حريق ميناء سواكن.. قضاء وقدر أم بفعل فاعل؟

 

تقرير: نجدة بشارة   27 مايو 2022م

بعد أن استمر لأكثر من (15) ساعة، تمكَّن الدفاع المدني بولاية البحر الأحمر من السيطرة على الحريق الضخم الذي اندلع بمنطقة إنزال وتخزين البضائع الواردة (ايريا الطبالي)، في ميناء عثمان دقنة، بمدينة سواكن، الواقعة شرق السودان على ساحل البحر الأحمر، والتهم مئات الطرود والطبالي وسط مخاوف من حدوث خسائر كبيرة .

ولم تصدر السلطات أيِّ تصريح عن أسباب الحريق، في الوقت الذي تناقلت الوسائط اتهامات لتورُّط جهات في إشعال الحريق، لاسيما في ظل الصراعات السياسية بمنطقة الميناء والمطالبات والاحتجاجات بإغلاق الميناء.

وطبقاً لشهود عيان، فإن ألسنة اللهب التي اشتعلت في الثالثة ظهراً، قضت على البضائع المخزَّنة تماماً. وأكدوا عدم وقوع إصابات بشرية.

بينما يتساءل متابعون عن حقيقة ما حدث، وهل الحريق اشتعل بفعل فاعل أم قضاء وقدر؟ وفي حال كان بفعل فاعل ماهي  الجهات التي استهدفت الميناء؟ .

فتح تحقيق

وكان  وزير النقل المُكلَّف مهندس هاشم علي أبو زيد، عقد اجتماعا مشتركاً طارئاً  أمس، مع لجنة الأمن برئاسة والي البحر الأحمر المُكلَّف بالإنابة فتح الله الحاج،     وناقش الاجتماع تداعيات الحريق الذي شب مساء الأربعاء، بمنطقة التخزين (أ) الطبالي بميناء دقنة بسواكن.

وقرَّر الاجتماع تكوين لجنتين: الأولى لحصر الخسائر الناجمة عن الحريق وتقييمها واللجنة الثانية للتحقيق حول أسباب الحريق.

فيما أعلن مدير ميناء سواكن، طه أحمد مختار، أمس الخميس، في تصريحات -نقلاً عن وكالة إخبارية- أن الدفاع المدني سيطر على الحريق، وأكد مختار، أن تحقيقاً فتح في الحادث، كما شكَّلت لجنة لتقييم الخسائر. بينما ذكر شهود عيان بأن الوضع  كارثي، والخسائر كبيرة، لاسيما وأن المنطقة تبعد كيلو واحد من محطة الوقود، والمنطقة المخصصة للسيارات المستوردة قبل تخليصها الجمركي .

استهداف استراتيجي؟

وقع الحادث في الميناء التجاري الرئيس في وقت تعاني البلاد من أزمة اقتصادية تعمَّقت بعد قرارات الخامس والعشرين  أكتوبر 2021م. وبعد خفض المساعدات المعلنة لدعم الفترة الانتقالية التي بدأت بعد الإطاحة بنظام عمر البشير، في العام 2019م. ويبعد ميناء سواكن التاريخي 60 كيلومتر، من بورتسودان، الميناء السوداني الأكبر على البحر الأحمر. وينظر إليه مركزاً تجارياً مهماً يجذب أطماع القوى الإقليمية.

في العام 2017م، وقَّع البشير، اتفاقاً مع تركيا لإعادة تأهيل جزيرة سواكن التاريخية وبناء مركز لصيانة السفن المدنية والعسكرية، لكن الاتفاق عُلِّق عقب الإطاحة بالبشير .

ورأى مراقب أن البعد الاستراتيجي والاقتصادي للميناء يرجِّح اشتعال الحريق بفعل فاعل، خاصة وأن الميناء واجه صراعات مؤخراً ومطالب عمالية بإغلاقه وخلافات بين عمال الميناء وإدارة الميناء حول عملهم بالطبالي بعد صدور قرار يمنع حمل البواخر للطبالي.

ووقتها ذكر العمال أنهم سيتأثرون بهذا المنع لأنه يمثل عملهم الوحيد بالميناء.

كارثة كبرى

قال المسؤول الحكومي وعضوء الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة فؤاد شاويش    لـ(الصيحة): إن تداعيات حريق ميناء سواكن قيد التحقيقات، ولا يمكن التكهُّن بالأسباب والمسببات قبل إعلان النتيجة، لكن من ناحية التأثير على الوضع الاقتصادي للدولة، أكد أن ماحدث كارثة كبرى على مستوى حركة الميناء، رغم أن معظم البضائع المحترقة تخص مواطنين، وزاد: إن لجان التحقيقات شرعت في الكشف عن الملابسات، ونفى علمه ما إذا كان الحريق طبيعي أو بفعل فاعل.

فيما بيَّن شاويش، أنه من غير الممكن الآن تقدير الخسائر بدقة، وأنه بدأ العمل في حصر حجم الخسائر .

فعل فاعل ولكن !

وذكرت مصادر قريبة من الحدث أن الحريق شب في مخزن بضائع، يضم بضائع تخص منسوبي القوات المسلحة العائدين من عاصفة الحزم، وأكد شهود العيان أن البضائع داخل المخزن تخص العائدين من اليمن تم احتجازها لأكثر من تسعة أشهر، وبعد اكتمال إجراءات التسليم تفاجأ أصحاب البضائع، أمس، بنشوب حريق في المخزن وتقدَّر الخسائر بملايين الجنيهات، ورغم هذه الأنباء المتناقلة لكن مازالت التحقيقات جارية لمعرفة من يقف خلف إشعال شرارة  الحريق والإضرار ببضائع منسوبي القوات المسلحة.

عودة العمل

في الأثناء كشف مدير ميناء سواكن كابتن طه أحمد محمد مختار، في تصريح      لـ(الصيحة) عودة العمل بصورة طبيعية بالميناء، وأن الوضع يجري بصورة طبيعية، موضحاً أن الحريق وقع في مساحة محدودة من الميناء لا تتعدى    الـ(15) ألف متر، مربع، وأن مساحات الميناء الأخرى لم تتأثر بالحريق .

وقال: إن اللجنة الأمنية اجتمعت          وشرعت في تكوين عدد من اللجان للحصر، وتحقيق الأدلة الجنائية، ووجهت بفتح وتنظيم الطرق وبدء العمل، لكن بحيطة وحذر.

ونفى مختار، وجود نتائج أولية توضح أن الحريق تم بفعل فاعل، مؤكداً أن الخسائر مازالت قيد الحصر .

وقال كابتن مختار: إن وزير النقل المُكلَّف هشام علي أحمد أبوزيد، وصل إلى ميناء دقنة، الخميس، ووقف على آثار الحريق بميناء دقنة، وتابع عمل اللجنة المُكلَّفة بتحديد حجم الخسائر وأخرى للتحقيق.                                                               وشرح أن الحريق قد اندلع مساء الأربعاء، بعد الساعة الرابعة عصراً، وتمَّ احتواؤه قبيل منتصف الليل .

وأفاد أن الوفد حضر برفقة والي البحر الأحمر، المُكلَّف فتح الله الحاج، ومدير هيئة المواني المُكلَّف د. عصام الدين إسماعيل حسابو، وقيادات الموانئ واللجنة الأمنية بالولاية واللجنة الأمنية بالموانئ على آثار الحريق وعقدوا اجتماعاً بقاعة ميناء دقنة، بسواكن، وقرَّر الاجتماع تكوين لجنة لحصر الخسائر وتحديدها مالياً وأخرى للتحقيق والتقصي ومعرفة الأسباب بمعاونة الأدلة الجنائية، وامتدح والي البحر الأحمر المُكلَّف جهود الدفاع المدني والعاملين بميناء دقنة وسائقي الرافعات الشوكية الذين ساهموا في عزل الحريق بالحاويات الفارغة ومنعه من التمدُّد.هذا ولم تترتب على الحادث أيِّ خسائر في الأرواح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى