالياً بخُطى حثيثة وبتناغم تام، وتابع: “نأمل أن تصل في القريب العاجل إلى نهايات تفرح الشّعب السُّوداني الذي انتظر طويلاً توافق أبنائه على مُستقبل البلاد”، وتوقّع المهدي أن يمضي الجميع في الأيّام المُقبلة لتوافق ينهي الأزمة ويبني ما تبقى من فترة انتقالية على أساس دستوري جديد.

تفاهمات كبيرة

ورغم التكتم الذي سبق المشاورات التي جرت بين الأطراف ولجان الاتصال من قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي، والعسكريين إلا أن رائحة تلك اللقاءات كانت تفوح بالوصول إلى تفاهمات كبيرة من خلال وضع خارطة طريق ومسار لإنهاء الأزمة السياسية الراهنة. ويبدو أن الرغبة التي أبداها الأطراف بقبولهم مبادرة السعودية الأمريكية، كانت فاتحة لتكرار تلك اللقاءات رغم المخاوف والمحاذير التي أبداها بعض الأطراف السياسية من أي اتفاق يمكن أن يتم مع المكوِّن العسكري بمعزل عن تحقيق أهداف الثورة.

تجاوز الأزمة

وأكد القيادي بالحرية والتغيير المركزية عادل خلف الله لـ(الصيحة) حقيقة موقف الحرية والتغيير لتجاوز الأزمة التي عمَّقها -كما قال – إجراءات البرهان, مبيِّناً أن موقفها معلناً جماهيرياً تؤكد عليها عبر بياناتها ومؤتمراتها الصحفية الأخيرة, وأضاف ليس هنالك حل لتجاوز الأزمةإلا من خلال إسقاط إجراءات البرهان وإنهاء كل ماترتب عليه, وإقامة سلطة مدنية تخضع لها كل مؤسسات الدولة بما فيها القطاع العسكري والأمني. وبالتالي قوى الحرية والتغيير المركزي لم تلتق ولم تتفق مع مناوي أو غيره بخلاف هذا الموقف.

تحت التربيزة

ولأن هنالك حديث بأن هنالك حوارات تجري تحت (التربيزة) مع المكوِّن العسكري, قال: نحن في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير كمؤسسة لم نلتق بأي طرف إلا حول هذه الأهداف التي ذكرتها. وأضاف: أما إذا كان حميدتي التقى بفرد أو بمجموعة هذا شيء آخر باعتبار أن الحرية والتغيير أوسع تحالف مر بالسودان بمكوناته المختلفة لا يمنع استقلالية أي من أطرافه أن يلتقي أو يقيم أو يجري, لكن المهم الحرية والتغيير كمؤسسة لم تلتق بمناوي أو أي مكوِّن من مكوِّنات العسكري. مستنكراً في ذات الوقت لغة اللقاء أن يكون تحت أو فوق التربيزة، وقال: هذه لغة في دائرة تريد أن تبتزل السياسة، ولكن السياسة بالنسبة لهم في قوى الحرية والتغيير رسالة ومبادئ ومصداقية وأخلاقية.

تقديرات خاصة

وقال خلف الله: عندما قرَّر المجلس المركزي لتقديرات في فترة من الفترات أن يلتقي المكوِّن العسكري بحضور سعودي أمريكي أعلن عن ذلك قبل اللقاء, وطرح نتائجه, الذي كان تأكيداً لموقف الحرية والتغيير. وأكد أن موقف علاقات الحرية والتغيير المركزي ما في الظلام وليس لديها تفاهمات تحت التربيزة مع العسكر. غبر أنه عاد وقال: لكن لا أستطيع أن أنفي أو أؤكد بأن أي فرد من أفراد مكوِّنات الحرية والتغيير التقى بالمكوِّن العسكري أو لم يلتق, وتابع: يهمنا رأي المجلس المركزي الذي لم يلتق أو يجري أي حوارات مع العسكر.

ليس عيباً

ولكن المحلِّل السياسي والقانوني بارود صندل، يرى أن لقاء العسكر ليس عيباً, وليس محرَّماً, حتى يكون من تحت التربيزة أو من فوقها, واعتبر صندل كلام مني أركو مناوي بأن هنالك حوارات بين العسكر وقوى الحرية والتغيير المركزية هو كلام صحيح، لأن مناوي كان جزءاً منها, إلى أن جاءت المفاصلة في الـ(25) من أكتوبر, لذلك يعلم كثيراً من الخبايا. وقال لـ(سودان لايت): ليس سراً لأن قوى الحرية والتغيير بعد الانقلاب جلسوا رسمياً بواسطة وسطاء مع المكوِّن العسكري وعلى مستوى الرؤساء, وتابع: أظن لم ينقطع الاتصال السياسي. وأضاف: حتى أكون واضحاً معك هل العساكر جاءوا من كوكب آخر؟ هم سودانيون, لابد من الحوار معهم, حتى إذا أردنا تسليم السلطة لمدنيين هو شكل من أشكال الحوار. بالتالي بالنسبة لي ليست هذه المشكلة, وكل من يدعي بأنه ليس له صلة بالعسكر عليه أن يراجع مواقفه, وقال: لا يمكن لأحد أن يعمل بالليل وفي النهار يأتي ليشتم العسكر.

عرض مرفوض

وفي السياق قال ممثل الحرية والتغيير في لجنة الاتصال مع المكوِّن العسكري طه عثمان، إن التحالف رفض عرضًا من المكوِّن العسكري للدخول في شراكة جديدة، وقال عثمان في تصريحات سابقة ومحدودة بمنزله، ”المكوِّن العسكري عرض علينا شراكة جديدة لكن رفضناها والحرية والتغيير متمسكة بشعارات الثورة” وأرجع تأخير تسليم رؤية الحرية والتغيير إلى المكوِّن العسكري والآلية الثلاثية والسفير السعودي والقائمة بأعمال السفارة الأمريكية في انتظار الاتفاق حولها مع قوى الثورة والأحزاب الأخرى.

أحاديث موجهة

وسبق أن قال الصديق الصادق المهدي، القيادي بحزب الأمة القومي: إن الحوار الجاري بين الحرية والتغيير والعسكريين لا يهدف إلى الوصول لشراكة جديدة أو محاصصة للسلطة مجددًا وإنما يسعى لإنهاء الانقلاب وتهيئة المناخ في البلاد، وشدَّد المهدي على عدم الانسياق وراء الأحاديث الموجهة والتي تصدر من قبل البعض بغرض إضعاف و”تهييف ” دور قوى الحرية والتغيير وإفقادها مكانتها وسط الشارع والثورة، فضلاً عن إيجاد فجوة بينها والشارع وتحجيم دورها لتمضي الاتفاقات دون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتحقيق أهداف الثورة. وأشار المهدي، إلى أن العسكريين أكدوا عدم رغبتهم في إبرام اتفاق ثنائي وقائد الجيش البرهان أكد ذلك الأمر في أكثر من مرة وكذلك بالنسبة لنا في الحرية والتغيير فنحن لا نسعى إلى عقد اتفاق ثنائي ولا نرغب فيه.

نسبة متقدِّمة

ورأى القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، في رده على سؤال حول تسريبات إن التفاهم بينهم والعسكر وصل (80%)، قال: إنّ التفاهم بينهم والعسكر وصل لنسبة متقدِّمة، وزاد: “تقريبًا صحيح”، وأشار الدقير بحسب “سودان لايت” إلى أنه من المهم أن تكون الإرادة صادقة، وزاد: “لكن المهم هل في إرادة صادقة ولا مناورات .. الله أعلم”،ولفت إلى أن الاتفاق الذي يتم بينهم والمكوِّن العسكري يقدِّمه المجلس المركزي إلى الآلية الثلاثية لكي تنفذ عملية الإخراج بإشراك الآخرين”.

تفاؤل حَذِر

بيد أن عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان، أكد في وقت سابق تفاؤله بانتهاء الحوار الجاري -حاليًا- بالوصول إلى صيغة تضمن تحقيق مطالب الثورة وعودة العسكريين إلى الثكنات غير أن تقديرات بعض الفاعلين في المشهد السياسي من خصوم مجموعة المجلس المركزي ترى أن ذلك التفاؤل في غير محله وتحذِّر من خطوة إبعاد العسكريين عن المشهد السياسي وانفراد مجموعة الحرية والتغيير به مرة أخرى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى