صلاح الدين محمد صالح يكتب : البرهان وحاطب ليل في حطاب

11 نوفمبر 2022م

 

من الابجديات في الكلية الحربية السودانية التي يتعلمها الطالب الحربي هي أنهم سيتخرجون في الكلية الحربية قادة، وأن من أهم صفات القائد هي أنه لا يثار ولا يستثار؛ ولكن ما رأيناه من تصريحات القائد الأعلى للقوات المسلحة وباعتباره (قائد الكلية الحربية) وليس بالضرورة أن تكون القيادة مباشرة؛ إنه كان أولى القادة العسكريين بعدم الاستثارة، وأولى الناس بالعمل بتلك المقولة الذهبية باعتباره القائد العام أو اقدم زول بالدارجة العسكرية؛ في اعتقادي أن التصريحات في المنطقة العسكرية حطاب في رأيي لا تخرج عن ثلاثة أسباب؛ أولاها هي ردة فعل بسبب الدعم المعنوي الذي وجده من أنصار الدول الداعمة للتسوية السياسية والتي لا تريد للحركة الإسلامية أن تكون في المشهد السياسي، وبالتالي يريد البرهان أن يثبت حياده وأنّ ولاءه فقط للقوات المسلحة، وبالتالي يكسب رضاء من طبخ التسوية ورضاء من سيأكل الطبخة؛ ىوتكون قحت حاضنة له أو يتقي شرها، (ولكن في ظني ما هكذا تورد الإبل).

وثانيها هو أن هذا التصريح من ضمن استراتيجيات البرهان في إدارة البلاد بالأزمات، فلقد رأيناه في بداية الثورة يضرب الإسلاميين بالقحاتة، وسمعنا في بعض الأخبار انه كان بعثياً أو يساري الهوى؛ ثم لم يلبث أن قام بإجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، معلناً أنها عملية تصحيح لمسار الثورة، وتلى ذلك بأن صب جام غضبه على قحت وتنفّس الإسلاميون الصعداء؛ وها هو الآن في طريق أن يضيِّق على الإسلاميين مرة أخرى؛ لست – علم الله – مع أي طرف ضد الآخر، ولكني أقدم لك نصيحة من باب الدين النصيحة؛ انت قد فقدت شعبيتك من الثوار بعد أحداث الخامس والعشرين وزججت بقادتهم في السجون فلا تطمع بعد ذلك في مودّتهم؛ فأنت الآن عزيزي البرهان بعد تصريحاتك هذه فقدت أنصارك من الإسلاميين، وفقدت شعبيتك من القحاتة منذ زمن طويل؛ ولم يتبق لك إلا الجيش؛ وكما قيل (الجيش بقلب في ثانيتين) فإذا علمت ذلك – وما أظنك تجهله – فدع التصريحات التي تحسب عليك واعمل بقاعدة السكوت من ذهب؛ فهو أسلم لك؛ فأنت الآن لست صليحاً لكلا الطرفين وأصبح حالك (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء)، ولست أظن أن هذه سياسة حكيمة، فلقد فعلها الرئيس المخلوع عمر البشير وأصبح على مسافة واحدة من كلا الطرفين، ثم ولى الجيش إدارة حكم البلاد فلم يغن عنه ذلك من شيء وحدث ما حدث؛ فإذا قرأت كتابي هذا فاعتصم بعد كتاب الله بقواتك المسلحة، وشاورهم في الأمر وكف عن التصريحات وسيقضي الله أمراً كان مفعولا؛ وإن لم تفعل فلا اقول لك إلا قول الشاعر (امرتهم امري بمنعرج اللوى.. فلم يستبينوا النصح إلاّ ضحى الغد).

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى