إغلاق اتحاد الصحفيين.. الحريات لا تتجزَّأ

 

نقيب الصحفيين: من يسعون لتسييس العمل النقابي سيحصدون الهشيم

الطيب مطصفى: من حصدوا الجوائز العالمية في الحريات سقطوا في اختبار الأخلاق

خبراء حقوق إنسان: حل اتحاد الصحفيين انتهاك  للحريات الصحفية

إعلاميون: الحريات التي كنا نتمنى أن تمضي للأمام تراجعت للوراء

 

إنه وبنص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية: (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة، ودونما اعتبار للحدود).

ولا خلاف أن السودان مًصادق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو التزام على الدولة لا علاقة له بالأنظمة السياسية أو تغيير تلك الأنظمة والسياسات، فلا أحد يمكنه سلب ومنع تلك الحقوق من تطبيقها سيما وأن تلك الحقوق منسجمة ومتداخلة فيما بينها ولا تتجزأ، فإما أن يؤخذ بها كاملة أو تُترك كاملة، ومع أجواء الثورة التي تعيشها الدولة السودانية، فيجب أن تتحسن تلك الحقوق، وأن تسير للأمام بدلاً من تراجعها في ظل ثورة بهرت العالم في سلميتها، وأصبحت مثالاً لكل الحادبين والباحثين عن الحرية والعدالة والسلام، وعلى ضوء ذلك أقام اتحاد الصحفيين وقفة احتجاجية أمام مقره لمناهضة قرار حله وإغلاق مقره بواسطة السلطات.

الخرطوم: النذير دفع الله

تصوير: أبو كمال

ردود فعل دولية

قال رئيس اتحاد الصحفيين الصادق الرزيقي، إن الوقفة الاحتجاجية ليست من أجل حل أو مصادرة الاتحاد، ولكنها  من أجل مصادرة الحريات، منبهاً أنه في بلادنا سُرقت واختُطفت الحريات، وبما أن الصحافة هي روح التغيير ومنطق الحرية، يتم اليوم التضييق على الصحافة والصحفيين ومصادرة حقهم في حرية التنظيم النقابي، وحقهم الأصيل في اختيار اتحاداتهم وكياناتهم النقابية، مشيرًا إلى أن  هذا الاعتداء على مقر اتحاد الصحفيين هو اعتداء على الحرية بشكل كامل، وأن الموقف التاريخي الذي نقفه اليوم ليس دفاعاً عنا نحن كصحفيين، ولكن دفاعاً عن بلادنا التي تنحدر بقوة نحو الدكتاتورية الجديدة المُقنّعة التي تلبس ثياب المدنية.

وشدّد الرزيقي على أن  القرار الذي صدر بحل اتحاد الصحفيين  والاتحادات النقابية الأخرى هو قرار سياسي من الدرجة الأولى، ولا علاقة له بالقانون أو أي  وثيقه دستورية، سيما وأن الوثيقة الدستورية التي وقعت وتحكم الفترة الانتقالية الحالية تقول إن كل من يريد الحرية في مجال الحريات وتنظيم العمل النقابي وحقوق الإنسان الوثيقة ملتزمة به، وأضاف: هم  يؤكدون هذا في خطتهم التي يحكموننا بها، موضحاً أنهم بذلك  يناقضون المواثيق  والعهود الدولية وكل التشريعات التي تحكم الصحافة. وقال الرزيقي: عندما نناهض هذا القرار لا نرسي قاعدة أن الصحافة والنقابات والحركة النقابية السودانية العريقة والتي لا يمكن أن تُسيَّس، مشيراً إلى أن  هذا الاتحاد الذي يحاولون إغلاقه اليوم منذ العام 1946 يعمل وينشط، ويجتهد في كل العقود والأنظمة، ولم يسبق أن مر بهكذا  محنة، أو مرّ المجتمع  الصحفي بمثل هذه الكارثة، إنها سابقة جديدة ستقود إلى ارتداد كامل عن الشعارات التي رفعوها وعن التي  ادّعوها.

وأوضح الرزيقي: عندما نناهض هذا القرار، نحاول أن نحفظ لهذا الشعب والأمة حقها الكامل في التعبير عن نفسها وحقها في الحرية وحرية التعبير والصحافة التي تمثل خدمة اجتماعية وليست سياسية، والنقابات مهنية ومطلبية ومنتخبة، ولا علاقه لها بالسياسة، وأن من يسعون اليوم لتسييس العمل النقابي سيحصد الهشيم، وستكون عاقبته الخسران المبين، لأن الحركة النقابية السودانية  لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن تندثر بهذه القرارات.

وقال: ما إن صَدَر هذا القرار حتى توالت علينا ردود الفعل داخلياً من الإخوة النقابيين، وأعزاء الاتحاد والاتحادات الولائية، بمختلف ولايات السودان، والقاعدة الصحفية، وكل صحفيٍّ حرٍّ تواصَل معنا لمناهضة هذا القرار، ومن ثم المجتمع الإقليمي من حولنا، منهم اتحاد الصحفيين العرب الذي سارع إلى إصدار بيان للتضامن مع اتحاد الصحفيين السودانيين رفضاً لهذه الغجراءات، وبدأ تحريك حملة في إطار الجامعة العربية من أجل نصرة اتحاد الصحفيين والصحفيين السودانيين، وكذلك الاتحاد الدولي للصحفيين، والذي يتواصل معنا يومياً، لأن قيمة الحرية والدفاع عن حرية الصحافة والصحفيين في كياناتهم المنتخبة هو حق أصيل، واتحاد الفدرالية الأفريقية للصحفيين.

وكشف الرزيقي أن الاتحاد بصدد تسليم مذكرة إلى جميع سفارات السودان والاتحاد الدولي للعمال والمنظمات الدولية التي ترعى حرية الصحافة والصحفيين، فهذا النسيج الدولي والإقليمي والذي يساند الصحافة هو الذي يقف الآن مساندًا للصحفين السودانيين، وأبان الرزيقي أنها ضربة البداية لمناهضة القرار، وسنسقطه حتماً وسنقاومه، وسنقيم عليهم الحُجّة، وستنتصر إرادتنا، وسندافع عن دارنا وحقوقنا، وسيُهزَم الجمْعُ ويولون الدبُر .

سقوط الحريات  

الكاتب الصحفي الطيب مصطفي، قال: إننا نقف اليوم انتصاراً لحرية  الصحافة، وإن هذا الشعار الذي تنكّر له من حصدوا الجوائز الدولية في السابق، ومن يمسكون بخناق الإعلام والذين سقطوا في اختبار الأخلاق والمعيارية، للأسف الشديد كانوا أشد الناس معارضة وأكثر الناس حلاقيم منتفخة، ينادون بالحرية، ولكن عندما تولوا الأمر للأسف الشديد سقطوا سقوطاً مدوياً وصاروا أعداء للحرية ولحملة القلم وأصبحوا يتوعدون الصحافة والصحفيين، ولذلك جاء قرارهم (الغبي الأحمق) بإغلاق ومصادرة اتحاد الصحفيين وجميع النقابات والاتحادات، لكن سنناهضة حتماً.

وأضاف: هولاء الذين يزعمون أنهم مع الحريات هم أعداء للحريات وسقطوا سقوطاً مدوياً، وتوعّد الطيب بإسقاط النظام الذي يقف خلفهم: وقال: هذا اليوم تاريخي للصحافة السودانية، وللأبطال الذين يدعون إلى الحرية، ويكتبون بالقلم، وهو يوم للرأي السديد، لأن الرأي فوق شجاعة الشجعان، فهولاء هم قادة الرأي والصحافة السودانية، وأشار إلى أن الذين يسيرون الرأي العام ويقودون المجتمع، ويربطون بين الأجيال أنهم من يرفع الجباه عالية حرية للوطن، ولكل الأحرار، إنها وقفة عظيمة، ورحلة من أجل الحرية والوطن.

 

 

تكميم الأفواه

الإعلامية هالة محمد عثمان، قالت: لا لمصادرة الكلمة والحريات، وأضافت أن اتحاد الصحفيين السودانيين كان سباقاً للإعلان عن إتاحة الحريات للجميع في المحافل الإقليمية والدولية لتحقيق الصحافة الحرة النزيهة، وأنه صوت الصحفيين والإعلاميين فكيف يُكمّم؟ وكيف يُمنع الصحفي، وهو قائد ورائد للكلمة والوطنية، وأشارت: الآن ننادي بدولة العدالة والحرية والديمقراطية والمدنية، فأين هي هذه الحرية والمدنية، فهل العدالة في إغلاق دار لخدمة الصحفيين وتكميم الأفواه ومعاداة الكلمة والوطنية.

وبينت هالة أن الاتحاد كان قوياً ومثّل منارة للجميع في أفريقيا، ونال شرف قيادة اتحاد شرق أفريقيا والاتحاد الدولي للصحفيين، وترأس الكثير من اللجان، والآن تم إغلاقه (بالضبة والمفتاح)، فانظروا الآن إلى الحريات التي كنا نتمنى أن تمضي للأمام، ولكنها تراجعت للوراء وإن كانت ثمة إجراءات فلتكن بالقانون، وإن كان ثمة عمل ديمقراطي حر، فليكن بالانتخاب، وليس بالمصادرة وقوة السلاح.

وكشفت هالة عن مجموعة  من المشروعات والخدمات كانت تقدم عبر الاتحاد توقفت تماماً، وطالبت هالة  باسم الصحفيين والإعلاميين بإتاحة الحريات وعدم مصادرتها.

انتهاك الحريات

الأمين العام السابق للمفوضية القومية لحقوق الإنسان بامكار قال لـ(الصيحة) إن قرار حل النقابات والاتحادات مُتعجّل جداً سيما وأن القرار لديه بعد عالمي وإقليمي، مضيفاً أن حل نقابة المحامين له تأثير في القرار الذي اتخذته الدولة، بالرغم من أن هنالك رأياً حول تكوين هذ النقابات في بنيتها الأولى، وأن حلها خطأ يمس القرارات العالمية، وأشار بامكار أن طريقة النقابات والاتحادات حسب قراءة المشهد الحالي كان يجب لتلك النقابات أن تكون منظمات مجتمع مدني حقيقية، مؤكداً أن بعض النقابات في البلدان تتدخل الدولة في طريقة تكوينها، لذلك يمسها هذا القرار، مما يمنحها هذا البعد الإعلامي، وأوضح أن القرار الذي اتخذته الدولة بشأن النقابات والاتحادات فيه انتهاك واضح لحقوق الإنسان فيما يختص بالحريات العامة ومن شأنه أن يؤثر على وضع تلك الحريات لاحقاً خاصة تلك النقابات ذات البعد الدولي والإقليمي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى