هل تعلن حالة طوارئ اقتصادية؟ إحجام الحكومة عن شراء القمح.. مخاطرة بالأمن الغذائي السوداني

 

الخرطوم: الطيب محمد خير    28 مايو 2022م

اتهم رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، الحكومة بأنها تتعامل باللامبالاة مع الوضع الغذائي في البلاد وعدم اتخاذها أيِّ تدابير أو إجراءات احترازية لمواجهة مؤشرات نقص الغذاء في البلاد الذي حذَّر منه برنامج الغذاء العالمي في مارس من العام الحالي .

وأشار برنامج الغذاء في تقرير له إلى حدوث فجوة كبيرة في إمدادات الحبوب بالسودان خلال العام الحالي، وتوقع أن يتضاعف عدد المواطنين الذين سيواجهون المجاعة في السودان إلى عشرين مليون مواطن.

وقال الدقير حسب صحيفة (الانتباهة): إن الحكومة تقف عاجزة عن توفير الموارد لشراء محصول القمح من المزارعين الذي بدأ يتسرَّب إلى خارج البلاد رغم انخفاض الإنتاج لأقل من النصف من إنتاج العام الماضي بسبب عدم الاهتمام واللامبالاة من قبل السلطات التي يتوجب عليها إعلان حالة الطوارئ لمواجهة تهديدات الأمن الغذائي بدلاً من إعلان حالة الطوارئ لقمع الحراك الجماهيري السلمي – على حد تعبيره.

خيبة أمل

سرت خيبة أمل وإحباط كبيرين وسط المزارعين بعد فشل الحكومة وعجزها عن شراء محصول القمح بالسعر التركيزي الذي حددته بـ(43) ألف جنيه، للجوال، الذي تكشف فيما بعد بأنه أعلى من سعر الجوال في السوق العالمي ما أدخل الحكومة في مأزق وهي تعاني من شح الموارد الكافية لشراء فائض القمح من المزارعين وكانت تصريحات نسبت لوزير المالية الاتحادي د. جبريل إبراهيم، في وقت سابق قال فيها: إن الحكومة الاتحادية لا تملك المال الكافي (الحكومة ماعندها قروش لشراء القمح)، يقول خبراء اقتصاديون: إن السعر التركيزي بعد الزيادات الكبيرة التي طرأت في أسعار مدخلات الإنتاج من وقود وتقاوى وسماد ومبيدات وخيش وعمليات زراعية أصبح لايغطي تكلفة الإنتاج العالية بعد الحصاد رغم  أنه كان مغرياً عندما أعلنته الحكومة في بداية الموسم الشتوي ماشجَّع المزارعين للإقبال على زراعة القمح ما أثار موجة من الجدل والاتهامات المتصاعدة بسبب أن نتيجة بيع المزارعين لمحصولهم بالخسارة يعني إحجامهم عن الزراعة في المواسم القادمة الأمر الذي جعل محافظ مشروع الجزيرة الدكتور عمر محمد مرزوق، يسارع للتعبير عن قلقه من عدم التزام وزير المالية بتوفير الأموال لشراء القمح بالسعر التركيزي خوفاً من فشل الموسم الصيفي، فضلاً عن أن إحجام الحكومة عن الشراء يفسح المجال للتجار والمضاربين في المحاصيل لشراء المحصول بأسعار منخفضة واللجوء لتهريبه في وقت يواجه فيه السودان مشكلات في إمدادات الغذاء التي ستشكل خطراً أكبر ومصاعب في حصول المواطنين على الطعام ولا سيما في ظل تعليق المساعدات الأجنبية ومع الحرب الدائرة في أوكرانيا وهو ماعناه الدقير في حديثه عطفاً على تحذيرات برنامج الغذاء العالمي من حدوث مجاعة في السودان.

 

الحرب الروسية الأكرانية

قال الخبير الاقتصادي د. وائل فهمي لـ(الصيحة): إن الدول –الآن- اتجهت لشراء وتخزين الغذاء لمواجهة النقص المتوقع فيه بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لكن في السودان وزارة المالية أعلنت إنها ليس لديها مال لشراء محصول القمح المحلي بدليل أن البنك الزراعي عندما طلب منها توفير تمويل لشراء القمح بالسعر التأشيري عجزت من توفير المال اللازم، وهذا يعني أن هناك فجوة كبيرة بين الإيرادات والمصروفات، وواضح أن الحكومة متخوِّفة من زيادة الضخم وبالتالي تتجنب طباعة العملة، والآن هناك حديث عن أن الحكومة تواجه إشكالية في توفير مرتبات الشهر الحالي لموظفيها وهذا -أيضاً- دليل واضح أن وزارة المالية ليس لديها المال الكافي لشراء محصول القمح من المزارعين، فضلاً عن وجود مشكلات أخرى متعلقة بجانب التهريب ممثلة في ضعف القوانين والإجراءات لا تمنع التهريب الذي يتم من قبل أجانب مقيمين في السودان، وأضاف د. وائل: إن السؤال الذي يحرج وزارة المالية هو كيف ستواجه المجاعة التي تم التحذير منها، هل ستعتمد على المعونات في وقت العالم يواجه فيه شح الغذاء أم ستترك الشعب ليواجه مصيره؟ ليقول: مطلوب من الحكومة أن تتحرَّك كما تفعل كل الدول، صحيح هناك شح في المال بجانب أن البنية التخزينية للغلال ضعيفة وهذا ليس مبرراً ألا تضع الحكومة احتياطاتها لتوفير الغذاء الخاص بالشعب السوداني لمواجهة خطر المجاعة المحذَّر منها، أما حجة أن السعر التأشيري أعلى من السعر العالمي هذا سبب غير كافٍ، لأن القوة الشرائية للجنيه أضعف من القوى الشرائية للعملة الأجنبية.

اهتمام بالمخاطر

من جانبه قال الخبير الزراعي أنس سر الختم لـ(الصيحة): إن السبب الرئيس لهذه الإشكالية تنحصر في أن الحكومة ليس لديها أدنى اهتمام بالمخاطر والمصاعب التي تواجه المواطن السوداني، مضيفاً أنه من غير المعقول أن تعلن الحكومة عن عجزها من شراء القمح، والحكومة تعلم أن العالم في طريقه لأزمة غذاء والسودان مصنَّف واحد من الدول التي تتهدَّدها المجاعة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وحتى أمريكا لديها مشكلة في الحصول على القمح، والسؤال الذي يواجه الحكومة هو لماذا تهاونها وتفريطها في إنتاج القمح، في وقت ليس هناك دولة يمكن أن تمنحها قمحاً أو أي نوع من الغذاء؟ وأضاف أن الحكومة أو جبريل وزير المالية أو القوى السياسية بانشغالها بصراعات وقضايا انصرافية وإهمال جوانب تمس الأمن القومي الغذاء يكشف عدم رشد وأهلية هذه الحكومة طالما أنها تتلاعب وتفرِّط في تأمين غذاء شعبها، وأشار أنس، إلى أن السودان في فترة سابقة وصل مراحل متقدِّمة في زراعة القمح وكاد أن يصل لمرحلة الاكتفاء الذاتي، بل التصدير، لكن عطل هذا المشروع الاستراتيجي بسبب الصراع السياسي بجانب الرأسمالية الطفيلية المستفيدة من استيراد القمح.

انهيار القطاع الاقتصادي

وحذَّر أنس، من أن السياسات المتبعة الآن ستكون عامل انهيار للقطاع الزراعي، مشيراً إلى أن الموسم الصيفي الذي على الأبواب مهمل تماماً والأوجب أن توجه الإمكانات المتوفرة  كافة للزارعة وزيادة الإنتاجية بدلاً من صرفها على ترضية السياسيين والمعارضين، وأضاف: على الحكومة أن تلجأ لطباعة عملة لشراء القمح أفضل أن يزيد التضخم، لأنه أخف وطأة من مواجهة المجاعة لدولة تواجه انهياراً اقتصادياً والتضخم أساساً في زيادة مضطردة ولن يتوقف والأفضل نستفيد منه في تأمين الشعب من المجاعة.

وقال: رغم اختلافي مع عمر الدقير، لكن تجدني أتوافق معه فيما ذهب إليه في حديثه عن أن الحكومة تتعامل باللامبالاة وإهمال مع ما هو قادم، ويجب أن تعلن حالة الطوارئ لتوفير الأمن الغذائي.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى