الحوار المباشر.. الخلاف سيد الموقف

 

الخرطوم: عوضية سليمان.   1 يونيو 2022م

باتت عملية الحوار السياسي المباشر بين الفرقاء السودانيين كـ(حجوة أم ضبيبينة) لم يتقدَّم ولم يتأخر رغم القرارات التي أصدرها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بإلغاء الطوارئ وإطلاق عدد كبير من المعتقلين من رجال المقاومة، حيث ظلت بعض الأحزاب السياسية في محطة الخلاف، كالحزب الشيوعي وحزب البعث، رافضين أي مساعٍ للحل ومتمسكين بمواقفهما القديمة فيما علا صوت المطالبة بإجراء حوار مباشر من خلال مائدة مستديرة تطرح فيها مشاكل السودان وفق ماتسعى إليه المبادرة الثلاثية.

ورأى بعض المحلِّلين أن الخلافات تتعلَّق بانعدام الثقة بين المكوِّنات السياسية، وقالوا: إن تجسير الهوة بين الفرقاء أمر في غاية الصعوبة.

حتى بعد قرار رفع حالة الطوارئ الذي كان مطلباً أساسياً لكثير من تلك الأحزاب المتمسِّكة بمواقفها الرافضة لأي تقارب مع المكوِّن العسكري، حيث لم ترحِّب به واعتبرته جاء نتيجة ضغوط الشارع ولا علاقة له بتهيئة أجواء الحوار، وبالتالي تبقى غير مستعدة لأي حوار مباشر.

فيما رحَّب الاتحاد الأوربي بالإعلان عن رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد والإفراج عن المعتقلين واعتبرها خطوة أولى جديرة بالثناء لتهيئة البيئة المواتية للحوار التي تشتد الحاجة إليها.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيانه: إن الوقت -الآن- هو لبذل المزيد من الجهود في السودان لإيجاد طريقة شاملة ومستدامة للخروج من الأزمة الحالية، التي تؤثر بشدة على السكان.

ودعا السلطات إلى مواصلة جهودها لخلق بيئة مواتية حقيقية للحوار، من خلال استكمال الإفراج عن المعتقلين، وضمان الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين الذين يواجهون تهماً جنائية ضدهم وإنهاء العنف ضد المتظاهرين السلميين بشكل فعَّال، ما يسمح لهم بالتمتُّع بحقوقهم الإنسانية الأساسية في التجمُّع والتعبير والتحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان ومحاسبة الجناة.

كما دعا الاتحاد الأوربي جميع الأطراف إلى المشاركة بنشاط وبطريقة بناءة في جهود الحوار، الذي تقوده المبادرة الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الإيقاد) والتي ندعمها بالكامل.

مراحل متأخرة

ولقد رحَّبت الآلية الثلاثية المكوَّنة من بعثة الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي ودول الإيقاد، بقرارات رئيس مجلس السيادة البرهان، الخاصة برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المحتجزين السياسيين، وقالت في بيان: تحتاج القرارات التي تتخذها السلطات إلى إرادة سياسية صادقة للتنفيذ الحقيقي والكامل، وقالت: يجب أن يتوقف العنف لكي تتم المحادثات بشكل فعلي بهدف الوصول إلى حل سوداني. وقالت الآلية: نتطلَّع إلى بدء محادثات مباشرة بين أصحاب المصلحة لاستعادة الانتقال الديموقراطي بقيادة مدنية.

خلافات الفرقاء السودانيين دفعت الآلية الثلاثية الأممية الأفريقية لتأجيل جلسات الحوار عِدة مرات لمزيد من المشاورات، وكانت المتحدِّث باسم البعثة الأممية، قالت: إن المشاورات بين الفرقاء السودانيين والآلية الثلاثية ما زالت مستمرة، لأن الآلية المشتركة وضعت(4) نقاط، أساسية، للنقاش وهي: الترتيبات الدستورية، تحديد معايير اختيار رئيس وزراء الحكومة، إلى جانب برنامج عمل يتصدى إلى الاحتياجات الضرورية، بينما أعلن المبعوث الأممي فولكر، عِدة مرات أن البعثة الأممية لم ولن تقدِّم مشروعاً أو مقترحاً للسودانيين لحل الأزمة، وأن دورها يقتصر فقط في تسهيل عملية الحوار ومرافقة الشعب السوداني بمختلف مكوِّناته للخروج من هذه الأزمة، وأن الوقت قد حان للدخول في عملية تشاورية شاملة لحل الأزمة في السودان، ويجب أن يدعمها كل العالم سياسياً للخروج من الأزمة الحالية، لأن الأزمة وصلت مراحل متأخرة.

يَد خفية

وقال المحلِّل السياسي لـ”قوى الحراك الوطني” عيسى عليو: إن الحوار المباشر هو المخرج للأزمة السودانية، مبيِّناً أن الحوار ظل موجوداً في أسوأ الظروف رغم تعقيدات السودان السياسية، ويجب أن يكون بصيغة متفق عليها لإدارة هذه البلاد بشكل أفضل، وقال: أيِّ شخص غير مؤمن بالحوار لديه قصور وليس من العقل رفض الحوار، وقال لـ (الصيحة): إن الناس تأمل أن تدخل القيادات السياسية في حوار مباشر لإخراج البلاد من المنعطف الخطير، وأضاف: رؤيتي إذا أصبح الحوار سوداني دون تدخلات أجنبية، فالسودانيون قادرون على الحل، وهذا عهدنا بهم منذ عهد المهدية، ظلننا نتجاوز الصعاب، إذا لم توجد تدخلات أجنبية، وأردف قائلاً: أما إذا حدثت تدخلات أجنبية فإن ذلك يعني أن هنالك يَد خفية، تحاول استغلال الظروف للإقعاد بالسودان بزيادة شقة الخلاف بين السودانيين.

وقال عليو: إن على السودانيين إخلاص النية لقدرتهم على تجاوز كل الصعاب والاستفادة من تهيئة المناخ بعد قرار رفع حالة الطوارئ، وأن لا يفوِّتوا الفرصة والتي وصفها بأنها لن تتكرَّر في حالة تعنُّت البعض وظلوا في مواقفهم.

تجاوز مرارات الخلاف

وفي ذات الاتجاه أشار القيادي بحزب الأمة القومي، صديق إسماعيل، إلى اجتماعات مُكثَّفة بخصوص الحوار، وقال لـ(الصيحة): نحن في حزب الأمة نرى أن الوقت لا يتحمَّل التأخير لأجل التوافق، مطالباً كل القوى السياسية بتجاوز خلافات الماضي ومحطات الخلاف ومراراته لصالح بناء سودان قوي وإيجاد حلول لأزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدخول في حوار مباشر يخرج بنتائج إيجابية تنهي الأزمة الحالية.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى