صلاح الدين عووضة يكتب : النهاية !!

ولكل نهاية بداية..

كما لكل بداية نهاية..

ولنجيب محفوظ رواية اسمها (بداية ونهاية)..

وهي تحكي عن ظُروف أسرة كان يجاورها – بحي العباسية – حيناً؛ في طفولته..

أسرة كانت نهايتها أليمة… حزينة؛ بعد موت عائلها..

وعلى العكس من نهايتها هذه كانت بدايتها سعيدة؛ أو – على الأقل – مستورة..

وحتى الابن الوحيد الذي شقّ طريقه – نجاحاً – انتحر..

انتحر وهو بكامل هندامه العسكري؛ إذ كان قد تخرّج ضابطاً في الكلية الحربية..

وسبب انتحاره رفضه من تلقاء أسرة الفتاة التي تقدّم لخطبتها..

قالوا له (أنت على العين والرأس؛ ولكن…….)..

وفهم الرسالة؛ وأتمّ الجملة من بعد (لكن) في سره: (ولكن أختك سلوكها مُش ولا بد)..

وفي بلادنا العديد من نماذج النهايات الأسيفة هذه..

صحيحٌ إنّها نهايات سياسية – وليست اجتماعية – ولكن يبقى الألم واحداً في كلا الحالين..

فنحن نبدأ كل حقبة بثورة شعبية عظيمة… مبشرة… واعدة..

ثم سُرعان ما يتبدّد قصر الأحلام أمامنا طابقاً طابقاً… وطوبة طوبة… وطبقاً طبقاً..

ثُمّ نُعزى من قبل التاريخ: طوبى للغرباء..

ونحن بدأنا ثورتنا الثالثة هذه بداية سعيدة؛ رغم الدماء… والتضحيات… والعذابات..

وبنينا في فضاءات أحلامنا – ومساحات واقعنا – قصراً منيفاً..

ثم – وكعادة من تفرزهم ثوراتنا حكّاماً لنا – طفقوا يهدمون القصر على رؤوسهم… ورؤوسنا..

بل ورؤوس الذين لم يُولدوا بعد من الأجيال القادمة..

وحين شعر كبيرٌ منهم بالذنب – والندم – نوى تقديم استقالته..

وهو فعلٌ يُمكن تشبيهه – مع الفارق – بالذي أقدم عليه ضابط قصة (بداية ونهاية) هذه..

فالدافع – في كلا الموقفين – هو الهروب؛ ضعفاً..

فجاءه الرد فوراً من المكون العسكري ما أن طرقت آذان أفراده هذه النية..

ولا تسلني: لم المكون العسكري – بالسيادي – دون المدني؟..

لأن المدنيين هؤلاء – يا مولاي – هم (ناس نثريات بس)… وما عداها (لا يهشون ولا ينشون)..

لم يحترموا الثورة… ولا الثُّوّار… ولا حتى أنفسهم؛ فلم يحترمهم أحدٌ..

ومن البديهي – إذن – ألا يحترمهم المُكوِّن العسكري..

المُهم؛ نوى تقديم استقالته… وقبل أن نأتي لردة فعل العسكري نرجع قليلاً إلى الوراء..

إلى يومٍ قال فيه الترابي (البشير هدية السماء للحركة الإسلامية)..

فكانت النتيجة أن قاد ابن (هدية) – الهدية – الترابي… والحركة… والبلاد… إلى (النهاية)..

ثم نقفز إلى يوم الناس هذا..

فقد جاء الرد سريعاً من المكون العسكري إلى الكبير هذا (أنت هدية السماء لهذه الثورة)..

ولعلهم يقصدون: أنت هدية السماء لنا (نحن)..

حتى (النهاية) !!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى