سراج الدين مصطفى يكتب: محمد الأمين .. تأمل جديد

نقر الأصابع

سراج الدين مصطفى

محمد الأمين .. تأمل جديد

(1)

نشأة محمد الأمين في السودان المصغر ولاية الجزيرة وتأثُّره بفنون تلك المنطقة التي جمعت كل اهل السودان وهم  مُحمّلون بثقافتهم الغنائية والصوفية المتنوعة، هذه النشأة والتأثر أصبحا يمثلان جوهراً أصيلاً قيّماً ودينمو محركاً في شكل تأليف معظم الألحان التي قدمها محمد الأمين، فنجد محمد الأمين والذي ظهر بقوة في شكل ألحانه الوطنية والإيقاعات التي تبث الحماس في الروح والمتفاعلة مع وجدان المواطن السوداني، نجده ايضاً يدخل بعض الأنماط الغنائية الشعبية المنتشرة في السودان مثل أغاني الحماسة والمناحة والدوبيت، بل عندما يتناول أغان من المراحل الفنية السابقة كان يدخل عليها عنصر الإبداع الموسيقي في شكل الموسيقى المصاحبة وإدخال اللزمات الموسيقية وكان هذا واضحاً في أغنية الحقيبة (بدور القلعة) التي وضع كلماتها الشاعر الراحل صالح عبد السيد (أبو صلاح) هذه الأغنية قدمها محمد الأمين وهو في بداية حياته الفنية في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات واشتهر بها في مدينة ود مدني، كما قدم أغنية (جاني طيفو طائف) (من قليبو الجافي) (عازة الفراق بي طال).

(2)

أما في مجال أغاني الحماسة قام بوضع اللحن لاغنية (عيال أب جويلي).. وعيال أب جويلي هم اسرة كبيرة اشتهرت بالكرم والشجاعة والتجارة بمنطقة (المسلمية) ولاية الجزيرة وفي أثناء تجارتهم بمنطقة غرب السودان قابلتهم قافلة من قطّاع الطرق ولكنهم انتصروا عليهم، وظهرت الأشعار التي تُمجِّد شجاعة هذه الأسرة (أب جويلي) فقام محمد الأمين بحفظ بعض منها بمساعدة إحدى حبوباته ووضع عليها اللحن المعروف على إيقاع العرضة الحماسي المعروف والذي يميز كل منطقة البطانة.

(3)

في تجربة أخرى مستلهمة من الموروث الشعبي، ظهرت واحدة من أشهر أغانيه المناحية وهي (غرار العبوس) هذه المناحة تنسب إلى امرأة كانت تبكي الشيخ عبد الباقي في وفاته، كانت تؤدي فيها الكلمات الشعرية التي تعبر عن الشيخ عبد الباقي ومكانته السامية، وفي لحن دائري وبسيط، أخذ محمد الأمين هذه الفكرة البسيطة ونماها وطوّرها من الناحية الموسيقية والأدائية وقدمها لجمهوره وأصبحت من أشهر أغانيه المناحية يؤديها في مناسباتها المعينة.

(4)

أما في مجال الدوبيت كانت النتيجة واضحة لمبدع تغذى بتراثه واستلهم منه ألحانه وذلك بإدخال فن الدوبيت في بعض مؤلفاته الغنائية، وذلك كان واضحاً في أغنية (جديات العسين) والتى ادخل عليها محمد الامين مجموعة من اشعار الدوبيت وبألحانه البسيطة والمتنوعة.. واغنية (زورق الألحان) والتي صاغ كلماتها الشاعر فضل الله محمد وفي الكوبيليه الأخير للاغنية وعند البيت الشعرى (بيتين من الدوبيت فى ليلة صيفية) هنا تتوقف الموسيقى ويصبح هنالك حوار ما بين آلة الكمان الصولو ومحمد الأمين، تبدأ آلة الكمان وكأنما تؤدي لحناً من ألحان الدوبيت البسيطة ويليها محمد الأمين بالدوبيت الذي ادخل عليه بعض الأبيات الشعرية من كلمات الشاعر محمد علي جبارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى