محمد البحاري يكتب : شرحبيل أحمد.. الفنان المؤسسة

11 يونيو 2022م

 

(العالم أصبح قرية صغيرة) أطلقت هذه المقولة عندما تطوَّر البث التلفزيونى والإذاعى بكل تأكيد تضاءلت هذه القرية إلى (حجرة صغيرة)  بعد هذا التطوُّر التكنولوجي الهايل فأصبح كل شيء في متناول اليد.

هذا التطوُّرحمل بين طياته الغث والسمين الصالح والطالح إذا أخذنا منصات التواصل الاجتماعى أنموذجاً      (فيسبوك ووتساب)، تكمن خطورة هذه التطبيقات أنها في متناول الجميع ممايتيح فرصة كبيرة جداً لضعاف النفوس والمراهقين العبث بمفاتيح الكيبورد بما تهوى أنفسهم.

أحياناً تتحوَّل هذه التطبيقات لمنابر لتصفية الحسابات بكل أنواعها نسبة لسهولة التعامل وإمكانية التخفي.

فأصبحت أرضية خصبة جداً للإشاعات والتشهير والإساءات هذا من المنظور السلبي، أما إذا أخذنا الجانب الآخر فهي منابر ثقاقية توعوية ترويجية تسويقية لمن أراد ان يستخدمها في الاتجاه الصحيح.

ماحملني للكتابة في هذا المضمار حملت الأسافير في الأيام الفايتة إشاعة بموت الفنان المعتق (شرحبيل أحمد) مد الله في أيامه ورغم خبث الإشاعة وافتقارها للأخلاق ومقومات السلوك القويم.

يمكن أن تمثل التفاته لهذا الفنان الشامل إن صح التعبير، فشرحبيل أحمد لايكفيه أن نسمي شارع بإسمه سرعان مايتهالك ويصبح حفر وبرك آسنة في الخريف لكنه مشروع (موسسة تعليمية) تحمل اسمه ومنهجه الفني المتكامل لو كنت مسؤولاً لو ضعت حجر الأساس اليوم قبل الغد (لمؤسسة شرحبيل أحمد للفنون).

قَلَّ أن تجد فناناً يحمل مواهب الفنان (شرحبيل أحمد) فهو مغني وعازف ومؤلف وموزع ورسام وشاعر وملحن،  بهذه الصفات يمثِّل ثروة فنية ذاخرة يجب الوقوف عندها.

إذا أخذنا جانب الغناء لايختلف اثنان بأن الفنان شرحبيل أحمد، يملك ناصية التطريب والأداء المتفرِّد فهو ملك موسيقى الجاز بدون منازع ويختار النصوص والشعراء بعناية فايقة جداً ما أكسب أغانيه خاصية الانتشار.

يمثِّل مولد شرحبيل في العام (١٩٣٥م)، ونشأته بحي العباسية الأم درماني جزءاً من تكوينه الإبداعى لما لهذا الحي من تاريخ فني ثقافي كبير.

التقى مع الشاعر سوركتي (عشنا وشفنا وبتقول مشتاق) ومع عوض أحمد خليفة  (حبيب العمر) ومع ذو النون بشرى        (حلوة العينين) ومع سعد قسم الله في العديد من الأغاني مثل: (قلبي دق)، وهو بغير أنه فنان غنائي فهو كما معروف رسَّام تخرَّج في كلية الفنون الجميلة بالخرطوم واحترف الرسم إلى جانب أدائه للغناء والعزف على الآلات الموسيقية.

ساهم في توظيف مهاراته الفنية في هذا المجال في العملية التعليمية والتربوية من خلال رسوماته في الكتب والمجلات التي تستهدف الأطفال وتلاميذ المراحل التعليمية الابتدائية ومنتسبي فصول محو الأمية. ومن أبرز أعماله في الرسوم التعليمية هو تطوير شخصية « عمك تنقو» وهي شخصية كرتونية تعليمية في مجلة الصبيان في عام 1946م، والتي كان يصدرها مكتب دار النشر التربوي التابع لوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم لاحقاً) السودانية. وقد تأثر شرحبيل بهذه الشخصية في صغره وعندما التحق بالمجلة عمل على تعديل رسم شكل الشخصية إلى قرد الشمبانزي وذلك على غرار شخصيات مجلات الأطفال العالمية التي تستخدم أشكال الحيوانات مثل شخصية ميكي ماوس في أعمال والت ديزني.

كما ابتكر شرحبيل شخصية «مريود» في مجلة “مريود” السودانية وشخصية       «جلجل» في المجلة نفسها كما ساهم في رسم شخصية «جحا» وظل يعمل في رسومات مجلات الأطفال منذ عام 1960م، حتى تقاعده عن العمل بوزارة التربية والتعليم في عام 1995م.

ظل الفنان شرحبيل أحمد، مترِّبعاً على لونية غناء الجاز ولم يستطع أي فنان منافسته، وهذا في حد ذاته يمثِّل بالنسبة تفوق فني يمكن أن يضاف إلى رصيده الإبداعي.

خالص الأمنيات للفنان (شرحبيل أحمد) بموفور الصحة والعافية وفي انتظار الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى