صلاح الدين عووضة يكتب: وتضحك؟!

بالمنقطق

صلاح الدين عووضة

وتضحك ؟!

 

والضحك أنواع..

فهناك ضحكة صفراء…وأخرى خبيثة…وثالثة صافية…ورابعة لزجة…وخامسة متكلفة..

والضحك المتكلف هذا يكون على سبيل المجاملة..

وأسوأه الذي يجيء من باب النفاق – والتملق – إزاء نكتة سخيفة من تلقاء كبير..

سواءً كان رئيساً…أو وزيراً…أو ذا مال…أو حتى مخدماً..

ولكني أضيف نوعاً سادساً ؛ وهو الضحك (الغيَّاظ) – بصيغة المبالغة – الذي يغيظ جداً..

وهذا الضرب من الضحك كان قد اشتهر به المخلوع..

كان يضحك ضحكاً يغيظ الناس ؛ وهم يكادون يتميزون من الغيظ…كحال جهنم يوم القيامة..

وبالغ في ضحكه الغياظ هذا يوم لقاء قاعة الصداقة..

وكان يوماً من أواخر أيامه في السلطة…وحُشر له الذين يضحكون لنكاته السخيفة ضُحى..

ومنها نكتة (ح أحكي ليكم نكتة حصلت معاي حكاها لي واحد)..

فهو ضربٌ من الضحك ينم – في بعض أوجه مسببات جعله غياظاً – عن لا مبالاة عظيمة..

لا مبالاة بعذبات يعانيها الناس…ولا بانهيار تشهده البلاد..

ومضت الإنقاذ…وجاءت حكومة الثورة…فإذا هي – ومنذ ضربة البداية – الإنقاذ (2)..

منذ أول صورة جماعية لأفرادها وقد بدوا فيها ضاحكين..

وكتبت – في حينه – أعيب عليهم مثل هذا الضحك في زمن البكاء..

فقد كان الناس يبكون شهداءهم…ومفقوديهم…وما آل إيه حال بلادهم من بؤس بئيس..

وعبت على زميلنا فيصل – تحديداً – تبسمه العريض..

فهو من قلب هذا الواقع الذي يستدعي البكاء ؛ وعايشه لحظةً بلحظة…ودمعةً بدمعة..

لا كما القادمين من وراء البحار…ومن عالم الدولار..

ولكن الضحك استمر ؛ وكلما تفاقمت مصائبنا أكثر تضاعفت وتيرة ضحكهم الغياظ..

لماذا؟….لأنهم يمثلون الإنقاذ (اثنين)..

بكل برودها…وسخفها…وثقلها…ولا مبالاتها تجاه كل ما لاصلة له بدواعي نعيمهم هم..

فقد انفصموا – تماماً – عن الواقع…وعن الناس…وعن الضمير..

فجاء من بعدهم من يستنسخون تجربتهم ذاتها ؛ فشلاً…وبروداً…وانفصاماً…و خُطباً..

نعم ؛ حتى الخطب السياسية – والتبريرية – هي نفسها..

بل حتى لغة التنديد بالمتاريس – بعد زيادة أسعار الوقود – كانت هي لغة الإنقاذ (1) عينها..

زيادتها للمرة الرابعة ؛ وبنسبة المئة بالمئة ذاتها…كالعادة..

رغم أن المتاريس هذه هي التي أسقطت المخلوع ؛ وجاءت بهم للسلطة على حين غفلة

جاءت بالذين يضحكون…والناس يتألمون..

وربما نسي جماعة حمدوك – هذه الأيام – أنهم كانوا ينددون بأسلوب التتريس..

والآن يشجعون على التتريس هذا..

الآن ؛ بعد أن تبدل ضحكهم إلى بكاء بزوال سلطانهم..

ولكن واحداً منهم ما زال يضحك…وما زال في منصبه…إنه وزير المالية جبريل..

والذي يضحك ضحكاً (غيَّاظاً)..

بل ويطالب الشعب – كممثلٍ لأحد أهم الحركات المسلحة –  بأن يدفع هو الثمن..

ثمن تكلفة الحرب…وثمن تكلفة السلام..

ثم يدفع ثمن تكلفة فشل وزارته…وثمن تطبيقها القاسي لوصفات صندوق النقد الدولي..

فهو ما زال ملتزماً بها…كما كان في زمان حمدوك..

وأستاذنا الصعيدي – أثناء دراستنا العليا – كانت لديه مقولة مشهورة..

فالمادة التي يعلمنا إياها كانت جديدة علينا…إذ لم تكن من بين مقررات دراستنا الجامعية..

وهي فلسفة أصول الفقه…وطريقة تدريسه نفسها صعيدية..

فكنا نضحك…ويصرخ هو فينا ( يا خيبة الرجالة لما تضحك على خيبتها)..

ويا خيبة وزارة ماليتنا الآن لما تضحك على خيبتها..

لما تقول إنها تعتمد على جيب المواطن..

فهو ضحك يكشف عن أحط ضروب البرود…والانفصام…وتبلد الشعور…واللا مبالاة..

فيا سيادة وزير وزارة (جيب المواطن)..

يا من زعمت أنك رفعت السلاح – سنين عددا – من أجل قضية المعذبين في الأرض..

الآن عذابات الناس – في عهدك – بلغت حدودها القصوى..

وبتضحك ؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى