وصف الوضع بالخطير سفير واشنطن الجديد.. هل يحمل عصا موسى لحل الأزمة؟

 

تقرير: مريم أبَّشر  28 يوليو 2022م

أحدثت الإجراءات التي اتخذها الفريق البرهان واعتبرها تصحيحية لمسار الانتقال الديموقراطي – وعدتها قوى الثورة والمجتمع الدولي انقلاباً عسكرياً على سلطة الانتقال المدنية – ربكة في مجمل الأوضاع بالسودان. فمنذ إعلان القرارات في العاشر من أكتوبر العام الماضي، وحتى الآن، أي أكثر من تسعة أشهر، لم تتمكَّن الحكومة الحالية ممثلة في المجلس السيادي من تشكيل حكومة انتقالية بخلاف تلك التي أعلن تكليفها على مستوى كبار الموظفين في الخدمة المدنية، وبالمقابل لم تتمكَّن القوى السياسية التي ضرب أوصالها الخلاف و الانشقاقات (قوى الحرية والتغيير وتجمُّع المهنيين)، من تشكيل قوى مناوئة صلدة تتصدر للمشهد السياسي وتعيد المسار الديموقراطي  إلى وضعه الطبيعي وباتت لجان المقاومة هي المحرِّك الوحيد للشارع .

في ظل هذا الوضع المائع، تدهورت الأوضاع في كل المناحي السياسية و الأمنية والاقتصادية وأحجم المجتمع الدولي عن تقديم المساعدات، فأصبح السودان بعد ثورة نالت إعجاب المجتمع الدولي وفتح كل أبوابه لها، دولة معزولة وجمدت كل الدول دعمها ومساعداتها الإنسانية رابطة استئناف التعاون بعودة الحكم المدني، ولكن رغم ذلك هنالك بعض مساحات التعاطي الدولي مع الوضع الراهن، بالرغم من تجميد المساعدات الإنسانية التي كانت واشنطن اعتمدتها للسودان، فقد ظلت قنوات التعاون الرسمي مفتوحة بينها             والخرطوم، بل أن الكونغرس الأمريكي اعتمد خلال الأيام الماضية السفير جون قودفيري، كأول سفير لواشنطن بالخرطوم منذ ثلاثة عقود، حيث كانت تدار البعثة الأمريكية في الخرطوم عبر القائم بالأعمال .

مخاطر

قودفيري، وهو يتأهب للقدوم لتسلُّم مهامه بالخرطوم أطلق تصريحاً حذَّر فيه من خطورة الأوضاع بالسودان، قال فيه: إن السودان يواجه مخاطر حقيقية بعد استيلاء العسكر على السلطة بجانب عدم وجود اتفاق على إنشاء إطار لانتقال يقوده المدنيون، الأمر الذي فاقم الوضع السياسي وعمَّق الأزمات الاقتصادية       والأمنية. وقال بحسب “اليوم التالي” إن الوفاء بوعود الثورة الديموقراطية التي تم إطلاقها في السودان أمر مهم للشعب السوداني ولاستمرار أمن البحر الأحمر،

وأضاف: إن أهم أولوياته في السودان هي مساعدة أصحاب المصلحة السودانيين في إنشاء انتقال مستدام يقوده المدنيون و الحفاظ على إجماع إقليمي ودولي على خارطة الطريق، وتعهد بالعمل مع السودانيين والشركاء والآخرين لدعم مسار الانتقال باعتباره أمر عاجل في ضوء الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يواجهها السودان حالياً .

وحسب  المعلومات الإعلامية أن قودفيري، يتبنى رؤية لواشنطن تدعو لحوار سوداني عبر الآلية الثلاثية التي تقودها الأمم المتحدة والاتحاد لأفريقى و الإيقاد، وتواجه برفض من الشارع لكونها كرسَّت للنخب السياسية وأشركت قادة الانقلاب، ويرى قودفيري، أنه ليس غريباً على السودان لكونه شارك في ملف دارفور وشارك بشكل كبير في إلغاء تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب في العام 20، ويرى أن ترشيحه سفيراً للسودان بمثابة استمرار لتلك الجهود.

الهبوط الناعم

السفير قودفيري، وهو يهم بتسلُّم مهام بعثة بلاده في الخرطوم ويأتي لتنفيذ رؤية محدَّدة للإسهام في استعادة المسار الديموقراطي، مراقبون يرون أن تحقيق هذا الطموح لا يمكن أن يحدث ما لم تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية ككل عن سياسة الهبوط الناعم، ويرى الدكتور والخبير الأكاديمي صلاح الدومة في إفادته لـ(الصيحة) أن قودفيري، يمكنه مساعدة الشعب السوداني في استعادة ثورته والعودة للمسار الديموقراطي إذا ما توفرت إرادة جيِّدة لواشنطن وتخلت عن سياسة الهبوط الناعم القديمة، وقال: لابد أن تفكِّر الولايات المتحدة عبر العقل الجمعي وتسعى  لممارسة مزيد من الضغوط على العسكر وأن تعمل على التفكير الجدي لإبعاد العسكر عن السياسة وتسليم السلطة للمدنيين، وقال على واشنطن ممثلة في سفيرها القادم أن تضع في عقليتها شعار اللاءات الثلاث وأن تضع في اعتبارها قوى لجان المقاومة  باعتبارها هي القوى الحقيقية التي تملك الشارع وهي الحصان الأبيض الحاسم لمسار الانتقال الديموقراطي .

مستوى المسؤولية

الأستاذ الأكاديمي والمحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر، في سياق تعقيبه على أشار إليه السفير الأمريكي وهو يتأهب للمجئ للسودان لتسلم مهمته  بأنه يأتي لتنفيذ رؤية بلاده   لمساعدة الانتقال الديموقراطي في السودان، يرى أن الشعار الأمريكي الدائم والثابت (ساعدوا أنفسكم لنساعدكم) وقال قودفيري: لن يأتي بالحل وإنما سيأتي لمساعدة ناس لديهم الاستعداد لمساعدة أنفسهم ويكونوا في مستوى المسؤولية،  وأضاف: إن قودفيري ليس لديه الحل وإنما لديه استعداد  لجعل الحل ممكناً والعمل على مساعدة الذين في مستوى المسؤولية، وقال خاطر في إفادته  لـ (الصيحة):  إن المسؤولية بالكامل تقع علينا نحن كسودانيين، يجب علينا أن نوحِّد رؤيتنا  وأهدافنا وأن لا تتعارض  تلك الرؤية مع المصالح الأمريكية والدولية،  ولفت  الأستاذ عبد الله آدم للشعار المميَّز الذي كان يشير إليه الأستاذ بونا ملوال (أمريكا إذا راضية عليك تديك ولد عينا وإذا غضبت منك تتركك لحالك)، وقال خاطر:  إذا كان هنالك من  نصيحة  توجه اليوم يجب أن نوجهها  للشعب السوداني كله بأن يكونوا في مستوى المسؤولية ويعملوا على  تقدير الموقف التقدير السليم وأن تتوحَّد الجهود من أجل تحقيق أهداف الثورة سواءً في تحقيق المسار الديموقراطي أو الحكم اللامركزي عندها سيساعدنا العالم بنية حسنة, علينا فقط أن نقدِّر الموقف.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى