نشاط مع الصناديق العربية.. هل يخرج السودان من أزمته الاقتصادية؟

 

الخرطوم- جمعة عبد الله     19 يونيو2022م

يواجه الاقتصاد السوداني، مأزقاً جديداً، في أعقاب تعثر الجهود السابقة للاندماج الاقتصادي في المجتمع ووقف المساعدات الاقتصادية وتعليق برنامج إعفاء الديون، وأدخلت هذه التغيُّرات البلاد في مرحلة جديدة، يبدو من العسير التكهُّن بما ستفضي إليه من نتائج، وأثرها على الاقتصاد، ومما يزيد من حجم المخاوف المُستقبلية أن الإصلاحات الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة السابقة جاءت وفق اتفاقيات مع جهات خارجية والتزامات المانحين.

رؤية ضبابية

وسيطرت الضبابية وعدم وضوح الرؤية على التوقعات بشأن مستقبل الاقتصاد، في الوقت الذي يقول مراقبون: إن توقع مستقبل الاقتصاد السوداني – في الوقت الحالي –  خطوة سابقة لأوانها عَلاوَةً على كونها تفتقر للمنطقية والموضوعية، مُشيرين إلى أنّ الأمر رهينٌ بمعرفة ما ستسفر عنه تطورات الأوضاع السياسية ومسار توجهات الحكومة المقبلة التي لم تُشكّل بعد، ما يعني مزيداً من الانتظار لاتضاح الرؤية.

تحديات ضعف الموارد

ويدرك وزير المالية د. جبريل إبراهيم، حجم هذه التحديات، حيث قال أمس الأول: إن الاقتصاد السوداني يواجه تحديات عدة بسبب ضعف الموارد ووقف التمويل الخارجي، مشيراً إلى أن العلاقات مع البنك الدولي تتوقف على الاستقرار السياسي، لكنه لفت إلى أن هناك نشاطاً مع صناديق التمويل العربية وخاصة السعودية، واعتبر الوزير أن ضعف الموارد ووقف التمويل الخارجي أديا إلى عدم تنفيذ اتفاقية جوبا بالصورة المطلوبة، مضيفاً أن اتفاقية السلام خصصت لها نسبة محدَّدة في الموازنة لإكمال البنود الأساسية للاتفاقية، موضحاً إن وزارة المالية لا تستطيع تجاوز هذه النسبة.

وأشار إلى أن العلاقات مع البنك الدولي تتوقف على الاستقرار السياسي في البلاد، لكن هنالك نشاط جارٍ مع الصناديق العربية بالتركيز على السعودية، وأوضح أن مشكلة موارد السودان تتمثل في الإدارة والتوظيف السليم، وأن الاقتصاد يواجه بعض التحديات كما في الاقتصاد العالمي وكثير من الأزمات، إلا أن العمل يجري لمواجهة هذه التحديات وتذليل العقبات الاقتصادية.

وأكد جبريل استمرار جهود الحكومة لجذب الاستثمارات والمستثمرين الأجانب للاستثمار في البلاد بمختلف المجالات، مجدِّداً حرص الدولة وتشجيعها للعمل على تهيئة البيئة الاستثمارية.

وأوضح الخبير الاقتصادي النذير المغيرة محمد سعد لـ (الصيحة)، إن تعويل وزير المالية على الصناديق العربية لا يجدي، لأن الدول العربية التي يقصدها مثل: السعودية التزمت من قبل بتقديم ثلاثة مليارات دولار، للسودان عقب نجاح الثورة إلا أنها لم تلتزم بها وكل مادفعته لم يتجاوز (500) مليون دولار، فقط .

خلل الاعتمادات على المساعدات

فيما ترى الخبيرة الاقتصادية، د.إيناس إبراهيم، أن الاعتماد كلياً على المساعدات الدولية “غير ممكن” لعدم وجود التزام قاطع وواضح من جانب الدول الداعمة.

وقالت إيناس لـ (الصيحة): المساعدات تحوي مخاطر وإيجابيات، موضحة أن المخاطر تتمثَّل في تباطوء أو عدم وصول بعض المساعدات في حينها ما يخل بالأداء العام للاقتصاد، بالإضافة إلى أن المساعدات واضحة، هل منحاً أم قروضاً واجبة السداد؟ وأكدت ان على الحكومة ضمان تطبيق الإصلاح الاقتصادي وحينها لن تحتاج لمساعدات، وذلك عبر تقليل الصرف الإداري، للاستفادة المثلى من الأموال المخصصة للصرف غير المنتج.

واعتبرت دعم المشاريع المنتجة أكثر جدوى من الصرف الإداري غير المنتج، واستبعدت تحسُّن المؤشرات الاقتصادية في ظل الوضع الحالي، واعتبرت أن الأولوية في الصرف يجب أن توجه نحو القطاعات المنتجة التي تحقق فائضاً في الدخل، وتسهم في رفع المستوى المعيشي للمواطن، مع زيادة الاهتمام بالقطاعين الزراعي والصناعي باعتبار أن البلاد تمتلك مقوِّمات النجاح فيهما.

تطوير الإنتاج

فيما يقول المحلِّل الاقتصادي، د.هيثم فتحي: إن الاعتماد على المساعدات في استجلاب الموارد، “مخاطرة غير مأمونة العواقب”، موضحاً أن الدعم والمساعدات من المجتمع الدولي مشروطة بتطبيق بعض الإصلاحات “سياسية أو اقتصادية”.

وقال فتحي لـ(الصيحة): إن السودان لن ينهض بالمساعدات الأجنبية والقروض، بل عليه إجراء إصلاحات داخلية، واتباع تشريعات استثمارية جاذبة، لمواجهة تراجع الاقتصاد الحاد الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة لأسباب سياسية في المقام الأول، موضحاً أن أكبر التحديات أن تستهدف تقليل الإنفاق الحكومي وتعظيم الإيرادات ومراجعة الإعفاءات الضريبية ومحاربة الفساد والتجنيب وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يشمل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقال: إن الصادر يتطلَّب خطة متوسطة المدى كما ذكرت، لأنها تبنى على محور داخلي المتمثل في إزالة معوقات الإنتاج والإنتاجية وتسهيل إجراءات الصادر، مشيراً إلى أن المحور الخارجي بفتح أسواق الصادرات على أسس عادلة والأهم إعادة حصائل الصادر عبر النظام المصرفي، وأضاف: يمكن التركيز على التحوُّل من دعم العون الإنساني إلى دعم العون التنموي في المناطق المتأثرة بالحروب والنزاعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى