مليونية (الملازم)… عودة المتاريس!!

تقرير: النذير دفع الله
تتعدّد الأهداف والمطالبات وتظل المليونيات هي ذات الحشود التي أسقطت النظام السابق من أجل الوصول لواقع أفضل مع اليقين كاملاً بأن التجمع والتظاهر حق قانوني ودستوري وإنساني كفلته العهود والمواثيق الدولية وصادق عليها السودان، عليه لا يمكن تجاوزه أو سلبه تحت أي مبرر كان. ويظل التعامل مع الحشود من جانب القوات الشرطية والأمنية هو الفيصل الوحيد الذي يؤكد أن الثورة تسير في اتجاهها الصحيح.
وخلال المليونية الماضية التي طالبت باستكمال هياكل السلطة وسلمت مطالبها لرئيس الوزراء تم التعامل معها من جانب الشرطة بطريقة غير لائقة أو إنسانية، ويظل ذات السؤال للمرة الثانية من يعطي الأوامر لرجال الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين بهذه الطريقة، فهي ليست تظاهرات قامت فجأة وإنما تم الإعلان عنها وعن مطالبها وأماكن تحركها وهي ذات الشروط التي تطالب بها الجهات المختصة للتصديق للمظاهرات، ولكن ما يضع الكل أمام الواقع هو إلى متى هذه المليونيات ومن هو المعني بتحقيق مطالبها؟ عليه، فإن المطالبة بهيكلة المؤسسات العسكرية وإعادة المفصولين يحتم على لجنة إعادة المفصولين أن تباشر مهامها بدلاً من الآخرين وإعادة عملية الضبط والربط.
مدونات الناشطين
وجراء مطالبة البعض بإعادة المحالين للتقاعد من القوات المسلحة وفقاً للوائح وقانون الجيش، كتب عدد من الناشطين على فيسبوك بعض التعليقات ما بين مؤيد ومعارض ومتعاطف، ولكن البعض كتب عن تضامنه الكامل مع الذي أحيلوا للتقاعد خاصة أولئك الضباط الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية والحس الشعبي، لكن الموضوع أكبر من أن يُشخصن إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية وإبعادها عن التحزب هو ما يهم، أما الإحالات والترقيات فهو شأن عسكري، وتابعوا إن إقالة فرد لا يحول دون تحقيق أهداف الثورة والإبقاء على فرد بعينه لا يعني تحقيقها.
السيادي يفصح
وقال الناطق باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان عبر حسابه في فيسوك إن الملازم (محمد صديق) سيظل في صفوف قواتكم المسلحة، حارسًا لتراب بلاده ولقيم الحرية والسلام والعدالة.
الجيش يوضح
ربما هي المرة الأولى في تاريخ القوات المسلحة أن يصدر الجيش قائمة بأسماء عدد من الضباط المحالين للمعاش ومن ثم يصدر بياناً أو يعقد مؤتمراً صحافياً يبرر فيه ما قام به، فالأمر كان مختلفاً تماماً, الجيش قال إن الملازم أول (محمد صديق) أحيل للتقاعد بناء على تقارير قادته وارتكابه (3) مخالفات عسكرية تندرج تحت مخالفة الأوامر المستديمة وعدم إطاعة الأوامر حسب قانون القوات المسلحة، وشدد بيان الجيش على لسان الناطق الرسمي ما أسماها حملة شعواء صبت على القوات المسلحة وقيادتها دون علم ودراية بحقيقةالخفايا، وأشار المتحدث باسم الجيش إلى أن المخالفات العديدة التي ذكرها لم تفصل بالكامل ما جعل أمر إحالته للتقاعد أمراً حتمياً للحفاظ عليه وعلى سمعة القوات المسلحة، نافياً وجود دوافع كيدية وهذا القرار استمد من القوانين واللوائح المنظمة للعمل بالقوات المسلحة والقانون الجنائي العام.
تجمع المهنيين

على إثر ذلك خرجت جموع من المواطنين أمس مطالبين بعودة الملازم ورفاقه للخدمة، واحتشدوا وسط الخرطوم وتوجهوا ناحية القصر الجمهوري إلا أن الشرطة تعاملت معهم وأطلقت الرصاص المطاطي والبمبان، الأمر الذي خلف عدداً من الإصابات، بينما أدان تجمع المهنيين الاستخدام المفرط للعنف والقمع الذي استخدمته قوات الشرطة ضد المواكب، وشدد البيان على أن ما حدث أمس سقطة كبيرة تكشف عن استمرار توجه قيادات الشرطة وعملها بذات عقيدة النظام البائد، مؤكداً أن السلطة القائمة مالت لمصادرة حق التعبير بالطرق الوحشية، وهي ممارسات تشبه الحملات الانتقامية، تم التلويح بها مسبقاً في تصريحات عديدة من عناصر في المجلس السيادي ومجلس الوزراء تحت دعاوى تنظيم التظاهر، معلنًا أن التجمع سيقف ضد أي انتهاك أو تعدٍّ يصيب أبناءه وبناته الذين صنعوا الثورة التي لا نكوص عنها أو مصادرتها تحت أي دعاوى واهية، ودعا التجمع رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك واستناداً لسلطاته التي خولتها له الوثيقة الدستورية وقانون الشرطة بالإقالة الفورية لكل من وزير الداخلية ومدير عام الشرطة ومدير شرطة ولاية الخرطوم واستبدالهم بعناصر تنتمي لهذه الثورة المجيدة، وفتح تحقيق رسمي حول ما حدث من عنف وقمع واتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة من أمر به حتى لا يتكرر مسلسل عنف الدولة ضد المواطنين الذي انتهجه النظام الساقط، ودعا لضرورة الاستجابة الفورية لمطالب الثوار التي خرجوا من أجلها، وذلك بإعادة كافة الشرفاء من ضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة الذين انحازوا للثورة والإسراع في عملية هيكلة المؤسسة العسكرية تحت إشراف السلطة التنفيذية المدنية.

ازدواجية العدالة
فيما أوضح القيادي بتجمع المهنيين عمار محمد (للصيحة) أن البيان الذي أصدره تجمع المهنيين متوازن ويعبر عن مطالب ورأي التجمع، مضيفاً أن أي إجراء يتم ضد أي شخص داخل القوات المسلحة أو أي مؤسسة عسكرية يجب أن يتم من أجل إصلاح المؤسسة.
ولكن بيان الناطق الرسمي باسم الجيش والذي أوضح أن أحد المحالين للتعاقد تم بناء على اللوائح والقوانين المتعلقة بالقوات المسلحة، سيما وأن أحد الضباط خالف الأوامر المستديمة، فإن كبار قادة القوات المسلحة الموجودين حالياً أيضاً خالفوا الأوامر المستديمة جراء اعتقالهم الرئيس المخلوع البشير، وبالتالي ليس من العدالة محاكمة صغار الضباط وترك أولئك الكبار، مشيراً أن هنالك ظروفاً محددة دعت الشخص لمخالفة الأوامر ولكن يظل المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته، وما نريد توضيحه هو أن مثل هذه الإجراءات يجب أن تتم في إطار الإصلاح المؤسسي، وأن المليونية جاءت بناء على رد فعل معين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى