مروة علي تكتب: قيود الكتابة الأدبية

تعرّف الكتابة الأدبية بأنها: التعبير عن الأفكار والعواطف والانفعالات النفسية والرؤى الشخصية، بأسلوب أدبي مع الابتكار في الفكرة، وتخيّل المعاني بما يُحدث تأثيراً وجدانياً في نفس القارئ.

______

لماذا كتبت ايملي دكنسون (1700) قصيدة لم تنشر منها سوى (11) قصيدة أثناء حياتها، قصائد منسوبة لـ”مجهول” في بعض الصحف المحلية، ورغم هذا استمرت في الكتابة.

ما أود قوله إن الكتابة هي الكتابة ومن يعي الكتابة حقاً فليكتب من أجل الكتابة فقط ويدع الكلمات تخرج وتتحرّر ولا يقيدها بقانون أو أسلوب، وُلدت الكلمات لتخرج وتتلّون وتتبهرج لا لتتقيّد.

والكتابة غنى الفقراء، فهي تعني الكثير برغم صعوبتها، فهي تمنحنا شعوراً بالراحة، بعيداً عن أي سوء؛ فهي عالم بذاته… قلمك سيده.

هناك قول: (كتابة الكتب تشبه تربية الأطفال)، فالأمر يتطلّب منك التفاني والاهتمام، لا بأس أن تشعر بالقليل من الفخر تجاه عملك، ولكن من الخطأ أن تدّعي الفضل لهذا أو تطلب المجد لنفسك.

بداية أرى أنه من الصعب تحديد تاريخ محدّد لظهور الكتابة الأدبية في السودان، لأن هناك الكثير من الأعمال الأدبية ظلّت حبيسة الأدراج ولم تخرج لنا قط.

هناك سجلات من الأدب السوداني يرجع تاريخها إلى 700 قبل الميلاد في الكتابة المروية، ولكن لم يبدأ حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر ظهور الأدب السوداني الحديث المميّز.

وكذلك، فلئن كان كتاب تراثي فريد كطبقات ود ضيف الله الذي يؤرخ لسلطنة الفونج في  القرن التاسع عشر الميلادي، ويصف بدايات دخول الإسلام إلى السودان، ونشؤ الطرق الصوفية، ويحكي عن كرامات الأولياء، ويصف الحياة الإجتماعية حينذاك لم يُعثر على طبعته الخطية بعد، كما لم ترَ طبعتة الأولى النور إلّا بعد حين، فذلك يدل دلالةً واضحةً على أن الكثير من الثروات الثقافية لاتزال مطمورةً ولا يعلم أحدٌ عنها شيئاً.

وما ينطبق على كتاب طبقات ود ضيف الله، هذا العمل التراثي القديم، الجليل، ينطبق على الكثير من الأعمال الروائية، لكثير من المُحدثين.

وفي بداية ثمانينيات القرن الماضي دأبت دار النشر على تعهّد بتقديم روايات يأمل كتابها في نشرها، كان هناك العشرات من الأعمال الرائعة كان من المأمول إطلاع القراء عليها، بيد أننا لم نرَ أحدها على رفوف المكتبات، وهذا يدل على حال فن رائع كفن الكتابة وما زالت على هذا الحال في ظل وجود قانون للمصنفات الأدبية في السودان.

بعض الكُتاب الذين ظهروا على مر عهد الكتابة الأدبية، حقبة ما قبل الاستقلال، شهدت أعمالاً للكاتب معاوية محمد نور حيث كُتبت ونُشرت في القاهره، ومحمد عثمان هاشم.

وبعد الاستقلال ظهر الطيب صالح برواية موسم الهجرة إلى الشمال، التي صدرت في العالم 1967م والتي تناولت مجيئ الطلاب العائدين إلى السودان من إنجلترا وحتى أنها نشرت باللغتين الإنجليزية والفرنسية.

وكذلك رواية الفراغ العريض لم تنشر إلا في العام 1970م بعد وفاة مؤلفتها ملكة الدار محمد، وقد أثار هذا العمل ضجةً كبيرةً لأنه نُشر من قِبَل امرأة وتعامل مع القضايا الإجتماعية.

رغم أنه كان من الصعب جداً وصول الكتاب السوداني إلى القراء والنقاد، يستثنى من ذلك الطيب صالح والفيتوري، لكن الأسماء التي قبل وبعد هذين الكاتبين لم تأخذ حقها من الانتشار؛ مع  وجود أعمال كثيرة لهذه الكوكبة من المبدعين أمثال إبراهيم إسحاق، محمود مدني، علي المك، بشرى الفاضل.

نجد أسباب صعوبة النشر تتمثل في تغير الظروف الإجتماعيه والسياسية والاضطرابات الكثيرة، ومن المتوقع رفع سقف الحريات إلى الأفضل بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى