بدأ أخيراً في اكتشاف نفسه فناناً متمكِّناً ومقتدراً .. عاطف السماني .. روح جديدة ولون مختلف!!

 

(1)

في العام 2012م، حينما كنت أعمل كباحث برامجي في قناة (الشروق) أختارتني إدارة البرامج بقيادة الدكتورة إشراقة الطاهر، للعمل مع تيم برنامج (سكة وتر) والذي ينتجه الحبيب المعلم (ياسر عوض) ومن تقديم الدكتورة (سلمى سيد) ولعل سلمى من شدة تواضعها لا يعرف البعض أنها حاصلة على درجة الدكتوراة، ولكنها لا تأبه لذلك كثيراً، والبرنامج كان من إخراج (فؤاد عبدالرحيم الخليفة)، وهو مخرج بمواصفات مفكِّر، صاحب مدرسة خاصة في مجال الإخراج، وكانت الحلقة الأولى من البرنامج مع الفنان الراحل حمد الريح.

(2)

كانت فرصة سانحة للاقتراب من حمد الريح، والذي يتمتَّع بمواصفات إنسانية نادرة وشخصية مرحة وسهلة التعامل، ولأن البرنامج كان غرضه توثيقي في المقام الأول، حدَّدنا بعض الأغنيات للحلقة الأولى، ولكن الأستاذ حمد الريح، طلب منا كتيم للبرنامج أن يبدأ الحلقات بأغنية (إلى مسافرة) للشاعر عثمان خالد، وهي ليست من التجارب الغنائية الأولى بحسب تراتيبية الأغنيات، ولكن حمد الريح، برَّر ذلك بأنه يحب هذه الأغنية بشكل خاص وهي قادرة على ترتيب مزاجه لبقية الحلقات.

(3)

الأغنية المشهورة بمقطعها الأول ( يا قلبي يا مكتول كمد) هي واحدة من عيون الغناء السوداني وهي تؤكد على براعته ملحناً مقتدراً، ولكن حمد الريح، مثل: زيدان إبراهيم، فهماً رغم مقدراتهم اللحنية العالية، ولكن فتحا تجاربهما لأصوات لحنية أخرى مثل: عمر الشاعر، ناجي القدسي، العاقب محمد الحسن وعبداللطيف خضر ود الحاوي، لذلك اكتسبت تجاربهم ميزة التنوع في مدارس لحنية مختلفة، وأغنية (إلى مسافرة) هي واحدة من منظومة شعرية مدهشة للشاعر عثمان خالد، (الصيدة) لمحمد ميرغني،  (سلافة الفن) للبلابل، (بتقولي لا) لعبدالعزيز المبار، و(ننساك) لصلاح بن البادية، كل ذلك على سبيل الذكر وليس الحصر .

(4)

ولكن تظل أغنية (إلى مسافرة) هي الأكثر شيوعاً وردَّدتها حناجر الكثير من الأصوات الشبابية الجديدة كحال المطرب (عاطف السماني)، الذي تغنى بها  في برنامج (أغاني وأغاني)، وأبدع عاطف السماني، كعادته في تقديمها وأبرز فيها مهاراته الصوتية العالية ومدى قدرته في التحرُّك بكل سلامة في سلالم النوتة الموسيقية كافة صعوداً وهبوطاً، ما يؤكد على أن عاطف السماني، بدأ أخيراً في اكتشاف نفسه فناناً متمكِّناً ومقتدراً وصاحب لونية أدائية خاصة تكاد تقترب من الأسطورة النور الجيلاني، من حيث طريق العرض والاستعراض والحيوية في الأداء، ولعل عودة عاطف السماني، بهذه القوة هو مكسب كبير للساحة الفنية التي تعاني من قلة جودة الفنانين . وعاطف من المؤكد سيضفي روحاً جديدة ولوناً مختلفاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى