الأغلبية الصامتة!!

* في كل ماراثون سياسي باهظ، نفتأ  ننتظر تدخل اللاعب رقم 12، والذي لم يكن سوى كتلة جمهور المتفرجين الضخمة،  لتقول  هذه الكتلة الصامتة كلمتها وترجح كفة فريقها، فالشغيلة السياسية مهما ارتفع صوتهم لم يكن بمقدورهم حسم الجولة….

* على أن مجمل إعداد الناشطين السياسيين يميناً ويساراً ووسطاً لا يتحاوز  بحال بضع مئات الآلاف، فهنالك في المقابل أكثر من ثلاثين مليوناً مواطن من جموع الشعب السوداني، لم يوقعوا بعد في دفتر الحضور الجماهيري في الميادين…

* فالكتلة الجماهيرية الغالبة بطبيعة الحال لا تحركها النداءات السياسية من ذات اليمين وذات الشمال، ولكنها ستخرج لا محالة بحول الله وقوته في لحظة فارقة  للمطالبة بقضياها الحقيقية، التي تتعلق بالمعاش وصناعة الحياة الكريمة والحفاظ على بيضة الوطن والدفاع عن الهوية القومية… ومن ثم ترجح الكفة وتحسم الجولة …

* على أن قضايا المواطن المعاشية قد سقطت من جدول وأجندة الساسة الذين يتقاتلون الآن بشرلسة حول أنصبة الحكم، وهم يسقطون في أول  امتحان قضايا الثورة التي خرج من أجلها المواطن، قضايا الثورة وهموم المواطن التي لم تكن سوى العدالة والتنمية والحياة الكريمة !!

*  قال الزعيم الصيني ماو في أربعينات القرن الماضي قولته الشهيرة، إن  الثورات العظيمة يُخطط لها الأذكياء وينفذها الأبطال ويستغلها الجبناء، على أن هولاء الشباب الثوار الذين صنعوا الثورة أصبحوا الآن أول ضحاياها ثورتهم المسروقة، فالانتهازيون الذين يفاوضون باسم الثورة والثوار الآن، لا يفاوضون حول قضايا المعاش والتنمية وصناعة المستقبل، وإنما يقتتلون حول أنصبة الحكم وكعكة هياكل المرحلة الانتقالية…

 

* على أن المرحلة الانتقالية التي يسعون الآن لتحويلها إلى عهدة حكم كاملة تقدر بأربع سنوات، يفترض أنها فترة للمحاسبة والتأسيس لحكم الديمقاطية لإرجاع الأمر لأهله عبر انتخابات حرة ونزيهة بعيداً عن انتهازية مواكب الشوارع..

* على أن هولاء الشباب الذين تزدحم به طرقات وميادين الثورة الآن، لم يكونوا جمهور حزب من أحزاب قوى الحرية والتغيير، وسيُفتَضح ويتضح هذا الأمر في أول تمرين انتخابي حقيقي، وإنما جمعت بين هولاء الشباب الثوار هذه اللحظة التاريخية وردة فعل على حكم الثلاثين عاماً السابقة، غداً لا محالة سيعرف أي فصيل وحزب ومؤتمر وتجمع قدره وحجمه الحقيقي…

 

* مهما يكن من أمر، فإذ ارتأت  فئة الهروب من استحقاقات صندوق الانتخابات، إلى شرعية حشود الشوارع، فليس هناك بدّ يومئذٍ من خروج الكتلة الصامتة في كل ساحات القرى والمدن الى شرعية الشوارع ليرى العالم رأي العين القول السوداني الفصل حتى تستقيم المعادلة،  برغم أن الميزان العادل والحاسم الذي تراضى وتعارف عليه العالم في فرز التكتلات الجماهيرية، هو صندوق الانتخابات الذي يهرب منه البعض..

وليس هذا كل ما هناك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى