عبد الله مسار يكتب: الرافضون للحوار (3)

النصيحة

عبد الله مسار

 الرافضون للحوار (3)

قلنا في مقالينا الرافضون للحوار (١) و(٢)، إن قحت والحزب الشيوعي وبعضاً من لجان المقاومة رفضت الجلوس للحوار، الذي تسهل أمره الآلية الثلاثية والذي عقدت أولى جلساته في الأسبوع المنصرم، وقلنا إنّهم رافضون للحوار لأنهم إقصائيون يرفضون غيرهم، لأنهم يريدون احتكار السلطة باسم الشرعية الثورية دون الشرعية الدستورية وإبعاد الآخرين. بحجج مختلفة، منها أنهم لا يجلسون مع الفلول أي الذين شاركوا الإنقاذ بطرق مختلفة.. “طيِّب ما أنتم فلول منو فيكم ما شارك الإنقاذ في فترة من الفترات في مواقع تشريعية وتنفيذية وباتفاقيات مختلفة من جيبوتي ونيفاشا، بل بعضكم ترشح لرئاسة الجمهورية في هذه الإنقاذ، وبعضهم شغل ولاة ولايات ونواب ولاة ولايات ووزراء مركزيين ورؤساء لجان في المجلس الوطني، واشتركوا في حكومات الولايات والمجالس التشريعية”، وحتى لو قلنا إنهم جاءوا الإنقاذ باتفاقيات، أيضاً الآخرون اشتركوا باتفاقيات سواء كانوا في القاهرة أو جيبوتي أو اتفاقية الشرق أو الدوحة أو أبوجا أو حتى جوبا الأخيرة. إذن هذه حجة واهية.

ثم من حججهم أنهم لا يجلسون مع العساكر، لأنهم قتلة، وهم نفس العساكر الذين وقعتم معهم الوثيقة الدستورية، وتقاسمتم معهم السلطة، ما هو الذي حلّل لكم الأمر في الأول وحرّمهم اليوم؟ يعني اكتشفتم هؤلاء قتلة اليوم وكانوا بالأمس لما انحازوا للثورة ووقعوا معكم الوثيقة الدستورية وصرتم حكاما معهم طيلة السنوات الثلاث الماضية، كانوا ملائكة.. “ما هو البرهان نفس البرهان وحميدتي ذاته حميدتي وكباشي هو ذات كباشي” ماذا تغيّر؟ هل تغيّر حميدتي الضكران الذي خوّف الكيزان؟ أما فض الاعتصام فهو مسؤوليتكم جميعاً!!!

أما موضوع الآلية وواسطتها، مَن الذي جاء بفولكر والبعثة الأممية وبل هم من مستشاريه الآن وبالأسماء، كيف تقبضون دولاره وتأتون به من وراء البحار بخطاب خلسة من د. حمدوك، وكل الرافضين مشتركون مع حمدوك وموافقون على البعثة التي يرفضها الشعب السوداني عندما كنتم حُكّاماً ذاك الزمن!!!

حملة الجنسية المزدوجة من جاءوا بفولكر، حتى مؤتمر الحوار هذا من بنات أفكاركم ومقترحاتكم لأنكم كنتم تظنون انه الشباك الذي يعيدكم للسلطة بعد ٢٥ اكتوبر التي أخرجتكم منها بالباب!!!

أما ولد لبات هو واحدٌ من صنائعكم وكان وسيطكم المحبب الذي صنع لكم الوثيقة الدستورية التي منحتكم ثلثي السلطة في الثلاث سنوات المنصرمة، وأقصت لكم حتى الثوار الذين كانوا معكم في ميدان الاعتصام.

إذن، هؤلاء الوسطاء هم صناعتكم وفكرتكم، ومؤتمر الحوار هو من بنات افكاركم، لأنكم كنت تظنون أن ذلك سيمنحكم كل السلطة، ولكن لما جاء الحوار بالجميع ترفضونه الآن بحجج واهية.. كل ما قلتم من أسباب كنتم جزءاً منها.

أما اللاءات الثلاثة “لا تفاوض ولا شرعية ولا حوار” فهي صفرية لا معنى لها، لأن السودان ليس ملكاً لكم وحدكم، لأن الآخرين لا أجانب ولا ضيوف.. سودانيون بالأصالة مواطنة وحقوقاً.. وليس هنالك كائن من كان يعزل الآخرين او يقصيهم أبداً إلا عبر صندوق الانتخابات بتفويض شعبي دستوري.

عليه، أيها الرافضون للحوار، راجعوا أنفسكم وأعيدوا حساباتكم واقرأوا التاريخ الواقع قراءة حقيقية واحسبوا حجمكم، وهل يمكن أقلية بادعاء شرعية ثورية عاوزة تعزل الأغلبية، بل تريدون إبعاد المؤسسة العسكرية والتي هي محل ثقة واحترام وتقدير الشعب السوداني عن السلطة في الفترة الانتقالية، التي يقول كل تاريخ السودان الانتقالي كانت تقوده المؤسسة العسكرية من أكتوبر ١٩٦٤م الى ابريل ١٩٨٥م، كلها ثورات قادت الفترة الانتقالية المؤسسة العسكرية. أما المدنية والديمقراطية مكانها صندوق الانتخابات. نحن الآن في مرحلة التجهيز للتحول الديمقراطي.

إذن الى رافضي الحوار، تعالوا نذهب مباشرة للانتخابات، ويكفي الفترة الانتقالية الثلاث سنوات المنصرمة التي حكمتم فيها  السودان قضيتم على الأخضر واليابس.. أخذوا كل السلطة بالانتخابات وبتفويض شعبي قانوني عشان نقطع لكم سلام تعظيم.

إذن الرفض للحوار سببه الإقصاء واحتكار السلطة  ورفض الآخر بحجج واهية، جميعاً كنتم جزءاً منها   تحرمون على الآخرين المشاركة في الانقاذ وانتم كنتم جزءاً منها بنفس الاتفاقيات التي حللت لكم ذلك. اما الكلام عن الثورة فهي تراكمية، كل سوداني كان له نصيبٌ فيها ودورٌ في وقت من الأوقات.

عليه، أمامنا حلان، إما الحوار او الانتخابات. هنالك حل ثالث انتم ترفضوه وهو خروج الشعب السوداني في كل السودان في مليونيات في يوم واحد، نفوض المؤسسة العسكرية لمدة عام ليجهز ويعد السودان لانتخابات كما حدث في مصر، حيث لما انفرط الأمن ودنت البلد والدولة من الضياع وعمت الفوضى كما يحدث الآن في السودان، خرج الشعب المصري وفوّض المؤسسة العسكرية لقيادة البلاد لفترة سبقت الانتخابات.

رسالة أخيرة للشعب السوداني

أيها الصامتون، يجب علينا أن نحدد ماذا نريد، وأن نحسم هذه الفوضى، ونوقف هذا العبث، وأن لا نسمح لبلدنا بالضياع، الأمر دخل اللحم الحي وتجاوز الخطوط الحمراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى