الشاعر الكبير إسحاق الحلنقي في دردشة خاصة مع الحوش الوسيع.. لهذا السبب رفض عمر الدوش أن يغني محمد وردي أغنية الود!!

صلاح إدريس (توأم روحي) واعذريني من أجمل الغناء السوداني!!

 

حوار: سراج الدين مصطفى   5 أغسطس 2022م

الجلوس مع إسحاق الحلنقي له متعة خاصة لا تدانيها متعة .. فهو إنسان عفوي وبسيط وحبوب .. كنت مرافقاً له طيلة أيامنا في مدينة كسلا .. وأكرمني الله بأنني كنت معه في غرفة واحدة وذلك أتاح لي الكثير والمثير .. الذي يقال والذي لا يقال .. وهذا الحوار الخفيف جزءٌ من الذي يمكن أن يقال في الهواء الطلق .. جلست معه وتحدّثنا عن الكثير من الشخصيات التي هي جزءٌ من حياة إسحاق الحلنقي .. فتعالوا نقرأ معه بعض الإفادات التي قدمها وهي إفادات للتاريخ والحياة والزمن.

 

ذكرت من قبل وقلت بأنك (مشاغب) ولكن عمر الدوش كان (هادئاً) .. فكيف التقى هذا التناقض وعمّق من صداقتكما؟

كان الدوش حديثه همساً لا تسمع صوته إلا بصعوبة .. وهو كان شخصية بسيطة جداً ولا يفرق معه كثيراً إذا كان مقيماً تحت ظل شجرة أو قصر .. فالأمور عنده متساوية .. وعلى العكس من ذلك تماماً كنت أنا مشاغباً وأحب حياة الصخب والضجيج .. ولك أن تعرف أن الدوش حينما كتب أغنيته الشهيرة (الود) رفض أن يسلمها لمحمد وردي لأنه كان لا يحب الأضواء .. ومن المستحيل أن يوافق الدوش لصحفي بأن يجري معه حواراً .. ولكن الأضواء كانت تسعى إليه .. وأنا في فترة الشباب كنت أبحث عن الأضواء من خلال زياراتي للفنانين وعرض أغنياتي لهم .. ولكن الدوش كان لا يبحث عن الفنانين.

كيف تنظر لتجربته كشاعر عظيم؟

لا يوجد شاعرٌ في السودان كتب الأغنية الرمزية كما كتبها عمر الدوش .. فهو كان بارعاً جداً في كتابتها .. والدوش في تقديري شاعر كتابته تصل إلى حد العبقرية.

في زمن ما وصفت بأنك شاعر نرجسي حينما كتبت (والله سعيد أنت يا البريدك أنا)؟

هذا المقطع بالذات رفضته لجنة النصوص وكانت تبريرهم في رفضها بأنها تحمل شحنة عالية من النرجسية .. وهذه الصورة معكوسة .. لأن الأصل بأن تكون أنت السعيد لمحبة مريدك وليس العكس .. رغم أنهم أجازوا الكثير من القصائد لبازرعة والكثير من الشعراء فيها تعابير أكثر نرجسية من المقطع الذي كتبته؟

أنت من قبل قلت لصالحين حينما اختلف معك (لو أوقفت أغنياتي لن تجد غير بث نشرات الأخبار) وهذا أيضاً يؤكد تلك النرجسية؟

هذا الموقف حدث حينما قام صالحين بزيادة أجور الفنانين لم يزد أجور الشعراء وأنا قمت باستنكار ذلك الفعل من محمد خوجلي صالحين .. فقال لي بأن هناك لوائح تحكم العمل في الإذاعة والتلفزيون ولا يمكن أن أحيد عنها .. فقلت له أنا سوف أسحب جميع أغنياتي وأرفض بثها مرة ثانية ما لم تعدل اللائحة .. ولك أن تعرف بأن حالة من الغرور انتابتي حينما سمعت ذات مرة برنامج ما يطلبه المستمعون وكانت جميع الأغنيات التي طلبها المستمعون من أشعاري وذلك هو ما دفعني للمطالبة بزيادة أجري وحينما رفض صالحين قلت له (والله توقف غناي الا تقلب الإذاعة نشرات أخبار بس).

كانت لديك علاقة خاصة بالمرحوم عمر الحاج موسى؟

كان رجلاً جميلاً .. رحمة الله عليه .. فهو كان عبارة عن غيمة ظليلة مرت علينا في الأرض .. كان صادقاً وعفوياً .. وكان يحب الفن والفنانين .. وفي كل البعثات كان يصحب معه الفنانين والمبدعين .. وهو كان نموذجيا حقيقيا لوزير الثقافة .. وقدم تجربة يحتذى بها .. وهو شخصية لا يمكن تعويضها أبداً .. وأنا حينما توفي شعرت بأنني فقدت الأب الروحي بالنسبة لي.

نتحدث قليلاً عن الشاعر عثمان خالد؟

عثمان خالد شاعر مبدع وأصيل ومختلف عن كل الشعراء .. وهو يسعى بأن تكون للمبدع قيمة عند الدولة .. وهو كان دائم الجلوس في الفندق الكبير .. فهو لو شرب فنجان قهوة لا يدفع حسابه بل يقول بأن الحكومة هي التي يفترض أن تدفع ثمن فنجان القهوة .. وهو له حادثة شهيرة حينما كان مقيماً بالفندق الكبير ورفض أن يدفع قيمة الفترة التي قضاها وطلب من إدارة الفندق أن تطالب وزارة الثقافة بدفع الفاتورة .. ولكن مأمون عوض أبوزيد دفع قيمة الفاتورة من حساب وزارة الثقافة.

لك مودة خاصة ومحبة للشاعر والملحن الشاب محمد ديكور؟

محمد ديكور يمثل بالنسبة لي الكثير .. فهو شاعر وملحن تفهم طبيعة الشعب السوداني .. رغم أن الجميع يظلمه لأنه كتب أغنية (سنتر الخرطوم) ويقومون بنسب بعض الغناء الهابط له .. ولكني أعتقد بأنه يقدم في أغنياته نقدا اجتماعيا للحالة السودانية وما وصل إليه المجتمع عن طريق مفردة مباشرة وبسيطة .. وأنا أحب محمد ديكور لأنه يمنحني لمحة من أيام الشباب .. ولك أن تعرف أن والده كان صديقي وهو كان مُهندساً في الإذاعة السودانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى