اتفاق العسكري والحرية.. بداية المشوار

الإصلاح الآن: ستختلف قوى الحرية فيما بينها وتعلق فشلها على الدولة العميقة

المؤتمر الشعبي: الاتفاق لبّى طموح الشعبي دون السقف الأعلى

 

الأمة: اختيار شخصية مدنية بخلفية عسكرية مُرضٍ لكل الأطراف

الاتحادي الديمقراطي: الاتفاق سيزيل احتقان الشارع ولن نشارك في الانتقالية

المؤتمر السوداني: الاتفاق جاء دون المطالب التي تقدّمت بها الحرية والتغيير

جاء الاتفاق الذي تم مع الساعات الأولى من الصباح أمس، ملبياً لطموحات الشعب السوداني وبعض القوى السياسية التي أكدت أن أنه بمثابة خطوة للأمام نحو الاستقرار وفتح الباب أمام اتفاقيات جديدة، وتحقيق عملية سلام شامل، فيما رأت بعض القوى السياسية أن الاتفاق جاء ناقصاً لأنه لخص جملة الاتفاق على المركز دون التطرق للولايات في كيفية تعيين الولاة ورؤساء المجالس التشريعية، بل وعابوا عليه بعض الوساطات التي ستتخذ من وساطتها وصاية تحدد معها من يمثل الشعب السوداني دولياً وإقليماً، ولكن الإطار العام جاء مرحباً بالاتفاقية من حيث الشكل حقناً للدماء ووقفاً للتصعيد من أجل العملية التنموية في البلاد وبداية مشوار جديد في صفحة السودان.

استطلاع: النذير دفع الله

بناء حزبي

المحامي والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق قال (للصيحة)، إنْ تجاوزنا شيطان التفاصيل فإنه اتفاق ممتاز سيخرِج من البلد مما هي فيه من وحدة، ويخرج قوى إعلان الحرية والتغيير من حرج، ويخرج المجلس العسكري مما هو فيه من فراغ دستوري.

وأقر ابوبكر بأن الاتفاق الذي تم بالنسبة للمؤتمر الشعبي يلبي طموح الحزب وتطلعاته، ولكن دون السقف الأعلى الذي كنا نتمنى فيه مجلساً سيادياً خالصاً في حالة الإجماع، ولكنه يأتي في إطار الخيار الثاني بأن يكون مجلس السيادة مختلطاً، وهو بلا شك سينزع فتيل الاحتقان الموجود في الساحة السياسية السودانية بل سيعطي مجالاً آخر لفتح المدارس والجامعات، وتكوين مجلس وزراء ولانصراف الكل في الأجهزة الرسمية في أداء واجباتهم تجاه المواطن وخدمته، وفي ذات الوقت يكفل للاحزاب السياسية أن تنصرف لبناء أحزابها سياسياً والاستعداد للانتخابات العامة، والتنسيق مع مجلس الوزراء فيما يتعلق بمفوضية الانتخابات وقانونها وتخطيط الملعب السياسي.

وأشار أبوبكر أن الاتفاقية جاءت شاملة حسب ما أوضحه نائب رئيس المجلس العسكري بأن الاتفاق لا يقصي أحداً، وهو ما سيكون قائماً، وبالتالي ليس هناك إقصاء، بل هنالك اختراقات سياسية في العلاقات بين مكونات الساحة السياسية السودانية، مبيناً أن تأخير المجلس التشريعي لن يؤثر كثيراً، لأن مهمة المجلس التشريعي الانتقالي محدودة تتصل بتعديل القوانين التي تهيئ المسرح السياسي للانتخابات العامة، فيما يتعلق بالقوانين المقيدة للحريات، وإرساء حقوق الإنسان وتمكين الأحزاب السياسية من الانتشار والدعاية والبناء، ويمكن لذلك أن يتم في عمل مشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة بالتنسيق مع الأحزاب السياسية، كاشفاً أن تجربة سوار سوار الذهب لم يكن فيها مجلس تشريعي انتقالي، وإنما كان التشريع بالشراكة معرباً أن شخصية مجلس الوزراء يجب أن تكون مستقلة من غير انتماء سياسي، ولكن إذا أي من الكتل السياسية قدمت خيارًا مع المجلس العسكري شخصية لديها انتماء سياسي ستخضع للفحص والتأكد، ويتم إبعادها سيما وأن الفترة الانتقالية حرجة لا تحتمل الصراعات، ولا تحتمل انتقال الصراع من الشارع إلى مجلس الوزراء، لأن مجلس الوزراء مهمته تصريف أعمال وتقديم الخدمات للمواطن، لذلك لابد من فاعليته بأمر المواطن، مضيفاً أن الفترة الانتقالية لن تزيد من الثلاث سنوات، ولكن الفترة الأمثل هي سنة واحدة، وإذا طالت يجب أن تكون لمدة سنتين، ولكن إذا كان ذلك مدعاة للتوافق السياسي فهذه غاية كبرى .

شخصية مزدوجة

الأمين العام لحزب الأمة صديق محمد إسماعيل أوضح (للصيحة) أن الاتفاق خطوة متقدمة جداً في اتجاه الحل السياسي لإزالة أسباب الأحباط الذي تملّك الشعب السوداني لمدة ثلاثة أشهر، ولذلك يجب أن يتم الإسراع لما تم الاتفاق عليه حتى تكتمل الفرحة مضيفاً: كلما توافق الناس وقدموا نتيجة متميزة ستصب في مصلحة الشعب السوداني، مشيراً إلى أن اختيار شخصية مدنية ذات خلفية عسكرية تكون في قمة المجلس السيادي أنه حل موفق، سيما وأنه الخلاف بين المدنيين والعسكريين، ولأن تأتي شخصية مزدوجة الانتماء ستعمل على تعضيد التواصل بين الطرفين وتجاوز جميع أسباب الخلاف وتباين وجهات النظر، مبيناً عدم وجود شخصية لمجلس الوزراء حتى اللحظة تحتاج لدرجة عالية من التوافق لاأن هنالك تبايناً بدا يخرج ربما يعبر عن مجموعة من مكونات الحرية والتغيير.

وقال صديق: سيكون هناك تباين في وجهات النظر، ولكن يجب إحسان الاختيار حتى لا تكون سبباً لخلاف جديد، مؤكداً أن تأخير وغياب المجلس التشريعي لن يكون له أثر كبير، لأن سلطة التشريع ستكون شراكة بين مجلس الوزراء الذي يبتدر المشروعات ويوافق عليها مجلس السيادة، ولكنها وسيلة من وسائل التشريع، لأن المرحلة الانتقالية عادة لا تكون تتضمن تشريعات جديدة، وإنما إضافات تتعلق بالإصلاح وتفكيك الدولة العميقة ومحاربة الفساد باعتبارها قوانين استثنائية لا تحتاج للنمط المتبع في صياغة القوانين، وتحتاج لسلطة تشريعية منتخبة.

عدم مشاركة

القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، والناطق الرسمي السابق محمد الشيخ، قال (للصيحة) إن الاتفاق بين المجلس وقوى إعلان الحرية والتغيير مُرضٍ إلى حد ما، بإزالة الاحتقان في الشارع العام ووضع الجميع لانتشال الوطن من وهدته، لأن المحك ليس في الأقوال إنما في الأفعال، وأضاف ود الشيخ: إن الاتحادي الديمقراطي قدم رؤيته في الفترة الماضية بأنه لن يشارك في الفترة الانتقالية، بل سنكون مراقبين وسنصل جزءاً من المشهد السياسي نقدم النصح للعسكري أو الحرية والتغيير، باعتبار أننا نمثل جزءًا كبيراً من مكونات الشعب السوداني، مشيراً أن رؤيتنا تتعلق بترتيب البيت الاتحادي من الداخل، وعدم المشاركة في الانتقالية وإتمام الوحدة الاتحادية الكاملة لاستحقاق الفترة الانتخابية، مشدداً على أن أي إقصاء لأي جهة ما، سيزيد المشهد السياسي التهابا وسخونة.

كاشفاً أن المحاسبة ستكون فردية لأي شخص سرق أو استغل سلطته، أما القوى السياسية الأخرى التي لم يكن لها أي خطاً مرتكب ضد الشعب السوداني فلن تستطيع أي جهة إقصاءها، وأوضح ود الشيخ أن الاتحادي الديمقراطي جزء من مكونات الواقع السوداني، ولا يستطيع أحد إقصاءه، مبيناً أن القوى السياسية التي شاركت في نظام الإنقاذ، شاركت وفق اتفاقيات منها الشيوعي وجبهة الشرق وغيرها.

وطالب ود الشيخ القوى السياسية الارتقاء فوق الصغائر من أجل مصلحة الوطن لأن المرحلة الحالية مرحلة ذات حساسية عالية.

شماعة الفشل

حركة الإصلاح الآن أكدت أن أي اتفاق يدفع بالبلاد للأمام نرحب به، ولكن ما حدث من اتفاق بين العسكري وقوى إعلان والحرية والتغيير هو اتفاق ثنائي، يعني أن الآخرين ليسوا جزءاً منه.

وقال القيادي حسن رزق (للصيحة)، إن الاتفاقية حصرت الشعب السوداني في جزئيتين فقط المجلس العسكري الذي لم ينتخبه أحد وبين قوى الحرية والتغيير التي لا ترى في الساحة السودانية خلافها وهو خطأ كبير، وأضاف رزق أن الاتفاق بهذه الطريقة سيؤدي إلى شد وجذب وصراع آخر، مبيناً أن الخلاف سابقاً كان ليس في من يحكم السودان، بل كيف يحكم السودان، ولكن يبدو أن الأمر الآن تحول إلى من يحكم السودان، كاشفاً أن دخول الوسطاء أصبحوا بمثابة الأوصياء وهم الذين يقررون ما هي الجهة التي تمثل الشعب السوداني، وللأسف كأننا أصبحنا أجانب أو قادمين من جهات أخرى.

ونبه رزق أن الاتفاق تطرق للمركز أو شمل المركز، ولم يتطرق للولايات التي لا يُعرف بعد كيف يتم اختيار ولاة الولايات فيها أم رؤساء المجلس التشريعي، وهل هي ذات النسب التي اتفق عليها أم أن هنالك صيغة تم الاتفاق عليها للولايات وكأنها ليست جزءاً من السودان.

وقلل رزق من النسب التي منحت لقوى الحرية والتغيير بل والوصاية لأن يختاروا ممثلي بقية الأحزاب في المجلس التشريعي، مشدداً: نحن لا نحتاج وصاية من أحد لأننا حركات راشدة، تحدثنا من خلال وسائل الإعلام قبل هؤلاء، وانتقدنا وشاركنا برلمانياً بدون وصاية من أحد، وكان صوتنا عالياً جداً.

وقال رزق: لا يمكن لقوى الحرية والتغيير أن تكون لديها صكوك الوطنية توزعها على من تشاء وتمنع من تشاء، عليه لا نقبل بهذا الأمر، لأنه إذا مر اليوم فلن يمر غداً، لأن مشاكل السودان لن تحل بواسطة طرفين، سيما وأن المرحلة الانتقالية يجب أن تتكون من مراحل الانتقال، وتكون بواسطة مستقلين، وجدد رزق أن الفترة الانتقالية ربما ستذهب إلى أربع سنوات مضت منها ثلاثة أشهر وستة أشهر لعملية السلام 18شهراً للعسكر وغيرها، وكرر رزق رفضه أن تكون لقوى الحرية والتغيير الأغلبية التشريعية لأنه سلوك يحمل ذات تفاصيل المؤتمر الوطني الذي لم يصل للنسبة البرلمانية بهذه الطريقة، مضيفاً أن النظرة الاستعلائية لن تنفع، ولكن إذا تطايبت النفوس فيمكن لهذا الاتفاق أن يكون أفضل مما كان وأقر رزق بأن قوى الحرية ستختلف فيما بينها، لأن الجبهة الثورية ليست ضمن الاتفاق، بل مجموعة جبريل قد رفضت الاتفاق حسب علمي، وسيعلقون فشلهم على الدولة العميقة والكيزان.

دون المطالب

نائب الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، مالك أبوالحسن أكد (للصيحة) أن الاتفاق هو دون المطالب التي تقدمت بها قوى الحرية والتغيير فيما يتعلق بأن يكون المجلس السيادي بأغلبية مدنية وتمثيل عسكري ولكن الاتفاق بهذا الشكل سيكون مقبول لأن يخرج العملية السياسية خطوة للأمام، مشيرًا أن تحقيق الأهداف التي من أجلها خرج الناس مرهون بإرادة المجلس العسكري الذي هو شريك في مجلس السيادة. موضحاً أن أهمية تعاون الشق العسكري لا تتعلق بالأشخاص وعددهم بل يعكس مدى تعاون مؤسسات الدولة التي هم مسيطرون عليها من الأمنية لأن الفترات الاتقالية عموماً تعاني فيها الدول من زعزعة أمنية كبيرة، وإذا كانت القوات المسلحة والشرطة والجيش اعتبرت أن الاتفاق سيغير مستقبل السودان وبناء عليه تتغير الرؤئ والأفكار حول مؤسسات الدولة الأمنية التي يجب أن تغير استراتيجياتها بناء على الاتفاق من تغيير عقيدة القوات المسلحة القتالية وحماية النظام السياسي الجديد الديمقراطي، وأن يكون على جهاز الأمن الذي كان يستقي معلوماته من جهات كانت قمعية وتحمي نظاماً واحداً إلى جهاز معني بجمع وتحليل المعلومات المهددة للأمن القومي وليس بالعمل السياسي الداخلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى