شاكر رابح يكتب: انتخابات رئيس الجمهورية.. هُبُوطٌ نَاعِمٌ

مفارقات

شاكر رابح

انتخابات رئيس الجمهورية.. هُبُوطٌ نَاعِمٌ

أثار “البوست” الذي كتبه المهندس عثمان ميرغني على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، جدلاً كثيفاً ما بين مؤيد ومعارض لما ورد في حديثه، حيث كتب: (واحدة من خيارات الحل فصل انتخابات رئاسة الجمهورية من الانتخابات البرلمانية.. لأنها لا تحتاج إلى دوائر ولا إحصاء سكاني.. تُقام الانتخابات الرئاسية في غضون ثلاثة أشهر.. بذلك يخرج مجلس السيادة من المشهد “وتنتهي الشراكة” ويتولى رئيس الجمهورية تعيين رئيس الوزراء.. هذا خرق للوثيقة الدستورية …!).

في تقديري، هذا يعني أيضاً نسف الشراكة بين صُنّاع التغيير من المدنيين والعسكريين الى حدٍّ سواء… ويعني أيضاً العودة إلى ما قبل الثورة… ويعني إلغاء ونسيان كافة المكاسب التي تحقّقت في غضون العامين السابقين من عُمر الثورة المجيدة.
وبالنظر إلى ما ورد في البوست أعلاه، هناك أسئلة ملحة تفرض نفسها، أين قدسية وسمو الوثيقة الدستورية واحترام المواثيق وكافة البيانات التي وقّعت بين أقطاب العملية السلمية؟ وأين مصير مكاسب الثورة التي تحققت في غضون العامين الماضيين؟ وما هو مصير لجنة إزالة التمكين والقرارات التي صدرت منها؟ وهل يحق للمؤتمر الوطني المُشاركة في الانتخابات الرئاسية؟ وما هي معايير رئيس الجمهورية؟ وهل كل مَن شارك في الفترة الانتقالية يحق له الترشُّح في الانتخابات الرئاسية أم سيُحرم كما ورد في الوثيقة الدستورية قبل التعديل؟ وما هي الجهة التي تُراقب وتُحاسب وتشرع للحكومة في حالة عدم انتخاب مجلس تشريعي؟ وهل يحق للجنرال الفريق أول البرهان والفريق أول حميدتي الترشح في الانتخابات الرئاسية؟ وهل مرشحو رئاسة الجمهورية ينتمون لأحزاب أم مستقلون؟ هل إجراء انتخابات الرئاسة بمعزل عن انتخابات المجلس التشريعي وولاة الولايات، هل سوف يرضي صُنّاع وشباب الثورة ولجان المقاومة وأحزاب الأربعة والقوى السياسية المختلفة؟
وهل هذه “الكلفتة” سوف تُرضي المجتمع الدولي؟ وهل انتخابات رئيس الجمهورية تأتي عبر حوار ونقاش من كافة القوى السياسية السودانية؟!

أعتقد لو أن مقترح انتخابات رئيس الجمهورية اُتّخذ بمعزل عن انتخابات المؤسسات الأخرى (المجلس التشريعي ومجالس الولايات وحكام الأقاليم والولاة)، أتى برغبة القوى السياسية الناشطة هذه الأيام، هذا يعني هبوطا ناعما ونكوصا عن المواثيق والعهود وما توافقت عليه قوى إعلان الحرية والتغيير سابقاً، أما إذا كان هذا مقترحا من المجلس السيادي، يعني بلا أدنى شك أن المكون العسكري “يبيِّت النية” ويريد الانفراد بالسُّلطة عبر قلب الطاولة على الجميع، داعمين ومُعارضين والسيطرة على الحكم عبر حكم “الفرد” وخلق ديكتاتورية جديدة.
هذا السيناريو لن يُكتب له النجاح في ظل الظروف الراهنة، الا اذا تم إجراء الإحصاء السكاني لجميع السودانيين، بما في ذلك المغتربين واللاجئين والنازحين، كذلك احصاء المواطنين داخل المناطق التي تحت سيطرة الحركات المسلحة، ثم عقب ذلك تقسيم الدوائر الجغرافية إذا أُجريت الانتخابات بالطريقة التقليدية، وأن تُجرى الانتخابات دفعة واحدة في فترة زمنية واحدة انتخابات الرئيس والمجلس التشريعي المركزي وحُكّام الأقاليم وولاة الولايات والمجالس التشريعية، الولاية والمحلية أيضاً.
أعتقد، المشهد السياسي مُعقّد للغالية ويحتاج لترتيبات وإجراءات كثيرة وحسم ملفات مهمّة وأهمها التراضي على دستوري يحدد شكل ونظام الحكم ويجيب على السؤال الملح القديم الجديد كيف يُحكم السودان؟
انتخاب رئيس الجمهورية فحسب، يعني اللجوء للحلول السهلة وتجزئة المشاكل السياسية السودانية، ممّا يُعقِّد المشهد السياسي أكثر فأكثر يستعصى معها الحل.

والله من وراء القصد وهو يهدي،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى