عبد الرحمن الزومة

وفاة الدكتور مرسي هل تُمهِّد الطريق للمصالحة؟

الوفاة المفاجئة للدكتور محمد مرسي الرئيس المصري السابق، أثناء محاكمته، من المؤكد أنها أحدثت صدى واسعاً داخل مصر وخارجها, كما أنها تركت مجالاً للمزايدات هنا وهناك, وهي مزايدات لن تنفع الجماعة في شيء! ولابد أن هنالك عدداً من (السيناريوهات) المرشحة للحدوث في مقبل الأيام. لكن واحداً من تلك السيناريوهات والتي ستكون (سارة) هو ذلك الذي يقول إن وفاة الدكتور مرسي من الممكن أن تقود إلى مصالحة بين الحكم في مصر وجماعة الإخوان المسلمين.

وبالرغم من أن هذا السيناريو في رأي كثير من المراقبين يعتبر بعيد الاحتمال, إلا أنه ليس هناك مستحيل. إن المثل الذي يقول ما محبة إلا بعد عداوة، يبدو أنه (مصري الأصل). صحيح أن الهوة بعيدة بين الحكم في مصر وبين الجماعة، إلا أن الظروف التي تمر بها الجماعة تحتم على (عقلائها) التفكير في ذلك السيناريو, وذلك في ضوء الوضع الذي تعيشه الجماعة، وذلك من عدة وجوه.

من الواضح أن الخيارات أمام الجماعة (شحيحة)، ولا بد للجماعة أن تعترف بذلك، إذا أرادت الخروج من الوضع الذي هي فيه الآن. لقد دعت الجماعة إلى التظاهر يوم الجمعة، وتلك دعوة لم تجد أي صدى في الشارع المصري المشغول ببطولة الأمم الأفريقية. إن العديد من الجهات تريد أن يستمر الوضع المتوتر الذي تعيشه الجماعة، وإذا بحثنا عن بلد يريد لهذا الوضع المتوتر أن ينتهي وتدخل الجماعة حالة من التصالح مع حكومة بلدها، فلن نجد غير السودان من يقوم بهذا الدور.

إذا نظرنا إلى الرقعة الجغرافية التي يحتلها هذان البلدان، السودان ومصر، فسوف نجد منطقة شاسعة، وإذا نظرنا إلى (الكتلة البشرية) التي تعيش في تلك الرقعة، فسنجد أن سكان البلدين (140) مليون نسمة، وهذا رقم يمثل أكثر من ثلث العرب مجتمعين, إن لم يكن أكثر من نصفهم. العلاقات بين البلدين تعتبر استراتيجية وتاريخية، ولقد نجح البلدان في الفترة  الماضية في ترسيخ تلك العلاقات ووضعها في مكانة (غير قابلة) للتدهور.

ظلت مصر على الدوام (ظهيراً) للسودان, وكذلك السودان لمصر. العلاقات بين السودان ومصر عبارة عن شجرة فوق الأرض تغذيها (جذور) عميقة من التاريخ والجغرافيا والدين.  لقد كانت زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكرى لمصر من أوائل الزيارات التي قام بها إلى الخارج عقب تسلمه السلطة.

إن مبادرة شعبية ورسمية تتمثل في قيام وفد شعبي بقيادة مسئول كبير إلى مصر من شأنها أن تتفتح الباب للأمل في إجراء تصالح بين الحكم في مصر وبين الجماعة. إن الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي وبقلبه الكبير وحرصه على استقرار بلده بل وكافة البلدان العربية وبحكم أنه لا يمكن أن يرد طلباً لإخوانه في السودان الشقيق، فإنه لن يرفض وساطة سودانية, خاصة إذا طلبت منه تلك الوساطة وكبادرة (حسن نية) أن يأمر فخامته بإطلاق سراح المعتقلين من المرضى وكبار السن ومن ثم تستمر المبادرة السودانية حتى تبلغ غايتها بإجراء مصالحة تاريخية بين الإخوان المسلمين في مصر وحكومة بلادهم.

إن الإرث السوداني في التصافي والتسامح ولم الشمل من الممكن أن يحدث اختراقاً ما في الحالة التي تعيشها جماعة الإخوان المسلمين في مصر. لكن ذلك لن يكون له الأثر المرتجى، إلا إذا كانت الجماعة مستعدة للقيام بإبداء قدر ملموس من التنازلات من أجل بلدها مصر وذلك حتى تلعب دوراً إيجابياً في تنمية بلدها.

في المقابل، فإن مصر بتاريخها العريق وحضارتها الممتدة لآلاف السنين لن تكون أقل تسامحاً واستعدادا للتصافي من شقيقها السودان. إن السودان الآن (يتعافى) بعد الأحداث التي مر بها في الفترة الأخيرة, وليس سراً أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد لعب (ولايزال) يلعب دوراً محورياً في عملية التعافي تلك, لكن عملية التعافي في السودان لن تكتمل إلا بعملية مشابهة لها في مصر الحبيبة.  

إن الأمل في خلق تلك الروح معقود بالرئيسين العظيمين الكبيرين الـ (عبد الفتاحين) السيسى والبرهان. فهل نجد ونسمع أخباراً سارة في هذا الملف من تلقاء كنانة الله في أرضه, مصر الحبيبة؟ ما ذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى