تدهور الاقتصاد .. غياب الرؤية والكفاءة!!

 

تقرير: سارة       28  ابريل 2022م

رسم خبراء ومتابعون للشأن الاقتصادي، صورة قائمة لمآلات الأوضاع الاقتصادية في البلاد، واجمعوا على عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة للإصلاح للفترة الانتقالية، وقالوا إن ما يحدث الآن ليست صدفة، إنما مخطط يساق اليه السودان بواسطة جهات داخلية بدلاً من أن تساعد الدولة على النهوض تُؤجِّج الصراع…

“الصيحة” استنطقت عددا من الخبراء عن مآلات الأوضاع الاقتصادية وخرجت بالآتي:

قتامة المشهد

في ذات السياق، رسم  الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، صورة قائمة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وقال الأمر يزداد قتامةً يوماً بعد يوم، مشيراً إلى المآلات الاقتصادية والسياسية والأمنية في السودان، وقال ان القائمين على أمر الاقتصاد ليس لديهم أي أطروحات جديدة للحد من التدهور الحالي.

**الحل الجذري

ولفت في حديثه لـ”الصيحة” إلى جهات لم يسمها بأنها تؤجج الشارع، وهذا صب الجاز على النار المشتعلة اصلاً، وقال إن الدول المانحة لا تمد يد العون وإنما تجتهد في التهديد والوعيد بدلاً من تقديم الحلول الاقتصادية، بجانب عجز  القائمين عن الحل الجذري للمشاكل الراهنة، وقال إن الأمر ينذر بأزمة حقيقيّة في كافة القطاعات خاصة في ظل عدم توافر قطع غيار المصانع التي توقف منها أكثر من 85% في المنطقة الصناعية، بجانب عدم توافر ومدخلات الإنتاج.

وقال سبق وأن حذّرنا من دخول السودان في ضائقة  اقتصادية تؤدي به إلى الانهيار الاقتصادي التام تضع الأمم المتحدة يدها على السودان تحت البند السابع بأنه دولة فاشلة، وأخشى أن يكون هذا هو المخطط الذي ينساق اليه السودان، لأنه لا يمكن أن تظل الحكومة الانتقالية  عاجزة على مدى ثلاثة أعوام رغم الإمكانيات التي يتمتع بها السودان التي تكفي قارة، وأصبحت الدول الغربية في خانة المتفرج، بل تحرك الخيوط من الداخل وهي لم تقدم اي شئ، وقال أين نتائج مؤتمر باريس وألمانيا واصدقاء السودان والعون العربي الذي أوقف بأمر من الدول الغربية  بأن يترك السودان حتى ينضب معينه وينهار اقتصادياً! في اعتقادي هذا لا يحدث صدفة، وإنما مخطط يساق إليه السودان بواسطة جهات داخلية، بدلاً من ان تساعد الدولة على النهوض تؤجج الصراع!

** التهريب والفساد

وأشار الرمادي إلى ارتفاع معدلات التضخُّم التي تجاوزت الـ450% والتي وصفه بأنه مخل ومدمر، فلماذا لا ترى المنظمات العالمية هذا الخلل والتشوه، ورأت أن الدعم تشوه في الاقتصاد، وقال إن الدعم كان أخف ضرراً بالاقتصاد والأخطر منه التهريب الذي يمثل نزيفا للاقتصاد ولم يسعَ أحدٌ من المسؤولين لمعالجته، إضافة إلى الفساد وغيرها من المشاكل . وبعد الركود الاقتصادي دخلنا مرحلة الكساد الاقتصادي  لضعف القوة الشرائية، لرواتب الموظفين التي تضاءلت خلال عام من ديسمبر الماضي، إلى الآن فقد الجنيه السوداني 4 أخماس قيمته الشرائية، بمعنى أنه فقد 80% من قيمته وتبقى 20% فإن 8 فئة الـ100 جنيه أصبحت تعادل 20 جنيهاً حالياً لفقدها 80% من القوة الشرائية جراء التضخُّم،  وقال إن الاقتصاد وصل مرحلة لا بد من تلاقيها  فوراً وبتحرك سريع من أولي الأمر، والمرحلة المقبلة هي مرحلة عجر الدولة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، وبهذا يتم تصنيفها بأنها دولة فاشلة، والآن نحن وصلنا هذه المرحلة، لأنّ المُواطنين لا تكفيهم دخولهم لإعالة أطفالهم، وعجز الدولة عن توفير الأمن الذي يعاني من هشاشة واضحة، وإذا استمر  هذا الوضع على ما هو عليه الآن فنحن مقبلون على أسوأ مرحلة في تاريخ السودان!

**انتشال الوضع

وقال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي من يتولى دفة الامر في البلاد قيادات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي، ولا تتوفر لديها أي خبرات أو كفاءة لطرح وتنفيذ رؤية واضحة لانتشال وتصحيح الوضع الاقتصادي المأزوم، محذراً خطورة المشهد في ظل عدم وجود الحلول، وشدد على ضرورة وضع خطط وطنية وأضحة تتضمن تنفيذ سياسات تنموية في قطاعات الإنتاج لتقليل الفقر، منادياً بالإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد.

** الفقر

وأشار هيثم لمعالجة الفقر في السودان أولاً لا بد من وضع خطط وطنية واضحة تتضمن تنفيذ سياسات تنموية في قطاعات الإنتاج والخدمات، وبالشكل الذي يتيح المشاركة الفاعلة للفقراء في العملية الإنتاجية وتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين مساهمين في التنمية، مع تعزيز إدارة الموارد الطبيعية، سواء كانت زراعية أو صناعية أو تعدينية، وقال لا بد من إعطاء اهمية خاصة للقطاع الزراعي الذي يعتمد عليه نحو 80% من اهل السودان والاستثمار في البنيات التحتية وربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك ومنافذ التصدير، مشيراً لوضع سياسات تسويقية جاذبة للمنتجين مع خلق فرص عمل مجزية لسكان المناطق الحضرية والريفية وتوفير الدعم الضروري لصغار المنتجين.

** حزمة متعجلة

ولفت فتحي  الى وضع  حزمة إصلاحات اقتصادية قاسية متعجلة دون توفر وسائل نجاحها ودون تخطيط مسبق أقرتها الحكومة الانتقالية لمعالجة الوضع الاقتصادي، وتلبية لشروط صندوق النقد الدولي، وهي إصلاحات كلفت المواطن السوداني مشقة على مشقة، في ظل وضع اقتصادي قاسٍ وصعب بالأساس، ونبه هيثم لوجود عوامل كثيرة ساهمت في تأزم الوضع ممثلة في عدم استقرار الحالة الأمنية والسياسية بالبلاد، وتغييرات الجهاز التنفيذي للدولة في العام عدة مرات، وعدم استقرار دولاب العمل وتولي دفة الأمر في البلاد لقيادات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي ولا تتوفر لديها اي خبرات أو كفاءة لطرح وتنفيذ رؤية واضحة لانتشال وتصحيح الوضع الاقتصادي، إضافة إلى عدم اهتمام موازنة العام الحالي بزيادة الإنتاج والإنتاجية وذلك من خلال رفع أسعار الكهرباء والخدمات التي تدعم الإنتاج.

** عدم الاستقرار

واماط هيثم اللثام عن  الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ 4 سنوات مع عدم استقرار سياسي وأمني مما أثر على مجمل الأوضاع الاقتصادية في السودان، مع إيقاف مؤسسات التمويل الدولية مساعداتها وقروضها للسودان، وهو ما يجعل الحكومة تلجأ للتمويل بالعجز، فإدارة الاقتصاد السوداني معقدة ومتداخلة، ولكن يمكن جعلها سهلة.  مشيراً الى تحديات الاقتصاد الجزئي في كل قطاع، مطالبا بسن القوانين والتشريعات وتسهيل الإجراءات وزيادة الحوافز بكل قطاع حتى تتحسّن بيئة الأعمال في انتعاش الاقتصاد السوداني، كذلك تحقيق السلام، واصفاً فاتورته بالمكلفة جداً، مما يزيد من تعقيدات المشهد، وهو ما سيؤثر سلباً على الوضع الاقتصادى والمالي والسياسي والأمني في البلاد، وزاد إنّ الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فاذا استقر الاقتصاد استقرّت الأوضاع السياسية والعكس تماماً، ذاكراً أننا

الآن نعاني من ارتباك في  المشهد السياسي والاقتصادي معا ومن ثم انعكاس ذلك على كافة اوجه الحياة. وقال هيثم قد  يزيد المشهد خطورة اذا لم تكن هنالك حلول عاجلة بعيدة عن الوعود  التي لم نجن منها شيئاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى