منى أبو زيد تكتب: سَبقٌ صحفيٌّ..!

هناك فرق

منى أبو زيد

سَبقٌ صحفيٌّ..!

“كل خطأ جسيم يمر بلحظة وجيزة يمكن فيها استرجاعه وربما علاجه”.. بيرل س باك..!

الذين فازوا بجائزة نوبل مُدينون بشيء من ذلك المجد لبعض الصحف التي نشرت خبر وفاة “لودفيغ نوبل” التاجر الثري شقيق “ألفريد نوبل” مخترع الديناميت. فقد التبس خبر الموت على تلك الصحف وظنت أن ميت آل نوبل هو “ألفريد” فجاءت صياغتها للخبر بعناوين هجومية على غرار “مات عدو الإنسانية.. مات القاتل.. نوبل يرحل بعد أن زرع الدمار” ..إلخ..!

وعندما قرأ الرجل الحال الذي ستكون عليه ذكراه بعد رحيله اتخذ على الفور قراراً بتسخير ثروته التي جنى معظمها من اختراعه المدمر ذاك للإنفاق على جوائز تقدم سنوياً لأصحاب الإسهامات الكبرى في خدمة السلام والعلوم والآداب، فكان ما كان من أمر تلك الجائزة..!

أخطاء الصحف في صياغة الأخبار تحدث في الغالب سهواً، أما أخطاء صياغة المقالات واختلاف بعض الكلمات من النص الأصلي إلى النص المنشور فسببه تعدد القائمين على أمر المقال قبل صدوره، من الكاتب، إلى المصحح، إلى المحرر العام.. إلخ..!

لكن بعض المصححين قد يعمدون إلى تخمين بعض الكلمات بناءً على وجهات نظرهم بسبب أخطاء بعض الكُتّاب فيخرج التحريف المفسد للمعنى على الملأ مذيلاً بتوقيع الكاتب وعلى مسؤوليته أيضاً. وليس أصعب – بطبيعة الحال – من تصحيح الخطأ الطباعي المنشور..!

ومن طرائف المصححين موقف شهير لمصحح “مجلة العربي” الكويتية مع طرفة ختم بها كاتب شهير إحدى مقالاته. كان نص الطرفة يقول إن رجلاً قام برفع شكوى إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك قال فيها يا أمير المؤمنين إن “أبونا” قد هلك وترك “مال كثير” فوثب “أخونا” على مال “أبونا”  وامتلكه. فغضب الخليفة من وقوع الرجل في أربعة أخطاء نحوية في كلام قليل ورد عليه قائلاً في غضب “لا رحم الله أباك ولا بارك فيما ورثت”. لكن الطرفة فقدت دلالتها لأن المصحح – فيما يبدو – كان يفتقر إلى حس الدعابة، فقام بتصحيح الأخطاء النحوية موضوع النكتة..!

 للتعامل مع هذا النوع من الأخطاء – التي بدأت تتفاقم في صحفنا المحلية – هنالك اقتراحان، إما أن تحذو إدارات تحريرها حذو صحيفة التايمز التي كانت تكثر فيها أخطاء الطباعة فبحث القائمون على أمرها القضية بكل جدية، ثم قاموا برصد مكافأة قدرها “ألف جنيه إسترليني” لكل خطأ. وبعد انقضاء نحو عامين على قرار الجائزة لم يتمكّن أي قارئ من الحصول عليها..!

وإما أن تُكابر فتحذو حذو صحيفة أمريكية كانت قد نشرت خبر وفاة الشاعر والأديب الفرنسي الكبير “فيكتور هوجو” في العام 1875م، ومع أن الصحيفة قد علمت بعد ذلك أن الرجل كان لا يزال حياً يرزق إلا أنها كابرت ولم تعتذر. وبعد مرور عشر سنوات أي في العام 1885م مات “هوجو” فعلاً، فنشرت ذات الصحيفة الخبر التالي بالخط العريض “لقد كنا أول من سبق إلى إعلان خبر وفاة الشاعر الكبير”..!

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى