صلاح  الدين  عووضة يكتب : سامي!!

26  ابريل 2022م

اسمٌ جميل..

وهو ربما أقل اسم من (أسماء في حياتي)..

أو – بمعنى آخر – أن أصحاب هذا الاسم في حياتي قليلون… رغم كثرتهم..

ثم كان لكل منه صفة من اسمه..

فكل منهم ارتبط في ذهني شيءٌ من اسمه؛ وأعني السمو… أو العلو..

وأول (سامي) في حياتي كان في قطار..

فأثناء توقف القطار بإحدى المحطات كنت أنظر من نافذة المقصورة..

فأبصرت أسرةً تنضم لركب المسافرين..

فصعد درج العربة جميعهم عدا واحداً… كان يحملق في القاطرة بدهشة..

رغم أنه ما من شيء يدعو إلى الدهشة..

فصرخ فيه كبير الأسرة هذه (أركب يا سامي)… فعرفت أن اسمه سامي..

ثم عرفت شيئاً آخر حين بدأ (يسمو) إلى داخل العربة..

فطريقة صعوده الدرج – أو السلم – أشعرتني بأن عقله (سما) عن رأسه..

سما إلى أعلى… فترك صاحبه بلا عقل..

وبما أنه استقر – مع أسرته – في مقصورةٍ مجاورة لنا فقد تأكدت من حدسي..

فهو من ذوي (اللُطف)… ولكنه لطيف..

ثم (سامي) الثاني في حياتي كان هو سامي عز الدين؛ نجم المريخ المعروف..

وما كنت أراه إلا على الملعب الأخضر..

ولكني رأيته ذات يومٍ كفاحاً؛ وكان ذلك أمام مطبعة يملكها محمود صالح..

ومحمود هذا هو حارس مرمى الأهلي الشهير..

وبعد اعتزاله اللعب تفرغ لمطبعته هذه… ولم أدر لم كان سامي هناك..

أما أنا فقد كنت هناك أتابع طباعة كُتيبٍ لي..

وعلى حين فجأة اشتبك سامي هذا مع آخر… ودخل في عراكٍ لفظي معه..

وكان على وشك أن يتطور إلى عراكٍ فعلي..

فأقحمت نفسي في خضم العراك هذا فضاً للاشتباك؛ وخوفاً على سامي..

فهو الذي يهمني… بحسباني عاشقاً للنجمة..

وبحسبانه كان ذا موهبة كروية لا تفوقها إلا موهبة كمال عبد الوهاب..

ونجحت في الفصل بين المتعاركين..

وطلبت من سامي أن لا يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء..

وذلك كيلا تصعد روحه إلى الأعلى..

كيلا تسمو روح (سامي) إلى السماوات جراء غضبٍ نهى عنه الدين..

وحدث هذا – بالفعل – بعد حين… في القاهرة..

وثالث (سامي) في حياتي جارٌ رفض الأخذ برخصة أن يفطر وهو مريض..

كان مريضاً بداء السكر..

وأصر على صيام رمضان العام الماضي كاملاً… ومن بعده الستوت..

فهو كان ذا روحٍ سامية؛ دينياً… واجتماعياً..

وفي آخر النهار… ومن آخر يوم من أيام الستوت هذه… سمت روحه للسماء..

سمت كسمو روح لاعب الكرة سامي..

أما رابع – وآخر حتى الآن – سامي في حياتي فقد كاد يودي بحياتي..

فهو شاب من (معاقري) الشارع هذه الأيام..

وحاجَّني في موقفي الذي وصفه بأنه مثبط لهمة الشارع… وهمم ومعاقريه..

فسألته ما المطلوب مني؟..

قال إنه يجب – وأنا أكره كلمة يجب هذه فلسفياً – أن تُسلم السلطة للشعب..

سألته: وبصفتي ماذا أسلمها؟..

فاستدرك قائلاً: لست أنت… وإنما أعني العسكر الذين يحكمون الآن..

طيب وما دخلي أنا؟… سألته..

قال: لأنك ضدنا… ومع العسكر؛ هكذا جزم دون أن يطرف له جفن..

فرأيت أن أتجاوز هذه المماحكة غير المجدية..

وقلت له لنفترض أن أمر التسليم بيدي – أو بأيدي العسكر – فلمن يتم تسليمها؟..

أجاب فوراً: للشعب… للثوار… للمدنيين..

فسألته: ومن الذين ينوبون عن هذا الشعب؟… وعن الثوار؟… وعن المدنيين؟..

لم أفهم قصدك؛ قال وبراءة الدهشة في عينيه..

قلت له: سأشرح أكثر؛ خلاص قل إننا نريد تسليمها… نسلمها لمن؟..

أجاب سريعاً: للشعب… للثوار… للمدنيين..

رددت عبارة اللهم طولك يا روح وسألته: ولماذا لا يكون التسليم بانتخابات؟..

رد قائلاً: لا انتخابات في ظل حكم العسكر..

فسألته وقد أحسست بأن روحي لن تطول أكثر من هذا: ما الحل إذن؟..

أجاب: يستلم الحكم الشعب… الثوار… المدنيون..

وهنا شعرت بأن عقلي سوف يسمو كما سما عقل سامي القطار عن رأسه..

وإن صدري كأنما يصعَّد في السماء..

وإن روحي ستسمو إلى السماء كروحي سامي المريخ… وسامي الحي..

وإن ضغطي قد بدأ يرتفع… ويسمو..

وإن اسمي نفسه لا (يجب) أن يكون هذا الذي مكتوبٌ في شهادة ميلادي..

وإنما يحل محله اسمٌ يناسبني أكثر..

اسمٌ على شهادة وفاتي بعد صعود روحي إلى السماء..

أو اسمٌ أصعد به درج مشفى المجانين..

ســــامي!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى