استفتاء حول مسار الشرق.. مخرجٌ آمنٌ أم تعقيدٌ إضافيٌّ للأزمة؟!

 

تقرير- صلاح مختار

على نحو مفاجئ, اقترح رئيس مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين تِرِك, إجراء استفتاء شعبي في شرق السودان حول مسار الشرق في اتفاقية سلام جوبا لتحديد رغبة الشعب في إلغائه أو استمراره، ورغم أن بعض المراقبين اعتبروا خطوة الناظر تِرِك واحدة من تعقيدات المشهد في شرق السودان, إلا أن آخرين نظروا إليها من زاوية كونها يمكن أن تكون محاولة لحل الأزمة, ولكن بطريقة أكثر تعقيداً, ويبدو أن المقترح مهّد له من خلال إبداء مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة في شرقي السودان, استعداده لفتح المناطق المُغلقة شرط إلغاء رسوم الجمارك الذي نفاه مجلس البجا لاحقًا، في الوقت الذي دعت فيه دول غربية, زعماء المنطقة إلى إنهاء حصار ميناء بورتسودان والانخراط في حوار سياسي مع الحكومة. وحثّت دول (الترويكا), تِرِك بقبول عرض الحكومة بحل مشاكلهم عبر حوار سياسي ملموس، بدلاً من الانخراط في أفعال لن تؤدي إلى شيء سوى الإضرار باقتصاد البلاد. كذلك دعت الحكومة إلى تكثيف جهودها لإيجاد حل لهذه الاحتجاجات، وحثّت المجتمع الدولي على تقديم الدعم الكامل لهذه الجهود. إذ تِرِك واصل رمي المشهد السوداني بالمثير للجدل. ولكن السؤال الى اي مدىً يجد المقترح قبولاً من أهل الإقليم؟ ومدى إمكانية إجراء أو تنفيذ مثل ذلك المقترح على أرض الواقع وهل هو قانوني…؟

إزالة المتاريس

وكان رئيس مجلس نظارات البجا محمد الأمين تِرِك قال لــ”الجزيرة”، إنّ المجلس مُستعدٌ لإزالة المتاريس, ورحّب تِرِك بوساطة جنوب السودان في هذه القضية رغم عدم إخطاره بها رسمياً، كما نفى تسلمه أي اقتراح وساطة من الحزب الاتحادي في هذا المجال. ورفض تدخُّل الجبهة الثورية في قضايا شرق السودان، وقال إنّ نظارات البجا والعموديات لا تحتاج دعمًا من المكون العسكري، لكن المكون المدني كان يُريد من العسكريين إبادة شعب شرقي السودان، وفق تعبيره. وأضاف أنّ الحكومة السودانية تضربها الانشقاقات وعليها ترتيب بيتها الداخلي قبل الحديث مع نظارات البجا والعموديات المستقلة.

العودة الى القواعد

الرهان على القواعد اذا تمت الموافقة على مقترح الاستفتاء, سيكون حاسماً لحل قضية شرق السودان, ويبدو من خلال المقترح أن العناصر الداعمة للناظر تِرِك تشعر بالارتياح وتراهن على القواعد لترجيح كفة إلغاء المسار, حيث أكد وكيل ناظر الرشايدة مبارك احمد لـ(الصيحة) انهم مع المقترح بإجراء استفتاء لإلغاء مسار الشرق. وقال انهم يثقون بأن الاستفتاء اذا تم سيلغي المسار, ورأي في حال أن الاستفتاء لم يُصوِّت بإلغاء المسار, أكد أنهم سيرضون بالنتيجة مهما كانت, وقال لن نكون ديكتاتوريين, ولن نرضى بذلك, وسنقبل بالديمقراطية التي تنتج عن إجراء الاستفتاء, بيد أن الناظر دقلل اكتفى في حديث محدود لـ(الصيحة) بأن المُقترح جاء بعد مبادرات قُدِّمت لتِرِك, وواحدة من تلك المبادرات كان بإجراء استفتاء على مسار الشرق ووافقت عليها نظارة البجا.

مُعارضة الاتّفاق

ليس من السهولة تصوُّر أن يجد مُقترح تِرِك بإجراء استفتاء لإلغاء مسار الشرق هوىً في وجدان جميع أهل الشرق, ولأن القضية متعلقة بالوثيقة الدستورية, فإن المشكلة تصبح اكبر, وبالتالي كما تقول أمينة المرأة بالجبهة الثورية وعضو مؤتمر البجا المعارض ستنا محمود (الجناح المعارض لتِرِك), سيعارضون ويرفضون المقترح باعتبار أنه غير موجود في الوثيقة الدستورية. وقالت لـ(الصيحة) لا يمكن ان نأتي بشيء خارج الوثيقة وهي متعلقة بالفترة الانتقالية, وانتقدت بشدة طرح المقترح, ورأت بأنه طُرح لأغراض شخصية ولا يمت لأهل الشرق بشيء, ووصفت الحديث عن المقترح بـ(الكلام الفارغ) وبالطرح غير المقبول, لأنه غير موجود في الوثيقة الدستورية. وتساءلت هل جاء في الوثيقة اي حديث إجراء استفتاء في السودان؟ ولفتت الى وجود حركة عبد الواحد في دارفور والحلو في جنوب كردفان لم تعطلان الاتفاقية. وأكدت ستنا أن الدعوة الى مؤتمر أهل الشرق خرج منهم وهو موجود في الاتفاقية, وقالت إنهم قدموا الدعوة لكل القوى السياسية لتكوين اللجنة التحضيرية, مُبيِّناً أن تِرِك لم يحضر المؤتمر التشاوري, مؤكدة حرصهم ودعمهم للمؤتمر التشاوري.

خطٌ أحمر

نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل, يرى أن رئيس مجلس نظارات البجا يحاول إيجاد حلول ويقدم مقترحات لمشكلة الشرق, واكد في حديث لـ(الصيحة) أن هنالك نقطة لا يُمكن تجاوزها وهو إلغاء المسار والذي يُعتبر خطاً أحمر. ويرى أن تلك المعالجات لن يستطيع أهل الشرق الصبر عليها لأنها تأخذ وقتاً طويلاً لقيام الاستفتاء وحتى الوصول الى حلول, ودعا صديق لإيجاد أو طرح حلول موضوعية لقضية الشرق قائمة على التفاهم بين كل مكونات الساحة السياسية وبالتراضي بين المكونات التي لديها المصلحة الوطنية, وذلك بأن تعالج الوضع الموجود ولا يُمكن تجاوزها في الساحة. وقال (أنا ما زلت عند موقفي من إيقاف العمل في كل المسارات بما فيها مسار دارفور من أجل المصلحة الوطنية).

قبل الصدام

ويرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر بأن محمد الأمين تِرِك يمثل تياراً يرى انه يمثل الأغلبية في شرق السودان وكأنه يسعى لإعادة تعريف هوية شرق السودان على حد قوله, وقال لـ(الصيحة) إذ أن الاستفتاء واحدة من الوسائل يلجأ لها البعض عندما تصل الأمور إلى مرحلة قبل الصدام, ولكن هذه الأطروحات في واقع الأمم هو تأكيد على أن تِرِك لم يخرج من الثورة ولا عن السودان ولا ينزع إلى خارج نطاق الشرق. وقال: نقبل منه المقترح كمُقترح, ولكن مؤكد أن الاطروحات كثيرة بشأن قضايا الشرق التي لها فائدة للمنطقة, وتساءل هل الفكرة التي لها مصلحة حقيقية لحل مشكلة الشرق حتى نُحافظ على مصالح السودان؟ وقال الحل في أقرب مما نتصوّره جميعاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى