(21) أكتوبر.. ثم ماذا بعد المسيرة الحاشدة؟

 

تقرير: صلاح مختار

بدا المشهد السياسي بعد مسيرة (21) أكتوبر يترقّب فيما تسفر عنه اجتماع رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذي يراه البعض أنه مفصليٌّ, يضع فيه الطرفان النقاط على الحروف, وسبق حمدوك اللقاء بتصريحات قال فيها، إن خروج ملايين المتظاهرين أثبت تمسك الشعب بالتحول الديمقراطي في بلاده.

وأوضح خلال كلمته في مقطع مصور مسجل، عقب تظاهر آلاف السودانيين في الخرطوم وبقية ولايات البلاد، للمطالبة بـ”حماية الثورة واستكمال مهامها وتحقيق مطالبها”, أنّ “الملايين التي خرجت اليوم في القرى والمدن والأرياف أكدت تمسكها بالتحول المدني الديمقراطي وشعارات الثورة بالحرية والسلام والعدالة”, وأضاف: “لقد قالت الجماهير إنه لا تراجع عن التحول المدني الديمقراطي، والالتزام بالسير في درب الحرية والديمقراطية، ولا مجال للردة عن ذلك”, وتعهّد حمدوك “بمواصلة العمل لاستكمال مؤسسات الانتقال وتحقيق أهداف الثورة”، موجهًا الشكر إلى قوات الشرطة لقيامها بحماية المتظاهرين.

حكم المدني

ويرى مصدر بقوى الحرية والتغيير لـ(الصيحة) ان مليونية (21) أكتوبر أثبتت أن الشارع كما هو يريد المدنية حكماً في السودان, وبالتالي يرفض الانقلابات أو أي محاولات من أجل الرجوع الى الخلف, ورأى أن الوضع السياسي المأزوم انعكس على الشارع السوداني المُوزّع بين الرافضين لمحاولات السيطرة على مقاليد السلطة, والداعمين للمكون العسكري، وبين من يُريد تحقيق شعارات الثورة المتمثلة في المدنية, والمطالبين بهيكلة المنظومة الأمنية، واستكمال هياكل الحكم المدني، والاقتصاص للضحايا، وتسليم المطلوبين للمحاكم الدولية.

وقال المصدر إن المشهد الذي سيتبلور بعد اجتماع البرهان وحمدوك, سيكون التأمين والاحتكام على الوثيقة الدستورية وحماية الفترة الانتقالية, بجانب الطريقة المُثلى لنقل رئاسة السيادي إلى المدنيين وكيفية تلبية مطالبة بعض المتظاهرين بهيكلة الحكومة, وقال قد يؤمن البعض على أن الحكومة تحتاج لإعادة نظر, وهناك بعض الوزراء الذين قد تطيح بهم عملية التغيير, ولفت المصدر إلى أهمية الأخذ في الاعتبار ملاحظات الوسطاء والمراقبين الدوليين بشأن تطورات الوضع الداخلي, وأهمية الالتزام بالحوار والشراكة بين المكونين خلال الفترة الانتقالية, واكد ان الوضع الحالي لا يتكهّن به أحدٌ من خلال أن المسار الذي وضعته الوثيقة تتيح للأطراف أن تلعب دوراً محورياً في إطار المرحلة المقبلة.

هشاشة وتعقيدات

ويقول عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير حيدر الصافي لـ(المصري اليوم), إنّ هناك اتفاقاً في الشارع السوداني بالرغم من التباين على رفض الانقلاب العسكري وعدم عودة النظام البائد، مضيفاً: «هذا أمرٌ مُتّفقٌ عليه من الجميع بالرغم من وجود بعض الاختلافات على بعض القضايا الأخرى». ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هناك مُحاولات لتهدئة المشهد، اعتبر حيدر الصافي أنه من الصعب الدفع بمُقترحات في ظل الهشاشة والتعقيدات التي يشهدها المشهد السياسي حاليًا، مُشيرًا إلى وجود مبادرات كثيرة, ولكن من الصعب التكهن بما سيحدث. ولفت عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير إلى أنه منذ حدوث التراشق بين المكونين المدني والعسكري احتدم الصراع, والآن طفا إلى السطح. ولا بد من وجود حلٍّ لهذه المعضلة.

خارطة طريق

ورغم أن مخرجات اجتماع البرهان وحمدوك لم تُعلن حتى كتابة هذا التقرير, إلا أن المحلل السياسي د. أبو بكر آدم يرى أن المخرج من الأزمة في ضرورة استمرار المشاركة والحوار بين المكونين المدني والعسكري, وأكد لـ(الصيحة) أن الوثيقة الدستورية طرحت خارطة طريق وان الرجوع إلى الوثيقة واحدة من الحلول التي ينبغي على الحكومة والمجلس السيادي الاحتكام عليها, ورأى أن المسيرة التي خرجت أمس ثبتت حق التحول الديمقراطي التي بدأ منذ اندلاع الثورة وأوضحت أن الشارع مازال متماسكًا بشأن التعبير عن مطالب الشارع, ولكن في المُقابل لا يُمكن للاجتماع بين الطرفين أن يرفض تناول مطالب المعتصمين أمام القصر باعتبار أنها جزءٌ من الأزمة السياسية, ولا يمكن لأحد الطرفين أن يحقق فيه الانتصار, ورأى ان المخرج كذلك في التمسك بمبادرة حمدوك للخروج من الأزمة السياسية, ولكن هنالك ضرورة الإسراع في إنزالها أرض الواقع, وقال ان الوضع الداخلي يحتم على الطرفين التعامل بحكمة من أجل العبور بها إلى بر السلام, وأضاف: إذا كانت الأزمة الآن أدت إلى انشطار الشارع إلى نصفين, فإن العبور منها لا بد أن يتضمن رؤى الطرفين, ولا يُمكن منح إحساس بانتصار طرف على الآخر, وهو ما يوسع الهوة التي مازالت, ولا بد من مراعاة هشاشة الوضع الأمني.

مشاكل مزمنة

الشواهد تُؤكِّد أنّ القوى المدنية وقوى الحرية والتغيير لديها مشاكل مُزمنة, كما يراها القيادي بالحزب الشيوعي صالح محمود من خلال خروج الحزب الشيوعي من قوى الإجماع الوطني وفي الحرية والتغيير في نفس الوقت, نوه إلى خلافات قوى الحرية والتغيير التي شهدت خلافات خلال الاجتماعات الأخيرة بقاعة الصداقة الذي اجتمع أكثر من (43) جسما سياسيا, ولاحقاً أعلنت قِوى أخرى عن نفسها بأنها قوى الحرية والتغيير, بالتالي وجود مشاكل وعدم انسجام يمكن أن ينعكس على مواقف القِوى المكونة للجسمين الجديدين المتوازيين, وقال لـ(الصيحة) إن الصراع واضح جداً وغالباً تلك القوى كرّست الوثيقة الدستورية في المحاصصة, تعكس أي مجموعة مواقف من الصعوبة التراجع عنها, وبالتالي الصراع يدور حول الكراسي سواء كان في المجلس السيادي أو الوزراء وهي كيكة تلخصت في عدد من الناس تحاول الصراع حولها, ومع الأسف الصراع ليس على القضايا الجوهرية أو معاش الناس أو قضايا الأمن أو قضية الشرق, ليس هنالك صراع حولها, وإنما حول المواقع والكراسي كل يريد أن يحفظ مكانه, وتوقع أن يتفاقم الصراع ويتصاعد!

منطق البطولات

ويرى الناطق الرسمي السابق للقوات المسلحة العميد الصوارمي خالد سعد أن الشعب السوداني هو الشعب السوداني, يلجأ دائما إلى الجيش عندما تشتد به الأزمات وتضيق عليه الدروب, وليس الجيش طامع في السلطة, وتعود الجيش دائمًا أن ينصر شعبه في كل الثورات السودانية.

وقال لـ(الصيحة): حتى عندما نسعى نحو المدنية الكاملة في الحكم لن يتحقق ذلك إلا بدعم القوات المسلحة, بل بتبنيها الكامل لمشروع الحكم المدني الذي سيأتي مترتباً على التنحي التدريجي للجيش عن الحياة السياسية, ولكي يحدث ذلك, فلا بد للشعب أن يقف في صف الجيش من أجل الإصلاح وتقديم النصح والرأي والمشورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى