محمد علي التوم من الله يكتب: حينما يسبق اللسان العقل ترى ماذا ستكون النتيجة؟

كلام تير    

محمد علي التوم من الله                   

   حينما يسبق اللسان العقل ترى ماذا ستكون النتيجة؟ 

   ولكي نقترب من الإجابة الصحيحة نستفيد من المثل الذي يقول: (الإنسان مخبوء تحت لسانه). 

ونحن هنا بصدد مواصفات وحدود وظيفة اللسان مع العقل، فكلاهما ينبغي أن يكونا مرتبطين برباط أزلي واحد، ما داما على قيد الحياة، معلوم بداهة ان العقل هو مركز القيادة، بالتالي صاحب السلطة الفعلية على اللسان والذي يأتمر الأخير بأمره. اذا فالمسؤولية المباشرة لكل ما ينطق به اللسان تقع عاتق العقل ويأتي الحكم على الإنسان من واقع ما ينطق به اللسان. فيقال فلان حكيم أو بليغ أو مهذب أو عاقل وكل ما يتركه أثر لسانه من الصفات الحميدة. 

وعلى النقيض أيضاً يأتي الحكم على الإنسان الآخر  من واقع ما ينطق به اللسان فيقال فلان مجنون أو بذئ أو جاهل أو شاطح، غبي، ماكر، إلى آخر ما تتركه آثار ما تحدثه كلمات اللسان. هذا الذي جعل الانسان مخبوءا تحت لسانه. 

ولكننا ما زلنا في حضرة العلاقة بين اللسان والعقل، ولم نجب على السؤال: ماذا سيكون حينما يسبق اللسان العقل؟

وثمة حالة أخرى متوفرة لدى الكثيرين ليس بالضرورة أن يكون أصحابها مجانين أو أغبياء، ولكن تنطبق عليهم صفات لا تقل خطورة، فيدخل هؤلاء في تصنيف المتعنتين والمعاندين والمتكبرين. 

انطلاقاً من تلك الصفات الذميمة ينطلق اللسان قبل العقل! والسؤال المهم هو  هل هؤلاء لا يملكون عقلاً وعقلانية وحقائق الأمور، لكنهم يعاندونها ويكابرون؟ 

الإجابة نعم. 

في هذه الحالة يعيش مركز القيادة العقل مأساة خطيرة جداً ويحتلها الفساد، بالتالي فإنّ صاحبها موعودٌ بالدمار والهزيمة. الذي يحاور أو يحادث طرفًا من أمثال هؤلاء يصيبه أذى كثيرٌ من لسان ذلك الطرف، وتماماً كالذي يفتح صنبورا من مياه الصرف الصحيفة. 

الحوار والتفاهم هما سياحة عقلانية ممتعة ومفيدة يحاول كل طرف ان يقدم لنظيره اطيب وأجمل وأحلى ما يجود به عقله وتجاربه وثقافته البناءة، ويستثمر كل هبات الطرف الآخر. 

هناك ملاحظات فنيه تؤكد ما ذهبنا اليه، أولها ان الذي يتمتع بالعقلانية وسيطرة العقل الإيجابية النافعة على اللسان، هم من يتمتّعون بخواص الإصغاء الجيد. 

وعلى النقيض فإن الذين يثيرون الضوضاء والتسرع والثرثرة ويسبقون اللسان على العقل، هم من ينطبق عليهم المثل الإنجليزي (البراميل الفارغة تسبب إزعاجاً). 

ثانيها، إن الذي يجيد الإصغاء هذا حينما يواجه بسؤال أو مسألة فإنه يصمت برهةً قبل أن يتفوّه بكلمة، فإذا أصدر حكماً كانت هناك عبارات تدل على أنه واع، ويترك مساحات، للمراجعة اذا اتضح له صواب غير ما ادلى به ويعمل بحكمة (الرجوع للحق فضيلة) وتجده مثلاً ينتقي عبارات مثل: (في رأيي والله أعلم) أو (قد يكون ذلك كذا وكذا) او اذا كان اقرب للتأكد يقول:(غالب الظن) وهكذا دواليك، وعلى النقيض ممن ذكرنا، فإن الذي يتشنج لرأيه وهو واضح في المجالس لأنه لا يأبه لسلطة العقلانية على اللسان، فتجده يكثر في القسم ولا يترك مساحة للرأي الآخر لأنه يدعي أنه هو وحده (أبو العريف)!! والله أعلم. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى