انطلاقة المُفاوضات بين الحكومة والحلو.. إرادة السلام تمضي لتحقيق أهداف الثورة

الخرطوم ـ أمنية مكاوي
عندما تبلورت شعارات ثورة ديسمبر التي أسقطت نظام الإنقاذ وضعت الحرية والسلام والعدالة على رأس أجندتها، فكان أن اجمع الشعب السوداني على تحقيق الأهداف وتلقفت الحكومة الانتقالية مسؤولية إنزال الشعارات على أرض الواقع، فعملت منذ مراحل صياغة الوثيقة الدستورية على تحديد سقف زمني لتحقيق السلام ومضت بكل جدية، فكان أن احتضنت عاصمة جنوب السودان “جوبا” التفاوض بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح ما اسفر عن اتفاق جوبا.
لكن اتفاق جوبا لم يكن حلاً نهائياً على اعتبار أن حركتي تحرير السودان جناح عبد الواحد نور والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو كانتا خارج الاتفاق, ما حتم ان تكون هناك جولات أخرى لحسم ملف التفاوض حول السلام وكانت البداية هذه المرة بالحركة الشعبية التي بدأت المفاوضات الرسمية معها أمس بعد ان أكدت جميع الاطراف في الجلسة الافتتاحية أمس الأول على نيتها التوصل لاتفاق السلام بأعجل ما يكون.
بداية تفاوض
وانطلقت صباح أمس، جولة التفاوض الرسمية المباشرة بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان، بفندق كراون في جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان بحضورفريق الوساطة الجنوبي.
وترأس وفد الحكومة الانتقالية في المفاوضات الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو المجلس السيادي رئيس الوفد الحكومي، فيما رأس القائد عبد العزيز الحلو جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال.
وكانت الجلسة الافتتاحية للمفاوضات قد بدأت امس بقاعة الحرية، وخاطبها كل من رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق اول سلفا كير ميارديت، ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، والقائد عبد العزيز الحلو ورئيس وفد الوساطة الجنوبية الفريق توت قلواك وبحضور إقليمي ودولي.
وتأتي هذه الجولة بعد توقيع اعلان المبادئ بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال في مارس الماضي بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، والقائد عبد العزيز الحلو، وابدى الطرفان استعدادهما لاستكمال عملية السلام في السودان.
مقترح الشعبية
وخلال جلسة الأمس في فندق كراون، سلمت الوساطة وفد الحكومة؛ مسودة الاتفاق الإطاري المقدم من الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وأوضح مقرر لجنة الوساطة الجنوبية، ضيو مطوك أن المسودة تتضمن ترجمة لإعلان المبادئ الموقع في جوبا، مبيناً أنه عقب التوقيع على المسودة ستضع الوساطة الجنوبية استراتيجية جديدة بهدف الوصول إلى السلام الشامل.
رفع التفاوض
أعلن ضيو مطوك في تصريح صحفي، رفع جلسات التفاوض بين وفدي الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى يوم الاثنين المقبل لدراسة ومناقشة مسودة الاتفاق الإطاري، وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الجولة حاسمة ليتوصل الطرفان إلى سلام شامل وعادل ومستدام، ووصف ضيو لقاء رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك مع رئيس حركة تحرير السودان القائد عبد الواحد محمد نور بجوبا بأنه إيجابي ويأتي في إطار مبادرة الحوار السوداني السوداني.
تمديد مهلة الدراسة
اكد الناطق الرسمي لحركة جيش تحرير السودان محمد كوكو في تصريح لـ(الصيحة) بأن تم رفع جلسات التفاوض الى يوم الاثنين المقبل بحجة دراسة ومناقشة مسودة الاتفاق الإطاري، وإشار إلى أنه تم تحديد 96 ساعة لتسليم رد الوفد الحكومي للوسيط، وتوقع أن يتم تمديد هذه الفترة في حالة لم تتم دراستها بشكل جيد، واشار إلى ان هذه الجولة ستكون خاتمة لتوقيع سلام شامل.
دعم خارجي
جولة التفاوض بين الحكومة وحركة الحلو وجدت ترحيباً كبيراً على المستوى العالمي، ففي الوقت الذي اعلن فيه المبعوث الامريكي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث خلال اجتماع مع الفريق اول كباشي امس دعمه للتفاوض واستعداد بلاده لتقديم كافة الدعم والتشجيع للتفاوض للوصول الى اتفاق سلام، أصدر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بياناً أمس رحب فيه بانطلاقة محادثات السلام في جوبا بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان.
واشار البيان إلى أن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان “يونيتامس” فولكر بيرتيس حضر الجلسة الافتتاحية ممثلاً الأمين العام، واوضح ان الأمين العام للامم المتحدة جدد التأكيد على أهمية تمثيل ومشاركة المرأة في كافة مستويات عملية السلام في السودان.
واوضح البيان ان الامين العام حث جميع الاطراف من أصحاب المصلحة من السودانيين على “إبداء حُسن النية والتصميم على تحقيق سلام شامل لصالح السودان والشعب السوداني”.
توقعات
جلسة الامس خاطبها وزير شؤون مجلس الوزراء، الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي خالد عمر يوسف، مبينا ان بداية التفاوض تمثل صفحة جديدة في تاريخ السودان خاصة بعد قيام ثورة ديسمبر، مؤكداً أن البلاد تمضي بخطى حثيثة رغم التحديات التي تمر بها، وأضاف أن الحكومة الانتقالية أثبتت أن لديها الإرادة والجدية لكتابة تاريخ ومستقبل جديد للسودان، مُنوِّهاً أنّ الطرفين لديهما العَزيمة القويّة والإرادة الحقيقية لتحقيق السلام وطي صفحة الحرب. وأعرب عن تطلعه بأن تكون هذه الجولة حاسمة، مشيراً إلى أن الحركة الشعبية بدخولها المفاوضات ستساهم في كتابة تاريخ جديد للسودان؛ وقال “أثبتت الحركة ان لديها رغبة ومسؤولية للانخراط في مباحثات عميقة تهدف لتأسيس سودان ديمقراطي جديد وتحقيق سلام مستدام وشامل”، مؤكداً أن وفد الحكومة عازم على الوصول لسلام عادل بأسرع فرصة، وخاصة وأن هناك إرادة كاملة وصادقة.
توقعات الوساطة
أعرب رئيس وفد الوساطة الجنوبية الفريق توت قلواك عن سعادته بالرجوع إلى المفاوضات بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، مشيداً بطرفي التفاوض، وأكد اهتمام فريق الوساطة بأن تكون هذه الجولة حاسمة لتحقيق السلام بين الطرفين والتبشير بالسلام وسط أهلنا في جبال النوبة والنيل الأزرق والنازحين والمتأثرين بالحرب. وقال إن رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير حث الطرفين بأهمية تحقيق السلام في السودان، مؤكدا وقوف حكومة الجنوب مع الطرفين للوصول الى السلام في أسرع فرصة. وأشار إلى أهمية الاتفاق على التصريحات الرسمية للأجهزة الإعلامية والمحافظة على الأوراق الداخلية التي تربط المُفاوضات وعدم إطلاق تصريحات ما لم يتم الاتفاق عليها سواء كانت إيجابية أو سلبية. ونادى بأهمية العمل بالسكرتارية لطرفي التفاوض بأن يكون فريقا واحدا ليصبح مرجعية للطرفين. وأشاد بالسكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الاستاذ عمار امون والوفد الحكومي وممثل الاتحاد الأفريقي وممثل جنوب أفريقيا ورئيس بعثة “يونيتامس” وممثلي الدول الصديقة لحضور بدء المفاوضات مع الحكومة الانتقالية.
عودة حمدوك
عاد رئيس مجلس الوزراء الدكتورعبد الله حمدوك الى البلاد ظهر أمس قادماً من جنوب السودان بعد المشاركة في الجلسة الافتتاحية لمباحثات السلام بين وفدي حكومة السودان والحركة الشعبية لتحريرالسودان قيادة القائد عبد العزيز الحلو.
وشرف الجلسة الافتتاحية لحوار السلام كل من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والفريق أول ركن سلفا كير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان.
ترحيب شعبي
وربما كان موطنو المناطق التي تأثرت بالحرب اكثر السودانيين فرحاً بانطلاقة المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية، لذا فقد رحبت القيادات السياسية ومكونات المجتمع بولاية غرب كردفان ببداية التفاوض آملين أن تفضي إلى سلام شامل يحقق الأمن والاستقرار والتنمية التي ينشدها المواطن.
وقال القيادي بتنسيقية قوى إعلان الحرية والتغيير بالولاية، عبد الله حامد احمد حبيب، إن انطلاق المفاوضات بجوبا بين الحكومة الانتقالية والحلو تؤكد حرص الطرفين على تحقيق السلام الذي يمثل إحدى أولويات حكومة الثورة.
وأوضح مدير مركز دراسات السلام والتنمية بجامعة السلام، د. مجاهد عبد الله خميس، أن انطلاق مفاوضات جوبا أكد جدية الطرفين لتحقيق السلام الحقيقي في البلاد، وقال إن التحدي الأكبر هو كيفية الوُصُول إلى السلام الشامل في البلاد.
وقال مدير الهيئة الولائية للإذاعة والتلفزيون بغرب كردفان، صابر عبد الكريم هاشم، إنه آن الأوان لتحقيق السلام الشامل والعادل حتى ينعم المواطن بالأمن والتنمية والرفاهية. وقال إن الولاية من أكثر الولايات فرحاً بهذه المفاوضات وذلك للامتدادات الطبيعية التي تربطها مع نظيرتها جنوب كردفان في استتباب الأمن الولائي والإقليمي.
ودعا عضو لجان المقاومة بالولاية يوسف آدم يوسف لأهمية أن تضطلع مكونات المجتمع كافة خاصّةً الشباب بنشر ثقافة السلام وأهميته وسط المواطنين، مبينا أن السلام يتيح للولاية فرصاً كبيرة في مجالات الاستثمار المختلفة، سيما وأن لديها ميزات كبيرة في الموارد الاقتصادية المتعددة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى