مفاوضات جوبا.. تفاؤل يسبق (الانطلاق)

تبدأ اليوم بعاصمة الجنوب

الخرطوم: هبة محمود سعيد

في اول خطوة عملية وجادة في ملف السلام بين الحركات المسلحة والحكومة، يتوجه اليوم الإثنين وفد السودان المفاوض إلى عاصمة دولة جنوب السودان جوبا للانخراط في اجتماعات تمهيدية لبدء المفاوضات مع الحركات تحت رعاية وإشراف الرئيس “سلفا كير”.

وتأتي هذه المفاوضات في جوبا عقب شد وجذب بين الحركات المنضوية تحت مظلة الجبهة الثورية، وبين  قوى الحرية والتغيير بعد رفض الأخيرة إدراج قضية السلام في الوثيقة الدستورية.

 وبحسب مراقبين، فإن أهمية هذه المفاوضات تكمن في توحيد الجهد التفاوضي بين أطراف الحكومة، بعكس ما كان في السابق، ليبقى السؤال حول فرص نجاحها، ومدى مقدرة دولة جنوب السودان في أن تكون ضامنة لسلام السودان؟

محصلة صفرية

ظلت عملية السلام في السودان أحد أهم مطلوبات استقراره على مدى الأنظمة المتعاقبة، فقد استنزفت الحروب التي اندلعت فيه على رأسها حرب الجنوب والتي استمرت سنوات طويلة استنزفت المورد والأرض والإنسان، دفعت معها البلاد الثمن غالياً من نهضتها وتقدمها وجزءاً حبيباً منها، مروراً بحرب دارفور ثم حرب ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، لذلك تظل قيمة السلام عالية، وقد أولاها رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك اهتماماته عندما ذكر في أول مؤتمر صحفي له أن إيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل والعادل من أهم أولويات الدولة خلال الفترة الانتقالية. 

“حمدوك” شدد على أهمية السلام، وعلى ضرورة التفاوض الجاد وتوفر الإرادة القوية له، وذلك عندما صرح عقب الإعلان عن حكومته أن مفاوضات السلام في عهد النظام السابق لم تكن على قدر كاف من الجدية بين أطراف الأزمة. وكانت عملية التفاوض بين الحكومة  والحركات المسلحة إبان النظام السابق لا تبارح مكانها، على الرغم من جولات ماكوكية استمرت وقتاً طويلاً بمحصلة صفرية. 

فرص نجاح كبيرة

جاهزية الحكومة للتفاوض تقابلها استعدادات كبيرة من قبل الجبهة الثورية لإكمال ملف السلام، وبحسب الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية “محمد زكريا” للصيحة جاهزيتهم لإنجاز ملف السلام، مؤكداً أن الجبهة الثورية ظلت دوماً حريصة على إكمال هذا الملف من خلال وقف العدائيات وإطلاق النار، وأيضاً خلال مفاوضات أديس والقاهرة والآن في جوبا، وقال: فرص نجاح المفاوضات كبيرة حال توفر الإرادة السياسية بين طرفي التفاوض. وزاد: ما نراه ونشهده من أقوال وأفعال جميعها تبشر بنجاح سير المفاوضات، وأضاف: ستلتئم في البداية اجتماعات الهدف منها التوافق على رؤية العملية التفاوضية ومن الوسيط وتوقيتات بدء التفاوض.

وبحسب مراقبين فإن ملف تفاوض السلام تم التجهيز له بعناية لزيادة فرص النجاح، من خلال وفد يضم كلاً من الفريق ركن شمس الدين الكباشي ــ محمد الحسن التعايشي ــ صديق تاور، لاعتبارات تمثيلهم المناطقي جنوب كردفان ودارفور وأكثر دراية بتعقيدات الملف.

عبد الواحد.. رفض قاطع 

وتشمل عملية التفاوض حركات الجبهة الثورية والحركة الشعبية قطاع الشمال جناح عبد العزيز الحلو، في وقت يغيب فيه رئيس حركة تحرير السودان “عبد الواحد محمد نور” عن طاولة التفاوض، رافضاً الانضمام غير معترف بالحكومة بحسب تصريح سابق له.

ويعتبر نور أحد أبرز فصائل الحرب في السودان، والذي ظل طوال سنوات رافضاً التفاوض إطلاقاً مع الحكومة، وبحسب عضو المجلس السيادي الفريق “شمس الدين الكباشي” في حديثه للصيحة أن التواصل مع عبد الواحد لإقناعه بالجلوس للتفاوض سيظل مستمراً.

جوبا.. ضامن السلام

 جانب آخر يضاف إلى فرص نجاح  المفاوضات بخلاف الإرادة السياسية، هي رعاية دولة جنوب السودان للمفاوضات، فوفقاً لمراقبين فإن المبادرة التي يقودها الرئيس سلفا تقتضي إحلال السلام بين طرفي الأزمة سيما في أعقاب إعلان الخرطوم وتوقيع سلام بين الفرقاء الجنوبيين والذي ساهم فيه السودان بشكل كبير، اقتضى فترة انتقالية في الجنوب، أما أن يأتي بعدها سلفا أو لا، وهذا لا يتأتى إلا من خلال دور بارز في استقرار السودان على اعتبار أنه يشكل تأثيراً مباشراً في عملية الاستقرار في جنوب السودان.

وبحسب  مصادر للصيحة، فإن سلفا كير بحاجة إلى إعادة ترميم العلاقة مع الخرطوم يضمن بها أولًا جدية الحركات المسلحة وعدم العودة مرة أخرى إلى مربع الحرب، فضلاً عن أن عملية الاستقرار ستمكن جوبا من استخراج البترول وعبوره وتصديره وسيخلق استقراراً  اقتصادياً ينعكس بشكل إيجابي على دولة جنوب السودان. 

من جانبه قال عضو السيادي الفريق ركن شمس الدين الكباشي للصيحة إن سلفاكير يعتبر أفضل من يقوم بعملية إحلال السلام في السودان بين الحركات المسلحة والحكومة.

مفاتيح الحركات

بينما يرى المحلل السياسي عبد الرحمن أبوخريس في حديثه للصيحة أن فرص نجاح المفاوضات كبيرة، لاعتبارات أن دولة جنوب السودان تمتلك مفاتيح الحركات المسلحة وتعتبر حاضنة لها، مؤكداً أن جوبا قادرة على إنجاح المفاوضات وإحلال السلام، لأن التغيير السياسي سيغير كثيراً في التحول السياسي للمعارضة في جنوب السودان، وقال: استقرار السودان وتقدمه سيعطي الجنوب ثباتاً وثقة، سيما أن حكومة السودان أصبحت مقبولة خارجياً، في وقت تعيش فيه حكومة الجنوب أسوأ حالاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى