التقى الأطراف المختلفة وفد أمريكي بالخرطوم.. تحريك جمود الأزمة السياسية

الخرطوم: مريم أبشر          20  مايو 2022م 
جهود أمريكية متواصلة ومساعي ضغط مستمرة تبذلها واشنطن بشكل دائم لإعادة البلاد للمسار المدني الديموقراطي الذي ارتضاه الشعب ورسمت ملامحه ثورة ديسمبر المجيدة، حيث ظلت الإدارة الأمريكية خلال كل مراحل التعثر التي مرت بها حكومة ما بعد الثورة ترمي بثقلها من أجل إنجاح الفترة الانتقالية وأسمهت عبر مبعوثيها وكبار المسؤولين الذين توافدوا إلى السودان بالضغط – أحياناً – والتحفيز في آحايين أخرى في دفع الأطراف نحو توقيع الوثيقة الدستورية التي شكَّلت إطار للفترة الانتقالية. بعد الإجراءات التي اتخذها البرهان وعطَّل بموجبها الوثيقة الدستورية وتجميد عمل الحكومة الانتقالية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الوضع السياسي والانتقال الديموقراطي في البلاد وتفاقم على إثرها الوضع الاقتصادي ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل بشكل حاسم لوقف التراجع في مسار الانتقال الديموقراطي بتجميد المساعدات الأمريكية للسودان. في هذا الإطار وصل الخرطوم خلال اليومين الماضيين وفد أمريكي رفيع المستوى برئاسة كيمي ياي، لحث الأطراف على استئناف الحوار والعودة للمسار الديموقراطي.
رسائل محدَّدة
الوفد الأمريكي الرفيع الذي وصل البلاد أشارت المصادر لـ(الصيحة) إلى أنه يحمل رسائل محدَّدة للأطراف السودانية بغرض فك الجمود وتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية . ورجحت المصادر أن يكون تحرُّك الوفد الأمريكي الذي وصل البلاد يصب في اتجاه دعم مبادرة الآلية الثلاثية والحوار الذي يجري – حالياً- للتوصل لتوافق الحد الأدنى لإكمال الفترة الانتقالية وتشكيل ما تبقى من هياكلها.
أطراف الأزمة
الوفد الأمريكي الزائر أجرى لقاءات بعدد من أطراف الأزمة السودانية, استمع خلالها على وجهات نظرهم ورؤية الأطراف حول حل الأزمة السياسية . وفي هذا السياق التقى الوفد بهيئة محامي دارفور وشركاؤها، حيث أكدت الهيئة في بيان لها بأن مفتاح حل مشكلات البلاد يكمن في استدعاء دستور السودان المؤقت لسنة ١٩٥٦م، والمعدَّل في ١٩٦٤م، و١٩٨٥م، وتعديله وتفعيله، وتشكيل آليات إدارة الفترة الانتقالية من مجلس سيادة مدني خماسي ومجلس وزراء مدني وقيام انتخابات عامة لاختيار ممثلي الشعب لإجازة دستور السودان الدائم. وأكدت الهيئة –أيضاً- على ضرورة اضطلاع الآليات الدولية ممثلة في الأمم المتحدة بدورها في حماية المدنيين والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتقديم المساعدة في نزع السلاح من الأطراف كافة، خاصة في ولاية غرب دارفور على أن يكون السلاح لدى القوات النظامية فقط.
ضغط وأجندة
الخبراء يرون أن الوفد الأمريكي سيعمل على ضغط الأحزاب والمكوِّن العسكري لقبول تسوية الآلية الثلاثية، وأشاروا إلى أن واشنطن ستمارس ضغوطها على الأطراف لإعادة التحوُّل المدني الديمقراطي الذي يترضيه الشعب. ونوَّه الأستاذ الصادق علي حسن، عضو هيئة محامي دارفور إلى أن الوفد الأمريكي جاء ليستمع لوجهات النظر الخاصة بالأطراف السودانية حول العملية السلمية. وقال لـ(الصيحة): إن هيئة محامي دارفور نقلت للوفد الأمريكي وجهة نظرها بشكل واضح وتوقع أن تكون كل الأطراف نقلت الصورة بنفس الشكل والمضمون، وأضاف: إن الأزمة السياسية الداخلية متصاعدة وأن الإدارة الأمريكية حريصة على إيجاد تسوية سياسية بالسودان.
تسوية مرفوضة
في ذات السياق طالبت قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) المجتمع الدولي والآلية الثلاثية باتخاذ موقف من الأطراف الرافضة للحوار المباشر. واتهمت، في اجتماعها مع الوفد الأمريكي الزائر للبلاد برئاسة كيمي ياي، تلك القوى بالعمل على تعقيد استكمال الانتقال الديموقراطي والإسهام في اختناق الوضع الاقتصادي. وقال محمد زكريا، المتحدث باسم قوى التوافق الوطني في تصريحات، إنهم أبدوا استعدادهم للانخراط في الحوار المباشر غير المشروط. وأشاروا إلى ملاحظات حول مسار الحوار الراهن تتعلق بعدم الشفافية في تمثيل المكوِّنات الفاعلة مثل: النساء ولجان المقاومة على مستوى السودان والشباب. من جهته قال أحمد تقد، مسؤول العلاقات الخارجية في الحرية والتغيير التوافق الوطني: إن الوفد الأمريكي أعرب عن استعداده لدعم تنفيذ اتفاق سلام جوبا . وقال في تصريحات: إن الوفد أرجع عدم تقديمه الدعم المالي لتنفيذ الاتفاق حتى الآن لعدم تشكيل آليات تنفيذ الاتفاق. وأوضح أن الاجتماع أكد على فشل أطراف السلام في تكوين الآليات الأساسية.
احترام الحرية
وسبق أن وصل وفد دبلوماسي أمريكي بقيادة مساعدة وزير الخارجية مولي فيي، في يناير المنصرم، ومبعوث القرن الإفريقي الجديد ديفيد ساترفيلد، إلى العاصمة الخرطوم، لتأكيد دعوة واشنطن السلطات الأمنية إلى إنهاء «العنف واحترام حرية التعبير» حيث التقى أعضاء الوفد الأمريكي، مع قادة تجمع المهنيين السودانيين، بحث السبل الكفيلة بإنهاء الأزمة في البلاد، كما التقى أسر الشهداء.
خلخلة المواقف
ويقول المحلل السياسي د. عمر عبد العزيز: إن الجهود الأمريكية والآلية الثلاثية تسعى إلى خلخلة مواقف القوى الرافضة ودفعها إلى نقطة التقاء. وقال لـ(الصيحة): إن الآلية والوفد الأمريكي التقوا بكل القوى السياسية التي لها تحفظات ومواقف على الحوار وتوقع عقب لقاء الآلية بحزب الأمة والمؤتمر السوداني أن يحدث انفراج تدريجي يدفع باتجاه الدخول في حوار. وأضاف: حال رفض اليسار البعيد الدخول في هذا المسار أو الحوار سيكون معزولاً ويكون المجتمع الدولي والإقليمي شهوداً على ذلك, أما في حال فشلت كل المساع سيكون الخيار الثاني في إقامة انتخابات مبكرة وأن تتم الدعوة لكل القوى السياسية للاستعداد لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى