نحن قد نزرع الشوك..!

“المعارضة تحتاج إلى شجاعة، لكن معارضة المعارضة تحتاج إلى قدر أكبر من الشجاعة.. فالتشكيك عمل جريء، لكن التشكيك بذلك التشكيك هو عمل أكثر جرأة” .. د. أحمد خالد توفيق ..!

لن أنكر أبداً أن هذا المقال يتناول بالشجب والتنديد ما آل إليه حال منصات التواصل الاجتماعي في بلادنا “وليساعدني الله على احتمال تبعات ذلك”!. كثرت الشائعات السياسية المبذولة على صفحات “الواتس آب” و”الفيس بوك” و”تويتر”، والتي ساعد على تفاقمها غياب المعلومات الرسمية – معلومة المصدر – وشح التصريحات الوافية الشافية من كلا طرفي “مسلسل التفاوض”، الذين يبدو أنهما قد اتفقا على ألا يتفقا..!

الكثير الكثير مما نتعثر به على مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم، يؤكد أننا بحاجة إلى علماء اجتماع يفسرون لنا تلك الشطحات الافتراضية أولاً، ثم ذلك التناقض السلوكي – في مفهوم الأولوية – بين مصائب الواقع الآنية وكوارثه المستعجلة الجديرة بالتناول، وقضايا الساعة “المفترضة”، التي يقتلونها بحثاً في تلك المنصات الإسفيرية ..!

كيف، ولِمَ؟!، ولمصلحة من؟!. وذلك الكائن الافتراضي – المصاب بأعراض هياج دائم، من “النقل”، إلى التلفيق. ومن “التشيير”، إلى التشهير – هو ذاته الفرد المطحون بفعل عجز الميزانية، وهو ذاته المواطن المُحاط بضباب الفراغ الدستوري، وكوارث الأوبئة الصحية ومهددات الأمن القومي ..؟!

الحديث عن الحرية المطلقة في مثل هذه الأحوال هو محض هراء، لأن الحرية المطلقة هي سلطة مطلقة .. ولأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة. فلا تحدثني بالله عليك عن حرية التعبير في هذا المقام، لأن إجابتي ستكون كالتالي: لا حكمة تذكر في التقليل من أهمية سن المزيد من القوانين التي تضبط جموح هذا الضرب من الظهور، بل إن القول بعكس ذلك هو تقليل من شأن ذلك النوع من التواصل، وهو تهميش لدوره القوي وتأثيره الظاهر في توجيه دفة الرأي العام ..!

وعليه، فإن الحديث بشأن تدابير قانونية ــ في هذا المقام ــ هو صفحة من كتاب العدل بمعناه الأخلاقي. لذلك ليس غريباً أن يثور السؤال حول جدوى التدابير القانونية والإجراءات المعتمدة لتطبيقها على نحو يضع الرسالة في ذمة المرسل والناقل، ويحفظ حقوق المتلقي ..!

صحيح أن هذه النزعة نحو شيطنة الرأي الآخر وأبلسة الخصوم، ظاهرة عالمية، لكن ذلك لا يعني أن نحرص على التكريس لهذه النزعة بهروعٍ أخرق وكفاءةٍ غوغائية، وعلى منصات افتراضية بات يعيش روادها أزمة نفسية، اجتماعية، اسمها “الحاجة إلى بطل!. وهو – بالمناسبة – مفهوم يتفرَّق دمه بين قبائل الأوهام، والاصطناع، والزيف، والتفكير الرغائبي. من ادعاء البطولات، إلى صناعة الأبطال ..!

بصراحة – ومن الآخر – منصات التواصل الاجتماعي – في بلادنا – تكاد أن تتحول إلى “مستشفيات مجانين”. هل يدرك عاقل هذه الحقيقة قبل فوات الأوان ..؟!

منى أبوزيد

[email protected]

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى