عصابات الشفتة.. تفلُّتات تَتَجَدّد واعتداءات تَتَمَدّد

ما بين اختطافٍ وقَتلٍ وسَرقاتٍ!!

الخرطوم: النذير دفع الله

ظَلّت عصابات الشفتة الإثيوبية المُتواجدة على الشريط الحدودي في الأراضي السودانية، تَتَمَادَى يوماً بعد يومٍ وعاماً بعد عامً في القتل والاختطاف والسرقة في ولاية القضارف والمناطق الحدودية، بل أصبح التأثير الكبير لاعتداءات مليشيات الشفتة الإثيوبية على الزراعة وحركة التجارة بين البلدين، أكثر من مليون فدان من الأراضي الزراعية تم فُقدانها جَرّاء تلك الاعتداءات، ولم تَستطع الحكومة حتى اللحظة استعادتها سَواءٌ بذات الطريقة التي أُخذت بها أو عن طريق التّفاوُض المُباشر بواسطة لجنة ترسيم الحُدُود بين البلدين، فيما سَعَت الحكومة السابقة بإرسال مجموعات من الدفاع الشعبي لزراعة المنطقة الحدودية، وهو مَا حذّر منه المُزارعون في المنطقة الحدودية من أن يُؤدي إلى تفاقُم الأوضاع الأمنية وفشل المُوسم الزراعي، ولكن ظلّت تلك المجموعات تقوم بمُناوشات هُنا وهُناك خَاصّةً في مُوسم الخريف مِمّا يُؤكِّد أنّ تلك المجموعات لديها هَدفٌ مُحَددٌ تَسعى لتحقيقه في المنطقة الحُدودية هو زعزعة الاستقرار ومَنع المُزارعين السُّودانيين من زراعة تلك الأراضي وهو ما يطرح سؤالاً جوهرياً مَن يدعم تلك العصابات؟.

مجموعات مُنَظّمة

الاقتصادي والمُهتم بقضايا الهجرة والسُّكّان إبراهيم الكناني أوضح لـ(الصيحة) أنّ مجموعات الشفتة ليست مجموعات عشوائية، وإنما هي مُنَظّمة وقد نجحت كثيراً في الاستيلاء على عدد من الأراضي داخل الحدود السودانية، مُشيراً إلى أن النظام السابق ساعد كثيراً في تلك المُمارسات الخَاطئة المُتعلِّقة بتجارة البشر وغيرها، وضُلُوع شخصيات بعينها في تلك المُمارسات، وقال الكناني: عندما نُريد الحديث عن مُكوِّن أجنبي يجب الحديث عنه دُون تحفُّظٍ لعدم وجود أية علاقة تربطنا به، وأعرب الكناني عن وجود عملٍ استخباراتي من بعض الدول الحُدودية لتهجير مَجموعات مُحَدّدة من أراضيها ليستوطنوا في الأراضي السودانية القريبة من الحدود، بل منحوا أموالاً ضخمة من أجل ذلك العمل مِمّا كان له نتاجٌ لوجود تلك المُعسكرات في ود شريفي وغيرها، وكشف الكناني عن وُجُود تَدفُّق غير مَسبوقٍ للاجئين في ولاية كسلا يُقدّر بحوالي ثلاثة آلاف لاجئ وهو ما خلق إشكالية في كسلا حالياً، مُنبِّهاً أنّ تلك المجموعات تُمارس عملية الإتجار بالبشر بطريقةٍ مُنَظّمةٍ على تلك الحدود السودانية، وشدد الكناني أنه لا بُدّ للأجهزة الأمنية الموجودة على شريط الحدود السودانية الإثيوبية أن تُراقب قُوّاتها ومجموعاتها ومنع أيِّ خللٍ في تلك المناطق يُساعد في دخول مجموعات كبيرة من اللاجئين بطريقةٍ غير شرعيةٍ، وطالب الكناني الدولة والحكومة المُقبلة بالعمل في السجل مرة أخرى لتحديد من هو السوداني وعدم التّساهُل في منح الجنسية، وزاد: ما زالت لدينا إشكالية في مسألة الهوية وفصل الحدود السودانية والفصل في الأراضي السودانية، مُؤكِّداً أنّ اللجنة السودانية للحدود تعمل لأكثر من عشرين عاماً ولم تصل لشئٍ، سيما وأن الإثيوبيين مُقرِّون بتلك الحدود، ولكن يقومون بتعزيز وجودهم كل عام بواسطة الشفتة، وأقرّ الكناني أن النظام البائد ساعد كثيراً في فك تلك الحدود لدخول الإثيوبيين الى السودان، مُطالباً المجلس العسكري الحالي بوضع قوات على طول الحدود ومنع المُمارسات السلبية من تجارة البشر والمُخَدّرَات وغيرها، وطَرد الوجود الإثيوبي من الحدود السودانية مُبَاشَرةً.

فوضى الحدود

الخبير العسكري اللواء (م) يونس محمود قال لـ(الصيحة)، إنّ حسم الأمر المُتعلِّق بعصابات الشفتة، تُوجد نظرية عسكرية تُعرف بنظرية (السهل والجبل)، وهي نظرية قديمة ومعروفة تتعلّق بوجود أيِّ شخص في أعلى الجبال لا بُدّ أن ينزل أرضاً من أجل الحصول على المأكل والمشرب، مُضيفاً أن الواقع الجُغرافي والديمغرافي والأمني والسياسي هي حقيقة قائمة منذ زمنٍ بعيدٍ شَكّلَت هذا الواقع الإثيوبي لتلك المجموعات، وأشار يونس إلى أنّ الدول دائماً ما تُؤتى وتُؤكل من أطرافها، لذلك فإنه من الفطنة إحداث تنمية في تلك المناطق الطرفية والحدودية، وهو ما تقوم به دائماً الدول المُدركة لهذا الأمر من توطين الخدمات اللازمة حتى يكونوا متاريس لتلك الحُدُود وحُرّاساً لها دون التأثير عليهم، وأقرّ يونس عن وجود تقصيرٍ واضحٍ من الدولة السودانية في مسألة الحدود، كاشفاً أنه في واحدة من المُفاوضات بين الجانبين السوداني والإثيوبي في بعض الجلسات الخارجية، تَحَدّثَ الإثيوبيون أن تلك الأرض خالية، وقالوا: ماذا يمنع إن منحتمونا تلك الأرض لزراعتها، بل أكثر من ذلك عندما تحدث الرئيس السابق البشير في واحدةٍ من لقاءاته لا مانع من إعطاء تلك الأرض للإثيوبيين لزراعتها أو تأجيرها لهم بشرط، بعد تثبيت أحقية تلك الأرض وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، مُوضِّحاً أنه من الضرورة بمكان ترسيم تلك الأرض والحدود لمعرفة أيِّ طرفٍ بحدوده، وأكّد يونس أن الإثيوبيين الآن موجودون في جبل حلاوة وما بعده غرب جبل حلاوة بكيلومترات بعيدة يقطنون تلك الأرض بأسرهم، ويعيشون حياتهم بصورة طبيعية داخل الأراضي السودانية ليس بوصفهم لاجئين، وإنّما مُواطنين إثيوبيين يُمَارسون حقّهم الاعتيادي، مُشَدّداً انّ مجموعات الشفتة عبارة عن عَملٍ مُنَظّمٍ من وراء ستار وليس مجموعة عفوية تظهر للسلب أو النهب بقدر ما هي أعمالٌ مقصودةٌ لذاتها حتى تَضع خلخلة لعدم استقرار في تلك الحُدُود بهدف تنفيذ المَشروع الإثيوبي بصُورٍ مُختلفة، وطالب يونس بضرورة مُخاطبة تلك القضايا بعمقٍ كبيرٍ بالجلوس في ترسيم الحدود والسيطرة سيادياً على الأرض، ومِن ثَمّ التّعامُل بالحسنى مع الجار مع معرفته التامة أنّ تلك الأرض سودانية، مُنبِّهاً إلى أنّ الفوضى الجارية الآن أعطت أثيوبيا الادعاء بملكية تلك الأراضي، مُقللاً من دور لجنة الحدود لعدم رفعها خريطة الحدود بين إثيوبيا والسودان حتى اللحظة، كاشفاً أن الواقع الحالي لتلك الحدود لا يناقش بهذه السطحية في التعامل العسكري والأمني .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى